لم يساورنا الشك ولو للحظة واحدة بقدرة الشعب اللبناني على انطلاقة جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية ، فكيف لا ، وهي من قدمت اغلى التضحيات في سبيل القضية الفلسطينية ووقفت الى جانب الشعب الفلسطيني وثورته المعاصرة من خلال القوات المشتركة اللبنانية الفلسطينية ، وخاصة لقد كان الجرح وضاح للجميع حيث اراد الاحتلال غزو بيروت المقاومة من خلال جحافله وعملائه ، بيروت التي صمدت وقاتلت ببسالة نادرة ، ولم يخفي الجرح الذي نزف في اعقاب مجزرة صبرا وشاتيلا ، فكان الصوت الهادر للقادة جورج حاوي ومحسن ابراهيم ، وكان صوت خالد علوان يترافق مع هذا الصوت ليعلنوا انطلاقة الرصاصة الاولى لجبهة المقاومة الوطنية اللبنانية ، ولم تغب عن قادة الحركة الوطنية كوفية الرئيس الرمز ياسر عرفات التي شكلت نموذجا يحتذى به الى جانب رفاق دربه القادة حكيم الثورة جورج حبش وابو العباس وطلعت يعقوب ونايف حواتمة وسمير غوشه وكل القادة الذين كان لهم دور في معركة العزة والكرامة الى جانب قادة الحركة الوطنية اللبنانية ، ومن هنا اخذت جبهة المقاومة مكانتها العالية والمميزة بعد الصوت المدوي الذي اطلقه فرسان جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية ، ولتنخرط في المقاومة احزاب وقوى وطنية لبنانية وفلسطينية اخرى ، وبكل تأكيد هي اتت بعد فعل تراكمي وكرد مباشر وسريع على الاجتياح الصهيوني، حيث امتلكت ارادةَ القتال باللحم الحي، وبدأت مسيرةَ التحرير.
بكل تأكيد اليوم يحتفل كل الوطنيين والثوريين بانطلاقة جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية، باعتبارها العين التي قاومت المخرز، وقدمت نهر من الدماء الذكية في ساحات المواجهة والتصدي مع الاحتلال الصهيوني ، حيث صنعوا ابطالها وشهدائها وأسراها ومعتقليها والتي شكلت مع المقاومة الاسلامية وافواج المقاومة اللبنانية امل العلامة الفارقة والشعلة المضيئة في عتمة الليل العربي. وأسقط المناضلون الشرفاء من لبنانيين وفلسطينيين أهداف الاجتياح، وكان تحرير بيروت والجبل وصيدا وسائر أنحاء الجنوب والبقاع الغربي، حيث زلزلت الأرضَ تحت أقدام الغزاة وكان التحرير عام 2000 علامة نموذجية في التاريخ العربي ، ونصر تموز عام 2006 الذي افشل مشروع في ولادة مشروع شرق أوسط أميركي جديد.
ولا بد من القول ان قدر المناضلين ان يبقى خيار الكفاح والنضال مستمر حيث جمعتهم نعمة الشهادة والاستشهاد بمواجهة العدو ، فكانت شراكة الدم في ميزة استشهاد القادة رمز جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية القائد جورج حاوي الى سيد المقاومة عباس الموسوي الى سندياتها القائد محمد سعد الى نورها سناء محيدلي الى عمادها قائد الانتصارين عماد مغنية والى من غاب عنها فجأة من رموزها القائد مصطفى سعد وابو اسعد حمود الى مناضليها ومجاهديها الذين رووا تراب لبنان باستشهادهم مسيرة واحدة النضال والجهاد والتحرير ، لتشكل هذه الظاهرة النوعية في تاريخ الشعوب العربية تجسيداً حياً للمعاني الكفاحية في النضال من اجل تحرير الارض من الاحتلال الاسرائيلي، وواجباً وطنياً وثورياً التزمه المناضلون الذين شقوا طريقً الكفاح وبنوا صرحاً من البطولات اثمرت اول انتصارات عربيه على العدو الاسرائيلي، ورسموا فيها اسلوباً جديداً في النضال وما زالت العيون شاخصة باتجاه تحرير فلسطين والاراضي العربية المحتلة .
وها هي المقاومة العين الساهرة تتطلع الى المنطقة ومسار النضال الثوري التي تقوم به الشعوب العربية بمواجهة الظلم والاستبداد الديني التكفيري, قد انهت المعركة التأريخية الطويلة بين قوى التقدم والحرية والعدالة الاجتماعية, وقوى الظلام والجهل والاستبداد والاستغلال ممثلة بالقوى الاسلامية الفاشية المدعومة من الامبريالية الاميركية والقوى الاستعمارية وبعض الانظمة العربية والذي بواسطتها الشرق الأوسط الجديد الذي تطمح الإمبريالية في فرضه على شعوب المنطقة
ان الهجمة الاستعمارية التي تتعرض لها سوريا تعبر عن عقلية استعمارية هدفها تدمير دولنا وشعوبنا وبالنهاية تدمير أمتنا ، وما نراه اليوم من ادعاءات امريكية يؤكد كذب فاضح وزائف ، لان سجل الادارة الامريكية الاسود يشهد بذلك وأقرب مثال على ذلك الاحتلال والاعتداء الغاشم الأمريكي على العراق والذي استند الى حجج واهية، وها هي نفس الحجج تتكرر على سوريا ، وصولا الى افراغ القضية الفلسطينية من المحتوى والجوهر لتصبح القضية مجرد مناطق متنازع عليها يجب أن تحل بتفاهمات بين طرفي الصراع الفلسطيني الصهيوني، وصولا الى انهاء قضية اللاجئين باعتبارها جوهر القضية الفلسطينيه وفق حل برضى الطرفين وليس اقرارا دوليا بحق الشعب بالعودة الى دياره والتعويض عليه على ما اقترفه الاحتلال بحقه على مدار عشرات السنوات وفق القرار الاممي 194، لهذا فأن فشل المخططات الامبريالية الاستعمارية التي تتعرض لها المنطقة من خلال صمود القوى الحقيقية للشعوب في وجه الأمبرياليين الجدد"الاخوان المسلمون" وتحديداً في تونس ومصر والوصول الى تحقيق الحل السياسي بين السوريين سيقطع الطريق على التهديدات الاستعمارية التي تهدد سوريا بهدف تأمين مصلحة الكيان الصهيوني .
إن جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية قد سجلت صفحات من المجد، والتضحيات، وابقت قضية فلسطين القضية المركزية للأمة العربية وهي تتطلع لنضال جميع الشعوب المضطهدة والمظلومة في العالم في مقاومة قوى الشر والطغيان في العالم، وعلى رأسها الإمبريالية العالمية وفي مقدمتها الإمبريالية الأمريكية.
إن ثبات جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية التي استخلصت الدروس من اجل تعميمها على الأجيال الجديدة حتى لا تفقد البوصلة وتذهب بالاتجاهات المعادية لحركة التاريخ وحركة الشعوب المتطلعة إلى العدالة والحرية والديمقراطية.
ومن هنا نرى في ذكرى انطلاقة جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية ضرورة استخلاص الدروس والعبر من اجل تعزيز وتطوير المقاومة بكافة اشكالها على الارض الفلسطينية ، هذه المقاومة التي اقرتها كل الشرائع والقوانين والأعراف للشعوب من أجل تحرير الأرض المحتلة من رجس الإحتلال، من اجل خلق موازين القوى على الارض، اخذين بعين الاعتبار تجارب الشعوب التي تحررت، وحركات التحرر التي أنجزت أهداف شعبها في الحرية والاستقلال، لأن تلك الشعوب وحركاتها الثورية، فاوضت وهي تقاتل فاوضت عندما وصلت إلى حد فرض شروطها على العدو بالقوة، فاوضت عندما امتلكت قواتها زمام المبادرة وجعلت العدو يدفع خسائر كبيرة، فاوضت على كيفية رحيل الاحتلال .
ان الشعب الفلسطيني لهو قادر بنضاله ومقاومته للاحتلال ان يكتب الانتصار من اجل تحقيق حقوقه في الحرية والديمقراطية و العودة والاستقلال، وهو يتطلع الى جميع فصائله وقواه من اجل تبني وحدة وطنية تقوم على أساس حماية الثوابت، والالتفاف حول خيار المقاومة.
وامام ذكرى انطلاقة جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية نؤكد على اهمية التضامن مع الأسرى الفلسطينيين والعرب، ومع صبرهم الاسطوري، وتحديهم للسجانين الفاشيين، ورفع الصوت عاليا ليصل للعالم الذي يكيل بمكيالين، لكشف جرائم العدو، وانتهاكه للقوانين الدولية في ضوء أساليب التعذيب الوحشية التي يمارسها، ووضع الأسرى في زنازنين انفرادية لأعوام طويلة، وتعريتهم، ومنع أهلهم وذويهم من زيارتهم، وإجراء تجارب للأدوية المحرمة عليهم، ما أدى لوفاة أكثر من 270 سجيناً في معتقلات وأقبية العدو.
وعلى العالم اجمع تحميل الكيان الصهيوني المسؤولية الكاملة عن حياة هؤلاء الابطال، ورفع الصوت عاليا للضغط على حكومة وقادة دولة الاحتلال، لإنهاء سياسات الاضطهاد والبطش العنصري، والتطهير العرقي ضد ابناء الشعب الفلسطيني داخل السجون وخارجها.
ختامالا بد من القول : ان الأمل فينا، ونحن نحتفل بذكرى انطلاقة جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية، لان التاريخ العربي يكتب من جديد على جباه مشرقة، تشع من الصور التي نراها في ميادين النضال، وبأيدي من حفر فيها الكفاح والكدح، ونقول لكم أننا معكم، ايها المناضلين الاحرار ، ولا بد ان تنتصر الشعوب العربية على كل أشكال الديكتاتوريات والقمع والترهيب، وستتصدى للقوى الاستعمارية الهادفة الى النيل من مقدرات امتنا وتفتيتها الى كانتونات طائفية ومذهبية، وستبقى عيون الشعوب شاخصة باتجاه البوصلة الرئيسية فلسطين وسيكون الانتصار على الاحتلال ، هذا الانتصار سيكون لكل المناضلين ، ونبراساً يضي الدرب للشعوب التواقة للحرية والتقدم والعدالة الاجتماعية.
كاتب سياسي
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت