لقائي الأول مع وزير الصحة الفلسطيني السابق د. فتحي ابو مغلي (سؤال وجواب )

بقلم: شادي المصري

لأول مرة يتم فى عالم الاعلام والصحافة عمل لقاء صحفي بين مسؤول واعلامي من خلال مواقع التواصل الاجتماعي وبالتحديد الفيس بوك ,,, فقمت بتوجيه العديد من التساؤلات والموضوعات على وزير الصحة الفلسطيني السابق الدكتور فتحي ابو مغلي والذي رحب وبادر شخصيا بقبول تلك الفكرة وفتح صدره لي وشكرني على ذلك الطرح وتوجهت له بأكثر من سؤال حول الواقع الصحي وسبل التطوير للعمل الصحي والعديد من الملفات التى تؤرق المرضي والمواطن الفلسطيني والتى هي بحاجة لحل وطبعا الاسئلة كانت عن مسؤوليته خلال فترة توليه الوزارة وحتي الطريقة التى ينظر بها الى الوضع الصحي الان وكيفية النهوض بتلك الملفات من اجل واقع صحي افضل,,,,
تلك محاولة لكسر الحواجز التى فرضها الاحتلال ومنعنا من التواصل مع المسؤولين بالضفة الغربية وايضا طريثة من خلالها نقوم بتوصيل معاناة كل ابناء الشعب الفلسطيني لجهات الاختصاص ومواقع اتخاذ القرار ,,,,ونبدا اللقاء مع الوزير السابق الدكتور فتحي ابو مغلي ,,,

أولا :: كيف تري الوضع الصحي الان بالاراضي الفلسطينية وطريقة تعامل الوزارة مع ذلك ؟؟
لا يخفى على احد ان السلطة الوطنية الفلسطينية قد ورثت عن الاحتلال الاسرائيلي نظاما" صحيا" مشوها"، ملحقا" بالنظام الصحي الاسرائيلي، فقامت السلطة بوضع اول خطة استراتيجية لتطوير الخدمات الصحية عام 1994 ، ولقد تعاقب على وزارة الصحة حتى الان عشرة وزراء وكل كان له رؤيته واداءه ، واحمد الله انني منحت الفرصة كوزير للصحة لمدة خمسة اعوام متتالية فكان بمقدوري ان اضع مع زملائي في الوزارة الخطط التطويرية اللازمة وان اتابع تنفيذها وارى نتائج العمل، لقد وضعنا خلال وجودي وزيرا" للصحة خطتين استراتيجيتين طموحتين تم تنفيذ معظم ما جاء فيهما وضمن الامكانات المالية المتاحة وساعدتنا المنح والمساعدات الاجنبية من اليابان والولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي وايطاليا وفرنسا والبرازيل وكوريا والنرويج وبلجيكا وصندوق التنمية الاسلامي وصندوق الاقصى ومنح من عمان والامارات والبحرين وتركيا والكويت على تنفيذ العديد من المشاريع الطموحة اللازمة لاستكمال البنى التحتية اللازمة لتطوير القطاع الصحي. فلقد بنينا خلال خمس سنوات ثلاث مستشفيات وخمسين عيادة ورممنا ووسعنا معظم المستشفيات وخاصة في المحافظات الشمالية كما طورنا برنامج الاختصاص في المجلس الطبي الفلسطيني وهناك الان اكثر من 800 طبيب يتدربون في مختلف الاختصاصات داخل مستشفيات الوطن، كما انشأنا بنك دم وطني ومعهد للصحة العامة ومركز وطني للامراض المزمنة. حققنا شراكة مع القطاع الخاص وعززنا النظام التحويلي لمستشفيات القدس.

ثانيا :: كيف تري سبل الوقاية وطريقة تعامل الوزارة مع الامراض والاوبئة وخصوصا انفلونزا الخنازير وبعض الامراض الاخري المنتشرة عالميا والتى بحاجة لتركيز واهتمام من قبل سيادتكم وهنا اتحدث عن فترة تواجدكم بالوزارة ؟؟؟
وزارة الصحة تعمل ضمن خطط وبروتوكولات معتمدة من منظمة الصحة العالمية بما يتعلق بالتعامل مع الامراض المعدية والاوبئة ونلتزم بمعايير عالمية وحققنا مؤشرات متقدمة حيث وصلت نسبة التغطية بالمطاعيم للاطفال ضد الامراض المعدية الى 100%. اما بما يتعلق بانفلونزا الخنازير فقد شهدت منظمة الصحة العالمية على صحة وسلامة استراتيجيتنا للتعامل مع الوباء حيث تمكنا من اجراء الفحوصات اللازمة للمشتبه باصابتهم وقدمنا المطاعيم لكافة المواطنين والعلاجات للمصابين وتمكنا من السيطرة على الوباء بشكل نموذجي.

ثالثا :: ما هي الانجازات التى استطعت تحقيقها طيلة السنوات التي تواجدت بها بوزارة الصحة الفلسطينية ؟؟
عملنا خلال فترة تكليفي وخلال خمس سنوات على تحقيق رؤية طموحة للنظام الصحي عمادها ثلاث اهداف: الاول اعمال الحق في الوصول الى خدمات صحية لكافة المواطنين والثاني ضمان جودة ومأمونية الخدمة المقدمة والثالث ضمان استدامة الخدمات المقدمة. وقد نجحنا كما ذكرت سابقا" في استكمال شبكة الخدمات الصحية بحيث عملنا على توفير عيادة صحية في كل تجمع سكاني كما عملنا على توفير مستشفى في كل مركز محافظة دربنا اعداد كبيرة من الاطباء واطباء الاختصاص ومن الكوادر التمريضية والفنية الاخرى ومن الاداريين ولا زال هناك الكثير مما يجب عمله من اجل النهوض بمستوى الخدمات الصحية بالشكل الذي يليق بالمواطن الفلسطيني ويرقى لمستوى طموحاته وتضحياته. ان شح الامكانات المالية شكل عائق اساسي امام قدرتنا على العمل وضمان مستوى الجودة وخاصة توفير الادوية المطلوبة باستمرار وهذا يقتضي وجود نظام تأمين صحي الزامي وقد انجزنا مشروع القانون وما يعيق اعتماده وتطبيقه هو غياب المجلس التشريعي.

رابعا :: كيف تعاملتم مع قطاع غزة وكم هي النسبة التى يحتاجها من الدواء شهريا وتكلفته ولماذا يكون هناك شكوى مستمرة من عدم ايصال بعض العقاقير المتعلقة ببعض الامراض كالسرطان والربو ؟؟
رغم الوضع الشاذ الذي يحيط بالوضع في قطاع غزة نتيجة الانقسام وكذلك بسبب الحصار الاسرائيلي فقد حاولنا قدر الامكان تجاوز الخلافات السياسية والعمل مع الفنيين في قطاع غزة من اجل رصد الوضع الصحي في القطاع وايصال الادوية واستمرار نظام تحويل المرضى ممن لا يتوفر لهم علاج داخل القطاع. اما فيما يتعلق بالشكوى من نقص بعض الادوية غالية الثمن وخاصة خلال العامين السابقين فهذا عائد الى الوضع الاقتصادي السيء الذي تعاني منه السلطة بشكل عام، كما انه ومع التزامنا بتقديم كل ما يمكن وما هو لازم الى مرافقنا الصحية في القطاع الا اننا لم نكن قادرين على الحصول على بيانات حول ما يصل غزة من ادوية واجهزة ومعدات من جهات مانحة عديدة بسبب تعنت حكومة الامر الواقع كما اننا لا نستطيع للاسف رصد المؤشرات الصحية في قطاع غزة لنفس الاسباب وهذا امر هام وخطير.
خامسا :: ما الاسباب التى تجعل هناك زيادة مضطردة بحالات وفاة المرضي باخطاء طبية واين هي التحقيقات كانت ولماذا كانت تهمش ؟؟ الخطأ الطبي موجود في جميع دول العالم وفي كافة الانظمة الصحية وهو خطأ انساني متوقع وله نسب عالمية مقبولة وما يحدث في فلسطين هو ضمن النسب العالمية المقبولة لكن للاسف هناك بعض الاصوات التي ترتفع هنا او هناك لاسباب سياسية تعمل على تضخيم الامور، نحن نحاسب على الاهمال والتقصير وهناك لجان تحقيق بمستويات مختلفة تعمل على رصد الاخطاء الطبية والتحقيق بها ونقوم باتخاذ الاجراءات اللازمة ضد كل من يرتكب خطأ طبي ناتج عن تقصير او اهمال.
سادسا :: ما هي نظرتك وعلى أي اسس اعتمدت فى العمل داخل اركان وزارة الصحة وكيف الية الرقابة على المشافي والعيادات ؟؟
بداية قمنا بتشكيل وحدة التخطيط في الوزارة ورفدناها بالكوادر الوطنية الشابة والكفوءة واستعنا بمستشارين من منظمة الصحة العالمية، بعد ذلك طرحنا رؤيانا التي ذكرت سابقا" من اجل تحقيق الوصول لخدمات صحية ذات جودة عالية وامنة ومستدامة، شكلنا مجلس للتخطيط والسياسات بمشاركة كافة المعنيين بالقطاع الصحي اضافة لوزارة الصحة، ممثلين عن الخدمات الطبية العسكرية والمنظمات الصحية الاهلية والهلال الاحمر الفلسطيني ومستشفيات القدس وجمعية اصحاب المستشفيات الخاصة ونقابة الاطباء، كما نشطنا عمل مجموعة العمل القطاعي المكونة من مجموع الجهات المانحة المعنية بدعم القطاع الصحي. كما قمنا بعقد اربع مؤتمرات صحية وطنية بمشاركة واسعة من كافة الجهات ذات العلاقة عرضنا من خلالها افكارنا وتلقينا اراء وتوصيات افادتنا جدا" في صياغة سياساتنا الصحية ، فمثلا" كان موضوع المؤتمر الاول " الحق في الصحة" وموضوع المؤتمر الثاني " وفيات الامهات" والمؤتمر الثالث " جودة الخدمات الصحية والمؤتمر الرابع كان حول " الامراض المزمنة غير السارية". كما قمنا بانجاز دراسات مسحية وتحديدا" حول عوامل الاختطار المتعلقة بالامراض المزمنة وانجزنا دراسة نوعية حول كلفة الخدمات الصحية في القطاع الحكومي وبالشراكة مع الجهاز المركزي للاحصاء الفلسطيني طورنا نظام تقارير الحسابات الوطنية للصحة. كل الجهود السابقة ساهمت وساعدت في ادارة افضل للقطاع الصحي وفي بناء رؤى اسلم للنظام الصحي الذي نريد كشعب وبما يحقق الوصول الى افضل الخدمات باقل كلفة. اما فيما يتعلق بالنظام الرقابي على المشافي وانا هنا اتكلم تحديدا" عن الضفة الغربية بدون قطاع غزة التي لا نسيطر على ادارة الخدمات فيه وبدون القدس بسبب اجراءات الاحتلال، فقد طورنا الادارة العامة للرقابة الداخلية وزودناها بالكوادر والتدريب اللازمين لكن اقول بكل صراحة اننا لا نزال في بداية الطريق ونحتاج لعمل الكثير من اجل الرقي بمستوى الاداء في مستشفياتنا واهم مشكلة نعاني منها هو عدم تفرغ اطباء الاختصاص لعملهم في مستشفيات الحكومة مع ان هذا العمل خارج اطار الوظيفة الحكومية غير قانوني الا اننا لم نستطع وقفه بدون توفير بدائل مالية مجزية نستطيع من خلالها الحفاظ على الكفاءات المميزة، وهنا لا بد من التنويه بالحاجة لتعديل قانون الخدمة المدنية بشكل يحقق عدالة اكبر للعاملين في القطاع الصحي.
سابعا :: هل هناك حالة من التطوير وابتعاث اطباء للخارج من اجل الموائمة والمواكبة مع كل جديد بعالم الطب والصحة ؟؟
يجب ان نعترف اننا نواجه مشكلة حقيقية في ابتعاث الاطباء للخارج حيث ان الغالبية العظمى منهم لا تعود للعمل داخل الوطن بسبب الاغراءات المالية ولمواجهة هذه المشكلة قمنا بتطوير نظام الاقامة لغايات الاختصاص في مستشفياتنا ومن خلال المجلس الطبي الفلسطيني والاستعانة بخبرات من الخارج للعمل معنا على عقود او كاطباء زائرين متطوعين يساعد وجودهم وحضورهم في نقل وتبادل الخبرات مع اطبائنا وطواقمنا الصحية المختلفة.
ثامنا :: لماذا دائما نسمع ونري ان هناك فسادا مستشري داخل وزارة الصحة وما هي رؤيتكم للتعامل مع هذا الفساد وكيفية مواجهته والقضاء عليه ؟؟
من السهل ان تتهم وان تتكلم عن فساد مستشري ومن الصعب ان تثبت ذلك، الاتهام سهل وغير مكلف ويرفع المسؤولية عن كاهل من يتهم وبنفس الوقت يخدم اجندات فئوية او فصائلية او شخصية، اما اثبات الاتهامات فتحتاج لادلة ولقد اتبعنا الشفافية المطلقة في عملنا خلال السنوات التي كلفت بها وزيرا" للصحة وكانت ميزانيتنا والتزاماتنا تجاه الموردين منشورة على صفحة الوزارة الالكترونية وقد رفدنا وحدة التوريدات بالوزارة بخبير من الاتحاد الاوروبي لمدة عام كامل، ساهم خلاله في تدريب الكوادر وكان تقريره يثلج الصدر حيث اشاد بمستوى الشفافية المميز في كافة اجراءاتنا كما كنا متعاونين مع ديوان الرقابة المالية والادارية ومع هيئة مكافحة الفساد ومع مؤسسة النزاهة والشفافية امان واعتقد هذه هي وسائل الحوكمة الجيدة المطلوبة التي تساهم في الحد من الفساد، في النهاية اقول اننا نتهم انفسنا ونتهم بعضنا لاسباب لا علاقة لها بالمهنية والمصداقية ونمنح اعدائنا اسلحة وهمية يحاربوننا بها.

تاسعا :: لماذا لا يتم القيام بعمل مشافي تتناسب مع حجم السكان بالمحافظات وعلى وجه التحديد قطاع غزة وان كان هناك من معيقات لماذا لا يتم صرف كل ما يلزم للقطاع من اجل البناء والاعمار بلجان محايدة تماما تخفف من معاناة المواطنين والمرضي هناك ؟؟؟
انا لست مع التوسع الافقي في بناء مستشفيات صغيرة وعديدة ، مكلفة ولا توفر هامش الامان والكفاءة اللازمين، انا مع وجود مستشفى واحد مركزي في كل محافظة يقدم الخدمات الاساسية ومستشفيات محدودة تحويلية توفر الخدمات النوعية التي تحتاج لتحويل خارج البلاد وهذا ماعملنا على البدء بتحقيقه ضمن الامكانات المتاحة، فمجمع فلسطين الطبي كان نموذجا" يحتذى في هذا المجال وبناء مستشفى النجاح الجامعي الذي كنا شركاء في فكرته وتنفيذه وتمويله يمثل ايضا" خطوة في نفس الاتجاه كما يمثل تطوير كل من مجمع الشفاء والمستشفى الاوروبي ايضا" خطوات على الطريق وللعلم فقد تم اجراء دراسة مسحية من خلال منظمة الصحة العالمية وبطلب منا لتقييم حاجات قطاع غزة من الاسرة والمستشفيات والدراسة تبين ان قطاع غزة يحتاج الى تقليص في عدد المستشفيات وتوسع في تطوير بعض ما هو قائم وتطوير القدرات الفنية للعاملين من اجل النهوض بالخدمات الصحية والحد من التحويلات لخارج البلاد . اما فما يتعلق تحديدا" بصرف ما يلزم القطاع من خلال لجان محايدة فانا اقول ان غزة هي جزء مما تبقى لنا من الوطن وعلينا ان نحافظ على وحدته وواجب الجميع ان يسعى لحلول للازمة القائمة الناجمة عن الانقسام ويعمل على انهاء الانقسام واعادة اللحمة وقطاع غزة يحصل حاليا" من السلطة على حصته ولا تعلم السلطة ماذا يحصل حكام الامر الواقع في غزة من دعم ومساعدات اقتصادية وطبية تصل مباشرة من الجهات المؤيدة للانقسام ومن المنظمات الانسانية.
بنهاية اللقاء اتوجه بالتحية والعرفان والتقدير للوزير الموقر السابق الدكتور فتحي ابو مغلي على ترحيبه بتلك الخطوة والذي عبر عن تاييده المطلق لها وحثني على المواصلة نحو مساءلة كل المسؤولين حول طريقة تعاملهم مع مناصبهم وهل هم بالفعل يضعون راحة المواطن وتحقيق اماله وتطلعاته نصب اعينهم ام ماذا .؟؟ كما انني اعد الجميع بأن ابقي طارحا لقضاياهم ومشاكلهم وكل ما يؤرقهم وموصلا لمعاناتهم لجهات الاختصاص والمسؤولين مهما كلف ذلك من ثمن ….

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت