الأقنعة تسقط والقطب الثالث يقوى

بقلم: محمد القيق


بين الغرب والشرق وحالة القطبين يخرج إلى الأفق القطب الثالث وهو ما يحاول دائما القطبان وصفه بالإرهاب حتى لا يرى النور، ففي سوريا النازفة ومصر المختطفة هناك تجسيد لمرحلة متقلبة يصفق فيها بعض الأطراف فرحا بانتصار على عدو وليس صدفة أن يكون العدو للجهتين واحد؛ إنه صوت الشعوب المقهورة التي قررت أن يمثلها الإسلاميون، ورغم أن التجربة كانت مصغرة في فلسطين ووأدها الأمريكان في حينها بعد فوز كاسح لحماس في الانتخابات وما سبقها في تركيا قبل الاستقرار الديمقراطي والجزائر غير أنها تكررت بعد الثورة المصرية وما النتيجة التي أفرزتها الانتخابات النزيهة إلا بداية الفصل الأخير في الحكاية بخروج القطب الثالث الذي اتفق الغرب والشرق والأعراب على محاربته وجها لوجه.
متغيرات لم يحسبها قطبا العالم :
1-
قدرة الشعوب العربية على الثورة ضد الظلم والقهر والاستبداد، وهذا ما كان واضحا في مصر وتونس وليبيا واليمن وسوريا حيث كانت لغة الثورة تتغير بتغير آلة القمع المقابلة .
2-
وعي الشعوب العربية الذي لم تنطلِ عليه مسرحيات سواء إعلامية أو عسكرية أو أمنية كما الانقلاب في مصر وصفة الممانعة والمقاومة التي تقنع بها الجزار بشار والحروب الوهمية التي تمت مع الاحتلال، والوعي تجسد في الاستمرار والديمومة في الحياة الثورية.
3-
حالة الالتفاف الجماهيري حول الشرعية في مصر والثورة في سوريا، ما يعني أن قدرة للشعوب العربية على تجاوز الصدمات والإصرار على وصول الهدف الذي إن حققوه ذهبت مصالح الغرب والشرق وأذنابهم أدراج الرياح، وتجلى ذلك في مجازر الجزار بشار في درعا وحلب والغوطتين والكيماوي كما مجازر السيسي في رابعة والنهضة والحرس الجمهوري كما قبلهم القذافي في ليبيا والطالح في اليمن.
تصرفات تدلل على الإفلاس:
1-
دعم الانقلاب في مصر وصراع القطبين على إسناده بطريقته الخاصة أزال الكثير من الأقنعة عن عملاء تلك الجهات كما عزز مطالب الشعوب بحريتها.
2-
حالة التناقض السياسي الذي تعيشه دول الخليج وسوريا والأردن في ظل أوامر متضاربة تارة بدعم الثورة في سوريا وأخرى بمحاربتها كما في مصر من دعم للسيسي والتخلي عنه، ما يعني أن هذا جعل قناعة لدى الشعوب بأن النصر لا يأتي إلا من الداخل وهذا يتجلى في تقدم الثوار في سوريا ومخاوف من رسم الخريطة ببصماتهم.
3-
جعل أمن الاحتلال الصهيوني أولوية مخططات كتم الصوت العربي الحر ولجم الشعوب كانت سمة الفشل في سياسة الروس والأمريكان حتى وصل الحال إلى أن تتم تعرية الضربة المحتملة إلى سوريا وكشفها على أنها مسرحية لا يراد منها أطراف المعادلة كما الأسد أن يزال من المشهد وهذا يدلل على توافق الروس مع الغرب في ذلك واستهداف تركيا وغزة على طريق التخطيط ورغم ذلك بدأ فشله قبل ولادته على يد الشعوب التي تريد الحرية.
الآن يتم الاتفاق دوليا على أن تعود مصر وسوريا وتركيا إلى مربع التبعية وأن لا تكون أساسا لبناء وتأسيس الطرف الثالث الذي في اعتقادي أنه يقوى ويشتد عوده، وإن استمر على ذلك فإن أمريكا لن يكون لها حضور خلال الفترة القريبة كما أن الروس سيعودون إلى موقعهم الطبيعي الذي أفرزته الحرب العالمية الثانية ونكسة الانهيار لاتحادهم 1993.
في الأروقة صراع روسي أمريكي في مصر وسوريا رغم الاتفاق بينهما على مهاجمة القطب الثالث المتنامي، وبالتالي مصلحة الغرب والشرق في القضاء على الإسلاميين وحكمهم قبل أن يمتد وهذا لن يبقي للقطبين فسحة في العالم لما للتاريخ من بصمات في ذلك ولعل كابوس الخلافة والدولة العثمانية لم يغادر عقول قادة تلك الدول حتى الأعراب منهم المتأسلمين.
وعلى وقع تلك الصفقات الرخيصة تسال دماء الشعوب وتزهق الأرواح وترتكب المجازر ويقال في فترة من الفترات إن ضميرا غربيا استيقظ، وهذه خدعة ومن ينتظر نصرا من الغرب على باطل فالحق لا ينتصر بدعم باطل لأن الغرب والشرق سفكوا ما سفكوا من دماء المسلمين وإن ابتعدت الجغرافيا غير أن الهدف واحد، ومع ذلك فالمرحلة المقبلة ستشهد تطورات كثيرة وتزال الأقنعة عن دول وأحزاب حتى فلسطينية وإسلامية في المنطقة لأن الحديث عن القطب الثالث وقوته لا يأتي تزامنا مع استمرار النفاق السياسي وصفقات المتاجرة بالمواقف.
وفي المحصلة غرقت أدوات القطبين لقيادة العرب والمسلمين في الفساد والفشل الإداري والسياسي والرشوة والظلم والاستبداد؛ وخلق أي بديل لتدارك الموقف لن ينجح قبل عقود مهما سخرت لأجلها قوة مالية وعسكرية وأمنية، وهذا يعني أن الإسلاميين هم الذين سيقودون المرحلة وإن استمرت فكرة الانقلابات العسكرية بحق إرادة الشعوب فسيفتح المجال أمام تطورات تسرع في لجم الغرب والشرق وتقوي الإرادة الشعبية.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت