كما ان الاوضاع في قطاع غزة ليست سهلة، فالأوضاع في فلسطين معقدة ومركبة، صحيح ان القطاع اوضاعه اصبحت اكثر قسوة من جميع النواحي الانسانية والحياتية، والنقص الشديد في مستلزمات الحياة اليومية، وتثقل على الناس المثقلين بالهموم والخشية من قادم الايام انها ستكون أكثر سوءاً و تعقيداً، و الايام تمر طويلة من دون بارقة أمل بانفراجة تبشر بإنهاء الحال القائم من الاحتقان والإرباك والخشية، والعجز من الكل الفلسطيني على المبادرة بتخفيف الضغط والأفكار السوداء المحملة بالخوف من الاخر.
وحتى اللحظة الكل يتحدث خارج الصندوق لكن من دون تقديم افكار خلاقة تخرجنا من الانكشاف الذي عرانا جميعا، فالحديث المزعوم خارج الصندوق هو مجرد مكلمة و إضاعة للوقت، واستمرار في تدمير الذات، و الاخبار المتداولة متناثرة ومن دون مصداقية، وما يتم الحديث عنه من اتصالات وزيارات محتملة لغزة ومبادرات هاتفية لا تؤسس لمصالحة حقيقية تنهي ما نمر به.
بات الكل الفلسطيني يدرك ان الانقسام الفلسطيني مؤبد و المصالحة الفلسطينية حلم بعيد المنال، ومن دون أن يخبرنا الرئيس محمود عباس وتصريحاته المكررة بأنه يتعرض لضغط أمريكي اسرائيلي لعدم اتمامها، وأصبح الفلسطيني البسيط يدرك انها ليست خياراً فلسطينياً، فهي خيار امريكي إسرائيلي هدفهما ان يبقى الانقسام للأبد ويدفعان بذلك وبطرق مختلفة، لاستمرار الاوضاع كما هي عليه، فالانقسام مصلحة إسرائيلية امريكية.
طرفا الانقسام الفلسطيني غير مستعدين لإتمام المصالحة، والأوضاع الجديدة في المنطقة العربية عقدت الامور اكثر مما كانت عليه خلال الفترة الماضية، بعد عزل الرئيس محمد مرسي، وعودة حركة فتح والرئيس عباس للمفاوضات، و ليس كافيا ان يهدد الرئيس عباس و حركة فتح بإجراء الانتخابات في الضفة الغربية من دون قطاع غزة.
فالأمور ليست سهلة كما يعتقد المطالبين بإجرائها بهذه الطريقة، و لا يمكن اجراء الانتخابات من دون اتفاق اطراف النظام السياسي الفلسطيني، فتح وحماس وباقي الفصائل الفلسطينية على استراتيجية فلسطينية جديدة وبرنامج سياسي يقره الجميع، وكما ان هذا لا يكفي في ظل الصلف الاسرائيلي وممارساته اليومية من استيطان وتهويد وقتل وتدمير وحصار، لا تسير الامور بهذا الشكل من فرض الانتخابات بالتهديد والوعيد.
فالانتخابات ليست الحل الاوحد لحالنا لأسباب كثيرة والتجربة الفلسطينية ما زالت ماثلة في الاذهان، كما ان الحلول السريعة لا تؤسس لشراكة حقيقية في حالتنا المعقدة والمركبة، والأطراف المؤيدة والمعارضة للانتخابات تدرك ذلك، و كما ان حركة حماس غير مستعدة و ليست جاهزة لخوض الانتخابات لأسباب ندركها جميعاً، فحركة فتح أيضاً وإن بدت الاوضاع العربية تجري لمصلحتها فهذا غير كاف، و هي ليست مستعدة وغير جاهزة للانتخابات، و حركة فتح تهدد حركة حماس وهي مدركة انها غير جاهزة لذلك.
فالمطالبة بعودة قطاع غزة الى حض الشرعية لا يمكن ان تتم من دون التأسيس جيدا لعودة الكل الفلسطيني للنضال من اجل اعادة الاعتبار للقضية والمشروع الفلسطيني وماهيته وتعريفه، فما بني على باطل فهو باطل، ولا يستقيم، و عندما يتحدث طرف من الاطراف عن الشرعية، عن أي شرعية يتم الحديث؟ هل هي شرعية حركة فتح كما تراها من خلال برنامجها السياسي والذي لا يحظى بإجماع فلسطيني؟ ام شرعية حركة حماس التي لا تحظى ايضا بإجماع فلسطيني؟ فالإطراف مجتمعة لم تعد لديها الشرعية.
اوضاع قطاع غزة صعبة وقاسية و الحلول المطروحة هي حلول مرتبكة و سريعة و آنية ولا تعبر عن الازمة الحقيقية التي يمر بها الفلسطينيين وقضيتهم، وليست بهذه السهولة تحل ازمة الشعب الفلسطيني، وبهذه الطريقة ستبقى الازمة قائمة و تعبر عن الاستمرار في الاستفراد والاستئثار بالسلطة على حساب المشروع الوطني.
والقضية هنا ليس للخروج بأقل الخسائر، فالخسائر فادحة، ومن دون الشروع في اعادة بناء المشروع الوطني الفلسطيني، وعقد اجتماعي فلسطيني جديد يتم الاتفاق عليه، والتأسيس لنظام سياسي فلسطيني يعيد الاعتبار لمنظمة التحرير وبناءها على اسس جديدة من الشراكة و من دون اقصاء طرف للأخر، ومن دون تقديم تنازلات حقيقية من اجل المصلحة الوطنية يبقى كل ما يتم طرحه مجرد حكي وتدمير للذات.
الناس في قطاع غزة لا يستحقون ان تصل حياتهم الى هذه الدرجة من التعقيد و السوء، والخوف قائم من تكرار سيناريوهات جربوها وكانت مرة بطعم العلقم، ويدفعون ثمنها حتى وقتنا هذا، وفي ظل ما نسمعه وما نراه لا تكون مكافئتهم على صمودهم وصبرهم ان يظلوا يفكرون بالأسوأ.
مصطفى ابراهيم
4/9/2013
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت