تسخن الأجواء في المنطقة العربية من ساعة إلى أخري بعد قرار اوباما توجيه ضربة عسكرية لسوريا وكأن التاريخ يعيد نفسه أبان الحرب على العراق ببعض من الاختلاف ولم ينسي العالم العربي النزعة العدائية الامريكية ولا الحقد على العالم العربي القديم الحديث فالخارطة التي بدا بتنفيذها بوش الابن مازالت تنفذ حتى الآن دون ورع ولا خوف ولا خجل من التاريخ , وسخونة الأجواء تلهب المنطقة بشكل سريع جدا وخاصة أن أمريكا اتخذت القرار من قبل لكن لم تتخذ قرار بحجم الضربة العسكرية ولا ساعة الصفر حتى اللحظة مع أنها تقول أنها ضربة ذات أهداف محدد ولن ترسل جنودها لتحارب على الأرض , ومع سخونة الأجواء بالطبع فان الدولة الثرثارة العنصرية بالمنطقة والتي يعتقد أنها ستكون وجهة الرد السوري وتحالفه في حالة ما نفذت تهديدات أمريكا وحلفائها تتخذ من الإجراءات الوقائية والحربية فتحشد في الجولان والحدود مع سوريا ترسانة أسلحة كاملة و تحصن مطاراتها وقلاعها لتوحي بأنها الدولة التي يهدد أمنها كل حين وكل حدث , والدولة التي يريد العرب إبادتها والتخلص منها .
عندما تهرول أمريكا إلى الحرب من جديد فان هذا يعني أن هناك ثمن لهذه الحرب ,فثمنه ليس الديمقراطية ولا حقوق الإنسان ,ولا البترول ,ولا امن إسرائيل فقط فثمنه خارطة جديدة للشرق الأوسط ,وعندما تخاطر أمريكا بأمن واستقرار المنطقة فأنها تلبي رغبة الطموح الصهيوني من خلال الخارطة السياسية الجديدة للشرق الأوسط , واعتقد أن الحملة العسكرية ستستمر بالشرق الأوسط لتطال كل الدول والأنظمة التي تعارض أمريكا وحلفائها , وهرولة أمريكا للحرب من جديد ليس بسبب أو لذريعة استخدام الكيماوي في سوريا ,بل لان سوريا انتهت صلاحية كيانها السياسي وانتهت كدولة واحدة موحدة منذ إن دفعت الأموال للمعارضة لتتسلح , ولان سوريا واحة للسلاح الروسي التقليدي والذي لا يمكن الصمت عليه طويلا فقرروا إضعاف سوريا بالاقتتال الداخلي و النزاع الطائفي ,ومن ثم تفتيت المعسكر الروسي في المنطقة بالكامل, وعندما تهرول أمريكا للحرب من جديد فأنها تعرف ما الذي ستفعله بالضبط لمستقبل سوريا والتحالف ,وما الخارطة الجيوسياسية الجديدة التي ستطبق على الأرض .
قد لا يعنى أمريكا وحلفائها خطورة الحرب الجديدة و تكلفتها البشرية حتى تنجز برنامجها الفوضوي التقسيمي الجديد و ترسم خارطتها , ولا يهمها ما ينتظر الجيش الأمريكي المحمول بالطائرات والبوارج التي تحتشد بالبحر المتوسط نار لا يقدر حجمها هذه المرة و تطرب فقط لرقص المعاضة السورية وحلفائها على هدير البوارج وأزيز الطائرات , وبعض من الدول التي تتزعم الفوضى بالعالم العربي وتعبث بسلامة وامن المنطقة كلها تدفع فاتورة الحرب الآن بالإضافة إلى أنها جندت بالكامل أمرائها وحكامها وشيوخها ودعاتها لصالح المستعمر والمحتل الامبريالي الجديد , نعم لا نؤيد ما يقوم به بشار الأسد ونظامه المجرم وندين استخدام الأسلحة الكيماوية في سوريا والتي قتلت الأطفال والنساء والشيوخ , لكن لا يعنى هذا أن نسهل و نوافق على تدخل الغرب عسكريا في بلادنا ليضرب بالقنابل والصواريخ والأسلحة المحرمة دوليا أطفال وشيوخ ونساء سوريا العربية , لذالك نتساءل هل انتهت كل أساليب التدخل السلمي لإنهاء الأزمة في سوريا ..؟ وهل سلبت كل ادوار الهيئات الأممية والعربية لإنهاء الأزمة...؟ .
جون كيري وزير الخارجية الأمريكي يقول "يعتقد انه يجب أن تكون هناك مساءلة للذين يريدون استخدام الأسلحة البشعة في العالم ضد الأشخاص الأكثر ضعفا في العالم." و يعلق جاي كارنى الناطق باسم البيت الأبيض على هذا الكلام بأنه "ليس هناك شك يذكر في أذهاننا، أن النظام السوري يستحق العقاب". أي أن الأمريكان يعتقدوا أنهم أصحاب اليد الطويلة والقوة التي لا تواجه, وهى الدولة الوحيدة بالعالم التي تقرر من تعاقب ولماذا تعاقب وكيف تعاقب والعقاب الذي تتحدث عنه عقاب بالنار ,عقاب بالحرب ,عقاب بالمدافع و القنابل والصواريخ البالستية ولا يعلم "جاي كارنى" انه قد يعاقب نفسه لان الحرب عادة ما تقتل صاحبها و تضعف جبهته ,والأمس يقول اوباما أن لدية القرار وحده لضرب سوريا دون انتظار قرار مجلس الأمن إلا انه عاد اليوم ليستمع نقاشات الكونجرس الأمريكي , في محاولة لإشراك الشعب الأمريكي تبعات هذه الحرب ,واعتقد أنها ستكون ضربة قاسية قاسمة وليس تجميليه لتدمر السلاح المخيف الذي يمتلكه الأسد فقط وإنما إضعاف سيطرة نظام الأسد على سوريا والذي يزعم انه يهدد أصدقاء أمريكا بالشرق الأوسط ,وهذا واجب النظام الدولي الذي تتزعمه أمريكا اليوم كما يدعي اوباما .
العقاب واجب لمن يرتكب جرائم بحق الإنسانية بأي بقعة بالعالم واتجاه أي نظام بالعالم لكن بالشرعية الدولية وليس بقرار منفرد من هذا وذاك وعبر مجلس الأمن وبالطريقة التي يحددها العالم من خلال هيئاته الأممية ليتحمل العالم كله مسؤولية هذا العقاب وتبعاته , والمساواة في العقاب عدالة والعدالة في العقاب قانون دولي يحترم لكن استخدام السلاح المدمر والسلاح الغير تقليدي في العقاب يعتبر نوع من الإجرام الذي يباح باسم حماية الإنسان الضعيف , ولعل هناك العديد من الأساليب والطرق التي يمكن أن تعاقب بها سوريا والنظام السوري أو أي نظام أجرم بالعالم بعيدا عن الدم والقتل والتدمير لان الحرب لا تأتى إلا بحرب والقتل لا يأتي إلا بقتل والتدمير يتبعه تدمير ونقول سهلا أن تعلن أمريكا حربا وتخوضها لكن صعبا عليها إنهائها.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت