الإنتفاضة الثالثة هل هو مخطط إسرائيلي .!؟

بقلم: منذر ارشيد

بسم الله الرحمن الرحيم
الإنتفاضة الثالثة هل هو مخطط إسرائيلي .!؟

هبوب الريح
ما أن أعلن عن مقتل جندي إسرائيلي في قلقيلية حتى توالت البيانات من تنظيمات مختلفة تتبنى هذه العملية رغم أن العمل هو عمل فردي ليس له علاقة بأي تنظيم
وهذا يدل على أننا ما زلنا نتخبط ولم نستفد من تجاربنا التي توالت خلال عقود من الزمن وكأننا نبدأ من جديد وهذا يُسمى ( عُقم ) لا طائل منه
يكثر الحديث هذه الأيام عن إنتفاضة ثالثة على الطريق , وهناك من يروج ويهلل لهذا الأمر على أنه تحصيل حاصل لممارسة العدو الصهيوني التي تتصاعد خاصة مع الإجرائات المتجددة في القدس والخليل
ربما أن الوضع يستحق ثورة عارمة تأكل الأخضر واليابس ولكن يجب أن يفهم كل من يحلو له التغني بالإنتفاضة من خلال مقال أو تحليل أو دعوة وهو يجلس خلف جهاز الكمبيوتر أو يتمتع بمشاهدة الأخبار العاجلة وقد تعود على رؤية الشهداء والأشلاء على مائدة العشاء وكأنه مسلسل تلفزوني مسلي
وهل سيبقى شعبنا حقل تجارب وقد سبقت تضحياته كل تضحيات شعوب الأرض في هذا العصر المزيف
إن مقاومة المحتل واجب وطني وديني وأخلاقي والتضحية من أجل تحرير فلسطين يجب أن يبقى متواصلاً حتى يأتي أمر الله ولكن التساهل والموت المجاني والقاء أبناء الوطن في مطحنة العدو الجاهزة لاستقبال زهرات شبابنا لمجرد أن نكتب بيانات ونعدد شهداء فهذا أمر يجب التوقف عنده والتفكير ملياً
أما آن الأوان أن نضع استراتيجية لعملنا الوطني ومواجهتنا للمحتل.!
أم أننا يجب أن نظل حائرين أمام عجز الأمة العربية والإسلامية وننتظر ما يخرج من العدو الذي يخطط ونحن ننفذ فوراً, وذلك عند افتعاله حدثاً كبيراً فتنطلق الشرارة ويخرج الناس بدون وعي ولا تنظيم ولا خطة ويهرولون نحو الفخ الصهيوني بكل أريحية , وفي نفس الوقت يجلس المستفيدون من الإنتهازيون في مكان آمن يعددون الشهداء ويقبضون الثمن
فأي عمل نضالي ثوري أو إنتفاضة يجب أن تكون ذات جدوى واستراتيجية وطنية وليس مجرد هبة عاطفية جراء حدث هنا أو هناك
شعبنا تحت الإحتلال منذ نصف قرن من الزمن ومر عليه الكثير من المجازر الصهيونية التي أزهقت الالاف من أرواح أبنائه
يجب أن نعمل جميعا على تفعيل شعار مفاده
(من الغير مسموح بعد الان أن نذهب بشعبنا إلى الموت والهلاك بدون فائدة )
وأن الإنتفاضة ليست ترفاً ولا مناسبة لإعادة عرض العضلات وإظهار العنتريات الفارغة , والعمل بصمت أكثر جدوى
فإما أن يتحد شعبنا ويتكاتف ويستعد من رأسه حتى أصغر طفل فلسطيني ويكون هناك قيادة مركزية نضالية وطنية تجمع الجميع تحت بوتقتها ويتم ترتيب الوضع أو فلا داعي للهرطقات والشعارات الفارغة
وإذا لم تكن القيادة الفلسطينية الحالية ومعها قيادة الفصائل واعية لحجم الخطر الذي يهدد الوطن ومستقبل القضية فعلى الدنيا السلام
فأي تفكير للقيام بإنتفاضة أو ثورة شعبية أو كفاح مسلح يجب أن يكون مبنياً على استراتيجية وطنيه متكاملة
وليس على إنفعالات شخصية أو فصائلية ضيقة
كما أن أي عمل فردي حتى لو كان بطولياً كما حصل في الخليل لا يجوز أن نبني عليه ونضعه في استراتيجية نضالية وإلا نكون فاقدي السيطرة ومدفوعين بعامل التقليد والمكابرة " ورغم هذا فإن الرد على إجرام العدو برد نوعي كما حصل في الخليل له أمر عظيم وحتى لو كان فردياً
أي إنتفاضة قادمة يجب أن تكون الأخيرة

وعندما أقول أن الإنتفاضة الثالثة يجب أن تكون الأخيرة لا أقول هذا إعتباطاً أو يأساً أو لفزلكة الشعار
وأعني هنا أنها يجب أن تكون الأخيرة لأنه لا يجوز على الإطلاق أن نستنفذ طاقات شعبنا من خلال مرحلة طائشة ربما يعقبها مرحلة حقيقية تتطلب العمل في وقت نكون قد استنفذنا طاقاتنا بدون جدوى سابقاً
لست هنا مقرراً للمستقبل ولا أضع الأمر كقدر لا قدر بعده ,أو نهاية حتمية للصراع
ولكن أضع هذا التصور حتى يكون أي عمل مبنياً على رؤيا واضحة لا نندم بعدها من خلال وضع استراتيجية مدروسة تحدد الهدف الذي يجب أن لا تتوقف الانتفاضة إلا بعد تحقيقها

فالأنتفاضة الأولى كان لها سبب يختلف عن الإنتفاضة الثانية " فالإنتفاضة الأولى كانت إنتفاضة عفوية بدون تخطيط ولا حتى قيادة أصدرت التعليمات ولا غرفة عمليات بل هي ثورة شعبية فلسطينية خاصة
ومن ضمن أسبابها أن الشعب الفلسطيني وجد نفسه بلا معين ولا قيادة توجهه بعد أن تم إبعاد منظمة التحرير والفصائل عن حدود الوطن ( لبنان) إلى الشتات
أما الإنتفاضة الثانية كانت نتيجة حتمية لما قام به شارون من تدنيس المسجد الأقصى
وما تبعه من أعمال عدائية ضمن برنامج خطط له العدو ليجرنا إلى معركة غير متكافئة كان القصد منها تدمير كل مقومات السلطة والقضاء على قيادات الشعب الفلسطيني وعلى رأسهم الراحلين الشيخ ياسين و أبو عمار رحمهما الله
وانتهت الإنتفاضة الثانية دون أن نحقق أي إنجاز حقيقي على الأرض أللهم سوى الصمود الإسطوري لشعبنا العظيم الذي سقط منه خيرة أبنائه
الان العدو يدفعنا دفعاً للثورة والانتفاضة ..ماذا أعددنا وما هو حالنا اليوم .!
قبل أن نتحدث عن إنتفاضة ثالثه يجب علينا أن ننظر بجدية على أحوالنا ووضعنا وإمكاناتنا المادية والمعنوية
ولست هنا محبطاً أو مخيباً للآمال بل أنا هنا محذراً ومنذراً بكل ما لدي من حرص وحب لهذا الشعب الحبيب والعظيم
كفانا استهتاراً بشعبنا الذي عندما تأتي المحن يبذل الغالي والنفيس ويدفع بخيرة شبابه إلى مقاومة المحتل الغاصب , فأبناء المخيمات أكثر من يدفعون ثمن المواجهات مع العدو وهذا ليس استثناءً . ولكني هنا أشير إلى هذا الطيف العظيم من أبناء فلسطين التاريخية ولا ننكر أن أبناء المدن ولقرى أيضاً يهبون للمقاومة فشعبنا يوم النفير لا يستثنى منه صغير ولا كبير
وهذه دعوة لكل القامات الكبيرة بداية من القيادة الرسمية للشعب ومروراً بالقيادات التنظيمية التي تعودنا على عطائها وانتهاءً بالقيادات الشعبية النقابية وغيرها من قادة الشعب " ندعوهم للقاء على مستوى الوطن في الضفة وفي غزة ويا ليت الإنقسام ينتهي وبسرعة لأن لا وقت لترف السجال والعتاب والتشفي
العدو يتربص بنا في كل الاتجاهات " كانوا قبل أيام ينتظرون ضرب سوريا
ولكن الان ما عادوا ينتظرون شيئاً فالمخطط جاهز والتنفيذ بدأ بخطوات تصعيدية
ونحن نائمون ..نائمون نائمون
اسرائيل ليست نائمة وبنت خططها على مستجدات لم تكن في السابق
فالوضع الفلسطيني في داخل الوطن ليس كما كان مع الإنتفاضة الثانية "
ففي إنتفاضة الأقصى كان هناك جيل من المقاتلين الفلسطينين الذين أتوا من خارج الوطن وهم من قوات الأمن الوطني المدربين والمجربين الذين خاضوا معارك مع العدو ناهيك عن الأجهزة الأمنية الأخرى وبمعظمهم من المناضلين الذين خاضوا معركة الإنتفاضة الأولى ,وهؤلاء كانوا العصب القوي لهذه الإنتفاضة
ولا ننسى أنه كان في ذلك الوقت أبو عمار الذي كان داعماً للإنتفاضة
من هنا أدعوا الجميع النظر بعين ثاقبة وعقل منفتح لتجارب الماضي ووضعنا الحالي لنعرف كيف نوجه بوصلتنا لكي نتحكم بالأمور بدل أن نسير حسب بوصلة العدو
الوضع الحالي والسيناريو الإسرائيلي

كما أسلفت ففي الإنتفاضة الثانية ورغم أن العدو هو من جرنا نحوها إلا أننا وجدنا هذا التلاحم الوطني بين كل شباب الوطن وفصائلهم ورجال الأجهزة الأمنية بكل فئاتهم كتفاً بكتف وكانت مقاومة باسلة شجاعة شهد الله عليها والتاريخ
اليوم ماذا لدينا ..!
لدينا أجهزة أمنية من جيل جديد لا يعرف المقاومة وربما لا يؤمن بها لأن ثقافته هكذا "ونحن نتحدث عن عشرات الالاف من الشباب القوي المدرب والمجهز لحفظ الأمن ومقاومة العنف والتصدي للتظاهرات " هؤلاء تدربوا وتجهزوا لحماية الأمن الداخلي وعقيدتهم هي حماية النظام والأمن فقط " وهؤلاء هم أبنائنا وإخواننا من كل ششمحافظات الوطن , مدنه وقراه ومخيماته , ولا يخلوا بيت من بيوت الوطن إلا وفيه من هؤلاء
الرئيس أبو مازن أعلنها أكثر من مرة بأنه سيمنع أي إنتفاضة
ويقولها بكل وضوح أنه سيفاوض ويفاوض حتى لو رفض الاسرائيليون أي شرط من شروطه , وقد حصل هذا وهو لا يأبه حتى بالتعنت الإسرائيلي الذي لسان حالهم يقول له لن نعطيك شيئاً ,وهو إن أغلقوا عليه الباب يخرج لهم من الشباك ظناً منه في النهاية أنه سيحرجهم ويرغمهم على تقديم التنازلات " وهذا من رابع المستحيلات
ربما يكون الرئيس أبو مازن محقاً من ناحية أنه يريد أن يجنب الشعب ويلات مواجهات غير متكافئة خاصة أن لا سند ولا ظهير عربي أو إسلامي فما بالك بما هو حال الوطن العربي الان .!وقد قالها في مؤتمر القمة قال" تفضلوا بجيوشكم إلى فلسطين ولتحرروا القدس ونحن سنكون أولكم

إذاً كيف سيكون الوضع ..!

هذا السؤال يجب أن يكون حاضراً في أذهان الجميع قبل التفكير في أي عمل
لأنه وكما أسلفت إسرائيل وضعت الخطة لما هو عليه الحال الان وليس كما كان عليه قبل عقد من الزمن "فهل سنسير حسب الاخطة الإسرائيلية ..!"

وأعتقد جازماً أن الخطة الإسرائيلية هذه المرة هي جرنا جراً إلى إنتفاضة ثأرية أو برده فعل عفوية لعمل مدروس
وسيكون هناك ربما تبدأ بتظاهرات ومن ثم تتطور إلى مواجهات مسلحة
ولربما أيضاً ستأتي قوى الأمن الفلسطينية لتشكل حاجزاً بين المقاتلين والجيش الإسرائيلي ومن ثم إطلاق نار من هنا أو هناك " سقوط ضحايا بين أبناء الوطن الواحد فينسحب الجيش الاسرائيلي ويتركنا نقتل بعضنا بعضاً وساعتها لن ينفع الندم والربيع العربي ماثل أمامكم وما حقق من نتائج دموية ما زالت قائمة

أخطر ما في الأمر .....أن تتطور الأمور لا قدر الله وكما قلت بتخطيط إسرائيلي وذلك من خلال تقسيم الساحة الفلسطينية بين نظام ومعارضة وتظهر خلايا نائمة مجهزة لإشعال نار الفتنة كما هو حاصل في سوريا ويصبح حالنا كحال الأيتام في مأدبة اللئام , لا يحتمل الأمر أكثر من ستة أشهر من الدماء والدمار , فتدخل إسرائيل من اجل ان تنقذ الناس من الظلم والقتل وتمرر مشروعها في هدم الأقصى ونحن في حال يُرثى لها
فتثبت مشروعها النهائي في يهودية الدولة ......

فساعتها ربما نستيقظ من سباتنا

أضع هذا الأمر بين يدي الجميع دون استثناء بداية من الرئيس أبو مازن ومروراً بقادة الفصائل وكل من يهمهم الأمر من نقابات وفعاليات وطنية ولينتهي الإنقسام
فالأمر خطير جداً ويجب أن لا ننتظر حتى يقع المحظور
وإنها لأمانة تقع على عاتقكم يا أبناء هذا الوطن فلا تنتظروا وبادروا بعقد لقاء وطني عام وشامل وتدارسوا الأمر قبل أن يقع الفأس في الرأس
وقل اعملوا فسيرى الهل عملكم ورسوله والمؤمنون صدق الله العظيم

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت