مرت مراحل الحرب الباردة بين أمريكا وروسيا - التي كانت تسمى الاتحاد السوفيتي بأربع مراحل :
مرحلة المواجهة : وكان أبرزها امتلاك روسيا للسلاح النووي والقنبلة الهيدروجينية ، وامتداد الصراع إلى أسيا وبروز أزمة الصين الهندية ..
والثانية مرحلة التعايش السلمي : في عصر خور تشوف ، وما أعقبها من مؤتمرات تثبت أركان الندية ..
والمرحلة الثالثة : مرحلة الوفاق : زمن جيمي كارتر الذي قرر التوافق مع الروس للخروج من أزمة فيتنام ، وخشيته من كارثة نووية ..
والمرحلة الرابعة : مرحلة تراجع الوفاق : وفى هذه المرحلة تقلب الوقف الأمريكي ، وبدأت بالتدخل في الدول الحليفة للاتحاد السوفيتي ، وخاصة جزيرة جرينادا ، وما تبعه من فرض أمريكا لعقوبات علنية وخفية ضد الروس ، ومنع تصدير الحبوب بالإضافة لإشعالها حرب النجوم ، كل ذلك كان مؤشر إلى بداية انهيار الاتحاد السوفيتي ، وانهيار المنظومة الغذائية فيه ، واتبع كل ذلك الإعلان عن انهيارا لاتحاد السوفيتي ثم انتهاء مرحلة الحرب الباردة في مؤتمر باريس 1991 م .
بالرغم مما سبق ، إلا أن روسيا لا زالت تمتلك مفاتيح إستراتيجية سياسية وعسكرية تمكنها من لعب دورها الاقليمى من جديد ، ولكنها عاجزة بشكل غير مبرر ، وممكن قراءة ذلك من خلال التطورات التالية :
- روسيا رغم أنها استطاعت وقف أي تهديد ضد إيران مرحلياً ،إلا أنها عجزت في إيقاف الحرب على الدول العربية مثل العراق وليبيا وسوريا حاليا ..
- روسيا عارضت وبشده ضرب العراق دون قرار دولي في 2003 ، ونفس السياق تعارض اليوم ضرب سوريا في 2013 ، والمشهد يتكرر و السوريين ينظرون ضربة العسكرية ، بنفس سيناريو العراق ، وأصبح التساؤل إلى متى نعطي أمريكا الضوء الأخضر لضرب الحصينات العربية ؟ وما الصديق الذي نركن ظهورنا له في ظل انقسام العالم إلى قسمين الأوروبي وحلفائهم بقيادة الولايات المتحدة وآخر بقيادة روسيا والصين وحلفائهم..
- بعد تهديدات أطلقتها أمريكا وحلفائها الغربيين نقلت وكالة ايتار تاس في 25 أغسطس 2002 وعلى لسان الكرملين ، تقول إن روسيا متمسكة بضرورة صدور قرار عن مجلس الأمن الدولي بشأن عملية عسكرية أميركية ضد العراق ، ونقلت الوكالة حينها عن الكرملين أن «الموقف الرسمي لروسيا ثابت في ما يتعلق باحتمال توجيه ضربة عسكرية أميركية للعراق ، وتابع الخبر على ان مثل هذه المسائل يجب ان تسوى بطريقة مناسبة ينبغي صدور قرار عن مجلس الأمن الدولي ..
وخلال أسابيع ماضية من إعلان الكرملين آنذاك ، دعت موسكو -التي تعارض توجيه ضربة لإسقاط النظام العراقي - الولايات المتحدة إلى تقديم أدلة على أن العراق يمثل تهديدا يتطلب تدخلا عسكريا ..
- أمريكا أدارت ظهرها للروس وشنت حرب على العراق ،وأطاحت بالنظام العراقي بعيدا عن إرهاصات و مطالب الروس بعدم التدخل ،أو شن حرب على العراق في 2003 ، وأمريكا تدخلت خارج إطار المجتمع الدولي ،وضربت العراق ، ظل بعدها العراق والى اليوم تحت رحمة الحروب الطائفية والمناطقية والانقسامات.، وهذا والمخطط الصهيوامريكى المرسوم للخارطة السورية المستقبلية ..
- وفي مؤتمر صحفي وبالتحديد 9/3/2011 أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن بلاده تعارض التدخل العسكري الخارجي في ليبيا، وان موقف بلاده الثابت من الشأن الليبي قائلاً “إن روسيا تعارض التدخل الأجنبي وخاصة العسكري وسيلة لحل الأزمة في ليبيا”، مضيفًا أن “على الليبيين أن يحلوا مشاكلهم بأنفسهم، إلا إن أمريكا وحلفائها شنت حرباً ظالمة ضد ليبيا وأطاحوا بالنظام الليبي بقيادة العقيد معمر ألقذافي ، كما أطاحوا في السابق بالزعيم العراقي صدام حسين ..
- اليوم يتكرر المشهد السياسي في خوض معركة حاسمة مع سوريا في غضون أسابيع أو أيام من قبل أمريكا ، رغم معارضة روسيا إلا إن الواقع ستفرضه الدولة العظمى الولايات المتحدة وحليفتها الإستراتيجية في الشرق الأوسط ، مثل السعودية التي تعارض النظام السوري الحالي بقيادة بشار حافظ الأسد ، خاصة بعد إن أعلنت الحليفة الثانية والإستراتيجية لأمريكا في الشرق الأوسط إسرائيل ، وبشكل تكتيكي متفق عليه ، بعدم التدخل في الشأن السوري الداخلي ، إلا إن المؤشرات الحالية تؤكد بشن ضربة عسكرية ضد سوريا محتملة في الأيام القادمة ، إسرائيل ستكون طرف لوجستى مؤثر فيه ..
تأسيسا لما سبق نرى ليس أمام العرب إلا خيار المواجهة ، واستغلال مفاتيحنا الإستراتيجية ، وإغلاق الأبواب الاقتصادية والمنافذ البحرية ، وإسقاط كافة الحكومات الرجعية لننفض عنا غبار الذل والتبعية ، ونخرج كرامتنا من قبرها التي وأدت بأيدي سلالات عربية جديدة مشوهة ..
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت