من مبادرة الكيماوي السوري ... عرفنـا السـند وبقيـت تفاصيـل المتـن والخاتمة

بقلم: حسني المشهور


o منذ الإعلان عن مبادرة الرقابة الدولية على الكيماوي السوري والمفترض أن تنتهي بالتخلص من هـذا الكيماوي وبعد التوصل إلى تفاهم عن الفرق بين معاني كلمات : الرقابة ـ التفتيش ـ التسليم ـ التفكيك أو التخلص الدولبة ... ومن اتساع شقوق التسريب للمعلومات حول البدايات والطريق التي سارت فيه الأمور حتى خرجت في مؤتمر صحفي مقتضب لوزير الخارجية الروسي وتلاها مباشرة موافقة مرتبة في زمن التواجد في موسكو لوزير الخارجية السوري وفي مؤتمر صحفي أكثر اقتضاباً وبكلمات متأنية ولغة دقيقة الصياغة ، ومن ردود وتعليقات جاءت من كل أطراف الدنيا بعد ثوان من هذين المؤتمرين أصبح واضحاً من هي الأطراف التي شاركت في إعدادها واصبحت السند الذي يتم الرجوع إليه للتأكد من صحتها أو لتفسير ما التبس على الناس فيها !!!

o أصبح معروفاً أن السندين الرئيسيين لهذه المبادرة هـما الرئيسان الروسي والأمريكي ويليهما مباشرة الرئيس السوري فقط ووزراء خارجيتهم لا غير ... وإن كانت المؤشرات تشير إلى وجود آخر لمتسلل فلسطيني لم يكتف بدور المتسلل ، نقول فقط لا غير لأن تسلسل التذبذب وعنف ردود الأفعال لبعض المنهمكين في الأزمة السورية ابتداءً من كاميرون البريطاني وأولاند الفرنسي و ... و ... وحتى قيادات الجماعات المسلحة لم تؤكد عكس ذلك . واصبح معروفاً أن الصياغة لهذه المبادرة لم تبدأ بتهديدات أوباما الرسمية عن توجيه ضرباته [ المحدودة ] لتقليص القدرات السورية ، وليس في لقاء مجموعة العشرين حيث وصلت الهوبرة الأمريكية ذروتها ؛ وإنمـا كانت قد بدأت في لقاء نفس المجموعة قيل عام في المكسيك ؛ وشبه اكتملت أثناء لقاءات الرئيسين في مجموعة الثمانية قبل ثلاثة أشهر في إيرلندا ؛ إضافة إلى أكثر من ثلاث اتصالات مباشرة بين جون كيري ووليد المعلم خلال تلك الفترة [ تصريحات لابروف الأخيرة ومقال بوتين الموجه للشعب الأمريكي ] ، وأن لقاء الرئيسين على هامش لقاء مجموعة العشرين لم يكن إلا للاتفاق على طريقة الإخراج لهذه المبادرة !!!

o اليوم وبعد أن صار معروفاً السند لهذه المبادرة ، بقى أن تتكثف محاولات التعرف على تفاصيل المتن لها ، ومن المؤكد أن قلة سيعرفون شيئاً ما والبقية ستعرف عند إعلان البدء بتنفيذ كل جزء منها ، وصار مؤكداً أن المراحل الأربعة أو الخمسة المعلنة منها ليست هي كل المبادرة ... لا لشيء إلا لأن طبيعة الصراع الدائر في سوريا وفي المنطقة ؛ وطبيعة الأسباب التي دعت سوريا لبناء هذه المنظومة للردع الاستراتيجي لخطر يتهدد أمن سوريا الدولة والوطن يربض جنوبها ويحتل جزءً مهماً من ترابها الوطني ... ولم تكن هذه المنظومة في إي يوم لمواجهة مجموعة من دعاة الديمقراطية لسوريا أوللمنشقين عن النظام ، ولا حتى لمجموعات مسلحة تتمول من الخارج تعمل ضد النظام الذي أثبت قدرته على مواجهتها سابقاً ، وبالتالي فإن تفاصيل المتن لا بد أن تحوي شيئاً حول هذا الأمر!!!.

