....علينا ان نقر جميعاً في مدينة القدس،انه ليس فقط تغيب المرجعية والعنوان الموحدين للمدينة،ولكن ايضاً تغيب الخطط والبرامج والإستراتيجيات،والكثير من أفعالنا وممارساتنا،تأتي في إطار وسياق ردات الفعل والعفوية والإنفعالية على ما تقوم به حكومة الإحتلال واجهزتها المختلفة من اجراءات وممارسات قمعية وإذلالية تستهدف أرضنا وبقاءنا ووجودنا وحقوقنا ومقدساتنا ووعينا في مدينة القدس،وعلى سبيل المثال وللدلالة على ذلك،بلدية الإحتلال ودائرة معارفها عملت على تطبيق المنهاج الإسرائيلي على طلبتنا بقصد كي وإحتلال وعيهم والسيطرة على ذاكرتهم الجمعية وتزوير تاريخنا وتشويه ثقافتنا وفرض الرواية الصهيونية على تاريخنا من العام الفائت،حيث شرعت بتطبيق هذا المنهاج على الصف السابع في مدرسة ابن رشد الشاملة في صورباهر،وحسب ما قاله مدير تلك المدرسة،فإنه اعلم الجهة الرسمية الفلسطينية بذلك،وهي لم تخبر احداً بذلك،ولم تتخذ أية خطوات عملية من اجل رفض ومنع تطبيق هذا المنهاج ،ومع بداية العام الدراسي الحالي كشفت صحيفة هارتس الإسرائيلية على ان بلدية الإحتلال ودائرة معارفها بدأت بتطبيق المنهاج الإسرائيلي في خمس مدارس عربية في القدس،وبدأت هيئة العمل الوطني والأهلي والمؤسسات المقدسية والاتحادات الشعبية بتحركات جماهيرية من أجل وقف تدريس هذا المنهاج الكارثي في مدارسنا،وبدأت تشن حملة على ذلك دون أن تمتلك معلومات كافية عن مجموع الطلبة او الشعب والصفوف التي تتلقى هذا التعليم،واعتمدت على معلومات وأخبار يجري تداولها دون معرفة دقيقة بحقيقة الوضع،فتارة جرى الحديث عن خمس مدارس واخرى ثلاثة ومن بعد ذلك اثنتين،واليوم من خلال المتابعات الدقيقة توصلت الى ان المنهاج الإسرائيلي ما زال يطبق في ثلاثة مدارس هي ابن رشد الشاملة ومديرها الأستاذ ابراهيم الخطيب ويدرس للصفوف(السابع والثامن والتاسع) بما مجموعه (143 )، ومدرسة صورباهر الإبتدائية بنين المقابلة لها ومديرها الأستاذ زهير عبد ربه،يدرس المنهاج فيها لطلاب الصف الثاني الإبتدائي (25 ) طالب،ومدرسة عبدالله بن الحسين المشتركة بين المديرتين سناء العطاري وليانا جابر،ويدرس المنهاج فيها للصف السابع (15) طالبه،في حين لم تكتمل الأعداد في مدارس ابن خلدون في بيت حنينا وصورباهر الإبتدائية للبنات،وانسحب جزء من الطلبة على ضوء الحملة والإحتجاجات التي قامت بها الهيئات والفعاليات والاتحادات المقدسية.
والتساؤل المطروح هنا،أين كانت السلطة والقوى والمؤسسات والإتحادات الشعبية ولجان اولياء الأمور؟ الا يدل ذلك على مدى ضعفها وغياب دورها وفعلها،وعدم قيامها بدورها ومهامها وواجباتها ومسؤولياتها تجاه العملية التعليمية والتربوية،وهل يعقل أن لا يعرف اهل البلدة نفسها بان طلبتها يتعلمون المنهاج الإسرائيلي؟،أين القوى التي تتصارع وتتناكف وتزايد على بعضها البعض؟؟،وأين اتحاد لجان اولياء الأمور ولجان الأباء..؟
تساؤل آخر حول ما يجري على ساحة المسجد الأقصى، جميع القوى والأحزاب والسلطة والأجهزة والمؤسسات واللجان،تعرف جيداً ما يجري يومياً من إقتحامات من قبل المستوطنين وجمعياتهم الإستيطانية وبمشاركة قادة اسرائيليين من مختلف المستويات سياسية وحزبية وامنية وغيرها،وهي تعرف جيداً بأن الأقصى أصبح مستهدفاً بالتقسيم الزماني والمكاني،وهي تحركت بردة فعل استناداً الى ما خطط له المستوطنون لمليونية من اجل إستباحة البلدة القديمة وساحات المسجد الأقصى،حتى ردة الفعل هذه لم تكن مخططة ومدروسة،وتعددت فيها مصادر القرار والدعوات،وبمعنى آخر لم يكن هناك لا فعل ولا جهد موجهين ولا موحدين،بل غلب على العمل والخطوة الإرتجالية والعفوية وردة الفعل أيضاً.
وهناك الكثير من الأمثلة،وواضح ان الفراغ في المدينة وغياب مصدر القرار والفعل،يعطي ويفسح الطريق والمجال لظهور عناوين ومرجعيات متعددة،بعضها ينطلق من منطلق الحرص والمسؤولية،ويريد أن يخدم ويملك من الطاقات والإمكانيات الكثير،وكذلك القدرة على الفعل،والبعض الاخر له اجنداته واهدافه وإرتباطاته غير البريئة،اوغير المنسجمة مع الموقف الوطني العام،وهذه تظهر وتنشط في ظل ضعف وتراجع الحركة الوطنية،او تقاعسها عن اداء دورها ومهامها ومسؤولياتها.
وثمة هناك تساؤل أخر ما إقتراب موعد الإنتخابات الإسرائيلية للبلديات والمجالس المحلية،والتي ستكون بلدية القدس المحتلة واحدة منها،وستجد هناك من لديه وجهة نظر او إجتهاد سواء منطلقاته شريفة،او لغاية في نفس يعقوب وإرتباطا بمصلحة أو منفعة شخصية،قد يبادر الى ترشيح نفسه او يدعو للمشاركة في هذه الإنتخابات،وحتى اللحظة الراهنة لم نسمع موقفاً وطنياً او رسميا لا من السلطة او منظمة التحرير الفلسطينية بشأن ذلك،فغياب الموقف من شانه ان يجعل البعض يتحجج بأنه يشارك في هذه الإنتخابات بموافقة هذه الجهة او تلك او هذا العنوان او ذاك،ولذلك من الهام والضروري جداً،التاكيد على الموقف الوطني من قضية المشاركة في إنتخابات بلدية الإحتلال،لجهة تغليب السياسي والوطني،على الخدماتي الذي قد يستخدمه البعض لتبرير دعوته للإنتخاب او المشاركة في الترشيح لهذه الإنتخابات،فمن المهم جداً حسم الموقف والجدل في هذه القضية الهامة،وخصوصاً ان هناك العديد من الشخصيات المقدسية،عقدت لقاءات مع شخصيات اسرائيلية بشأن تلك الإنتخابات،وقضية المشاركة العربية المقدسية فيها انتخاباً وترشيحاً،والموقف والقرار هنا،ليست مسؤولية القوى والمؤسسات المقدسية وحدها،بل على السلطة ومنظمة التحرير ولجنتها التنفيذية،أن تكون على قدر المسؤولية،وان تتخذ قراراتها بما ينسجم مع الموقف ووضع مدينة القدس كمدينة محتلة،فالميوعة أو ترك الباب موارباً من شأنه،ان يغري البعض،لكي يستخدم ذلك من اجل تبرير موقفه او قراره لجهة الدعوة للمشاركة في هذه الإنتخابات او الترشح لها،وخصوصاً أننا ندرك تمام الإدراك بأن هناك بعض اللجان المقدسية عشائرية وغيرها مرتبطة ببلدية الإحتلال،وقد تعمل كبوق للإحتلال وبلديته في هذا الجانب،فهناك مصالح واهداف وعلاقات وجسور بنيت بين هؤلاء وبلدية الإحتلال.
الغياب والفراغ يفتحان الطريق واسعاً لتعبئة هذا الفراغ،من قبل قوى وهيئات،قد تجر دماراً على شعبنا واهلنا في القدس،وتدفعه نحو الإنسحاب الى الجهوية والعشائرية والقبلية والكفر بالوطن والوطنية،وأيدي الإحتلال واعوانه ليست بالبعيده عن هذا،فهل تدرك الحركة الوطنية هذا..؟؟
القدس- فلسطين
25/9/2013
0524533879
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت