ساعة الصفر هي شارة النصر


دأبت أفلام الاكشن الأمريكية على إبراز ان الكابوي الأمريكي المنتصر هو ذلك الكابوي الأسرع في إشهار السلاح وإطلاق النار ، و السيد الأمريكي كان يتقمص سلفه الكابوي في كل حروبه أمام العزل من السلاح او العزل من الشجاعة ، و العالم اليوم ينتظر من صاحبة القدرة أمريكا أن تشهر سلاحها للإجهاز على ضحية جديدة ، ولكن الغريب هو هذا التردد الأمريكي في إشهار السلاح و إلقاء المعاذير فتارة انتظار موافقة هيئات القرار ، وتارة إعطاء فرص للتراجع لسوريا و تسليم سلاحها الكيماوي ، وهذا التذبذب في الموقف الأمريكي فتح أبواب النميمة السياسية عن ضعف القيادة الأوبامية و ترددها في إتخاذ قرار الحرب ، و أن المعادلات السابقة والتي كانت تعطي هامش واسع من حرية البطش و البلطجة الأمريكية بدأت تتراجع و تترنح أمام بروز قوى جديدة في المنطقة كإيران ، و أمام عودة الدور الروسي ، وتنامي قوة الصين ، حتى أمريكا نفسها بدى وكأنها مدعوة على مأدبة ( بتسد النفس ) ، مع أن المطلع على التاريخ الأسود لأمريكا يستغرب من فقدان الشهية الذي ألم بأمريكا و هي المغرمة و الشبقة دائما في ممارسة لعبة الكابوي مع الضعفاء و الجبناء ، وهي التي تتوق التشفي ممن يعاند إرادتها بتسويته بالارض ، و الوقائع الجديدة لا تعطينا إلا إحتمالا يتيما ، فأمريكا هي نفسها أمريكا بعنجهيتها ، و العالم هو نفسه العالم ببلادته و زيفه ، ولكن المتغير الوحيد هو أن الفريسة والضحية لا تنطبق عليها مواصفات الشروط المعهودة والتي من أهمها في رأيي (الجبهة الداخلية المتضعضعة ، الإستفراد بالدولة دون أي تحالفات حقيقية، الجيش المنهك و المفرغ من العقيدة والإنتماء والفاقد للتماسك و قدرات الصمود من عتاد و تنظيم ، و غياب الموقف الشجاع والواعي إزاء قضايا وطنية وأممية صادقة )
ولكي نضع أيدينا على موقعية سوريا و نشخص وضعها فأننا سنناقش كل واحدة من مواصفات الشروط الأمريكية ومدى تطابقها مع سوريا الشعب و الدولة والجيش والموقف ....
أولا : الارادة الشعبية السورية يقظة قوية وقد صقلتها المحنة و سنون عجاف أذابت شحمها المترهل و أكسبتها صلابة الفولاذ ، فالشعب السوري اليوم وعي الدرس و أزاح اللثام عن أدعياء الحرية و اللحي المأجورة و حدد معالم المؤامرة كاملة ، وهذا الوعي جعله أصلب عودا و أكثر وعيا و أعمق جذورا في وطنه .
ثانيا : سوريا الدولة لا تقف وحيدة في الميدان فحلفاءها الصادقين و الأقوياء لم يتركوها وبرهنوا خلال محنتها على أن تحالفهم معها ليس شكليا ، فإيران الثورة وحزب الله اللبناني هم عمق سوريا الاستراتيجي ، وروسيا والصين لن يتركا سوريا تمسي معسكرا أمريكيا ، و الجزء الأصيل والوفي من المقاومة الفلسطينية و القوى القومية الحرة أعلنت موقفها الأخلاقي والثقافي في كونها لن تقف متفرجة على قلعة المقاومة العربية وهي تسقط .
ثالثا : الجيش العربي السوري الشجاع و القوي والذي جابه أعدائه و أوجعهم على مدى سنوات ، فقد خاض حربا عالمية و حقق فيها انتصارات صعبة كانت هي السبب في دخول العربيد الأمريكي بنفسه بعد أن تدخلت إسرائيل بنفسها ، ورهانهم على إستنزاف هذا الجيش الصغير في منظورهم و إنهاكه سقط ، والانتصارات الميدانية جعلتهم أمام شبح السقوط التام لمشروعهم .
رابعا : موقف سوريا الصلب و تمترسها خلف قضيتها العادلة و تطوير موقفها المقاوم من العدو المركزي للامة بفتحها جبهة الجولان يؤكد أنها لا تساوم على ثوابتها وأنها لا تلين أو تتراجع أو تترد في حين أن مواقف المترصدين لها مترددة متذبذبة لا تطمح إلا في حفظ ماء الوجه ، وهم يعلمون أن ضربهم لسوريا هو أخذ قرار لضرب عواصم حلفائهم و قواعدهم في المنطقة ، وأن مرحلة ضبط النفس قد ولت بلا رجعة .

إذن فمواصفات الشروط المقدمة هذه المرة ليست عراقية أو أفغانية أو صومالية أو سودانية ، بل هي مواصفات نخب أول سوري عربي مسلم وطني حر .
لذا فالأمور هذه المرة معكوسة ، ولعبة الكابوي انتهت، وحلت محلها معادلة الند بالند ، والضربة بالضربة ، و الطلقة الأولى لا تعني الهيمنة من مطلقها بل أنها قد تكون الفخ الذي سيصطاد الوحش ليدخله في آتون مواجهة شرسة إعتدنا نحن على ويلاتها ومآسيها ، ولكن هذه الويلات لن نقاسي وحدنا قبحها هذه المرة لكونها ستشرف على قصور العرب و الترك و ستعصف بالقواعد المعتدية و ستحصد أرواح المعتدين و ستبيت دولة الكيان تحت الأرض و تدك معاقل الشر فيها بإذن الله

وإن كانت النصيحة لله ولرسوله والمؤمنين فأن النصح أحيانا للمستكبرين و الطغاة و المردة يأتي في سياق الإنذار : فيا شذاذ هذا العالم و علة بلاءه عليكم أن تفكروا جيدا قبل أن تطلقوا الطلقة الأولى فعدوكم يلبس بزته المدرعة و أعد سلاحه و ينتظركم ورهاناتكم على المنسلخين عن دينهم ووطنيتهم وعروبتهم في الداخل السوري ساقطة فمثل هؤلاء لا ينهون مهمة يعجز سادتهم عن الإتيان بها والقادم يحمل في جعبته أيام عجاف للكابوي المترهل ، و لآكلي لحوم البعير و التيوس ، و لجماعات اللباس الباكستاني و متوسلي الحرية من أعدائها .
فالقادم لا يحمل معه الا نصرا باذن الله للمخلصين الأوفياء و للصادقين الشرفاء

محمد حرب
غزة