o لهذا نقول أن متن المبادرة فيه الكثير وأكثر مما أًعلن عنه . ولأننا نتابع التحولات في استراتيجية الغرب التي أوجبتها خسائرهم من غزو أفغانستان والعراق [ استراتيجية تغيير الاتجاه ] ونمو قوى أخرى جديدة ومؤثرة اقتصادياً وعسكرياً في العالم ، ونقول هذا ونحن نرى كيف تسير النقاشات الجارية في الغرب عموماً وأمريكا خصوصاً حول جدوى الحروب التي تشنها حكومات بلدانهم ليس من أجلهم ... وكيف أصبحوا على درجات تتعاظم من القرف الحقيقي لتلك المبررات التي تقدمها هذه الحكومات كضرورة لحماية أمن إسرائيل ... هذه الإسرائيل المتغطرسة على كل الدنيا باللوبيات الموالية لها ؛ ولا تترك فرصة للسلام في محيطها مهما كانت ضئيلة إلا وتجهضها ... والأهم من ذلك هو نفاذ الصبر من أصحاب المصالح التي تقود استراتيجية تغيير الاتجاه من بطء الخطوات التنفيذية في هذا الاتجاه وكشفها لدور إسرائيل كفاعل مؤسس مع هذه اللوبيات والمتحالفين معهم من عـُشـّاق الوصول إلى السلطة لصناعة هذا الحريق العربي الذي أسموه تضليلاً بالربيع العربي ؛ وبأنه لم يكن سوى ضربتها الاستباقية لإجهاض استراتيجية تغيير الاتجاه ... لأنها تـُفقدها الدور والوظيفة وتحوّلها من قاعدة أمامية في المواجهة مع ما يترتب على ذلك من دعم ومساعدات بكافة الأشكال إلى مجرد قاعدة خلفية شأنها شأن أي قاعدة في المنطقة وقد تكون اقل اهمية من بعضها مع ما يترتب على ذلك من ضمور واضمحلال لأسس الوجود ذاتها ، خصوصاً بعد التحذير الذي تلقته من هنري كيسنجر إثر مشاركته في إعداد الخلاصات التي توصلت إليها مجموعة مؤسسات الأبحاث الأمنية الأمريكية حول نتائج التوجهات لتنفيذ الاستراتيجية الجديدة لأمريكا ودول الناتو والتي ستفضي إلى شـرق أوسط بدون إسرائيل !!! .

o لهذا نقول أن متن المبادرة فيه الكثير وأكثر مما أًعلن عنه لأن ما ورد في كلمة بوتين يشير أن للمبادرة ما يتبعها من تعامل مع النووي الإيراني والنزاع الفلسطيني الإسرائيلي والاستقرار في الشرق الأوسط عموماً ، ولأن المتسلل الفلسطيني كان من النوع النشط الذي احترف التسلل للوصول في كل مرة إلى البعض مما يريد في الطريق إلى كل ما يريد ... وأن الرئيس الفلسطيني لم يكن يتحدث من فراغ عندما أعلن عن مبادرة فلسطينية لتسوية الأزمة في سوريا ... ثم لاذ بالصمت هـو وكل من سمع عنها رغم أنه قال بأنه بحثها مع كل القيادات من الأطراف السورية والعربية إلى بوتين وأوباما مروراً بالصين والهند والبرازيل !!! .

o ولكل ما سبق من الأسباب نقول أن تفاصيل ما تبقى من المتن لهذه المبادرة ما زال غير معروف ... أما الخاتمة فلنبحث عنها في مبادرة الرئيس الفلسطيني لا لشـيء إلا لأن استعادة الهدوء للأوضاع في سوريا وبعد هذا الترنح لأبطال الحريق العربي والتحييد الكامل لسلاح الجو الصهيوني بعد التنصيب لمنظومة الدفاع إس 300 في سوريا وتحييد سـلاحها البحري هـدوء لن يكون إلا تصحيحاً لاتجاه بوصلة الصراع حيث المنبع والمصدر لكل الأزمات المتلاحقة على المنطقة منذ قـرن ... بوصلة لا صحة لأي اتجاه تتجه إليه إذا لم يكن :

فلسـطين بقدسها وأقصاهـا وقيامتهـا
فلسطين بحقوق شعبها غير القابلة للتصرف
فلسطين في شرق أوسط بدون إسرائيل

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت