اعتدال الخطاب الإيراني .... في ظل التخوف من عراقيل أمام رفع العقوبات عن إيران

بقلم: علي ابوحبله



ما هو السر في نجاح دبلوماسية الرئيس الإيراني حسن روحاني في اجتماع الهيئة ألعامه للأمم المتحدة واستحواذه على الاستئثار والاهتمام من قبل أمريكا والغرب ،  حيث شكل انفتاح إيران على أمريكا والغرب قلق العديد من الدول وعلى رأسها إسرائيل ودول مجلس التعاون الخليجي ، وزير خارجية إيران محمد جواد ظريف حقق نجاحات لها انعكاساتها وتأثيراتها على المستقبل الإيراني في ظل اعتراف رسمي من قبل الرئيس الأمريكي اوباما الذي اقر بحق إيران بامتلاكها  للتكنولوجيا النووية العلمية وبتخصيب اليورانيوم وان أمريكا لا تسعى لتغيير النظام في إيران ، هذه التصريحات للرئيس الأمريكي اوباما قد  تشكل علامة فارقه في تاريخ الثورة الايرانيه وانفتاحها على أمريكا ، حيث أن العلاقات الايرانيه الامريكيه مقطوعة منذ عقود من الزمن ، قدرة الرئيس الإيراني حسن روحاني في إقناع أمريكا والغرب  بهذا التغيير الجذري والحقيقي في سياسة إيران الخارجية قد عجل لا بل سرع في عملية التلاقي التي قد تقود للاتفاق ، فما هو السر في هذا التلاقي والانفتاح الإيراني على أمريكا والغرب ، هل هو التغير في موازين القوى ، أم هو السعي الأمريكي للاستحواذ على إيران ، على حساب علاقاتها ومصالحها ألاستراتجيه مع دول الخليج العربي  ، وهل يقود هذا التغير إلى  إيجاد حل للازمه السورية والتوصل إلى حلول لمختلف  الملفات العالقة ويسرع في حل القضية الفلسطينية  ، وهل تدير واشنطن ظهرها لحلفائها من الخليجيين العرب ، هل الرغبة في  الاستحواذ على إيران معناه  اعتراف بقوة وقدرة إيران للهيمنة والتحكم في المنطقة بما يضمن مصالح أمريكا ويؤمن لها الأمن والاستقرار  ، لا احد ينكر أن إيران قد حققت انتصارا لدبلوماسيتها الجديدة بينما أخفقت الديبلوماسيه العربية في تحقيق أي تقدم أو حتى إثبات للوجود في ظل مواقفها التي اقل ما يقال عنها أنها مواقف لا تستند للقوه وتفتقد لاستراتجيه وهي تقوم على سياسة تأجيج الصراعات والعنف في المنطقة  وتعتمد على السياسة الامريكيه التي أخذت تفتقد لوجودها وهيمنتها بفعل تلك السياسة والمواقف الرعناء لبعض الدول العربية ، يعد الاجتماع الثنائي المغلق الذي عقد بين وزير الخارجية الأمريكي جون كيري ونظيره الإيراني محمد جواد ظريف في الأمم المتحدة وذلك في أعقاب الاجتماع الموسع للدول الست الكبرى حول الملف الإيراني لقاء غير مسبوق بين مسئولي البلدين وفي تاريخ علاقتهما منذ أكثر من ثلاث عقود ، وبحسب التقارير التي تسربت من مسئولين إيرانيين أن إيران اقترحت تنفيذ اتفاق نووي بشكل كامل في غضون عام في أعقاب اجتماع بين القوى الكبرى ووزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف ، إن إعلان وزير الخارجية الأمريكي جون كيري أن واشنطن قد ترفع العقوبات عن إيران خلال الأشهر المقبلة إذا وافقت على اتخاذ إجراءات سريعة للسماح بالمراقبة الدولية لبرنامجها النووي ، يبدوا أن تصريح الرئيس الإيراني بإمكانية الاتفاق خلال ثلاثة إلى ستة شهور قد أكدها وزير الخارجية الأمريكي مما يعطي دلاله على أن محادثات سابقه كانت تجري وراء الكواليس وربما يأتي كل ذلك في سياق ما حققته الديبلوماسيه الروسية من نجاح في نزع السلاح الكيماوي في سوريا حيث كل الدلائل تشير إلى أن هناك صفقه متكاملة متفق عليها بين أمريكا وروسيا ضمن معادلة التغير في موازين القوى وإعادة اقتسام النفوذ . هناك تنسيق كامل بين روسيا وإيران بشان كافة الملفات المتعلقة في المنطقة وعلى رأسها ألازمه السورية  ، وان نجاح الديبلوماسيه الايرانيه يعود لهذا الاتفاق والتحالف بين روسيا وإيران ، إيران بخطابها المعتدل الجديد ودبلوماسيتها الناعمة قد أغوت وأغرت  الرئيس الأمريكي اوباما والمجتمع الدولي للانجذاب نحو الديبلوماسيه الايرانيه والتعاطي معها في ايجابيه ،  وهذا ما يجعلها في موقع تستطيع من خلاله تحقيق مكاسب مهمة في مفاوضتها مع الغرب ، وان تحشر إسرائيل في الزاوية تجاه ترسانتها النووية والاسلحه المحرمة دوليا ، لقد رأى الرئيس الأمريكي  اوباما أن مقترحات إيران ربما تقدم الأساس لاتفاق ذي مغزى ، لقد أبدى الرئيس الإيراني بخطابه أمام الهيئة ألعامه للأمم المتحدة مرونة سياسيه ودبلوماسيه حيث اظهر  استعداد إيران للدخول على الفور في محادثات محدده بإطار زمني بشان القضية النووية دون أن يقدم أية تنازلات  ،  إن معضلة اوباما بالانفتاح على إيران ومبادرته لمها تفة الرئيس روحاني عقب مغادرته أمريكا والتي تشكل بداية لتدشين علاقات متبادلة بين البلدين قد تصطدم بالمتشددين من أعضاء في  الكونغرس الأمريكي وهؤلاء هم الداعمين لإسرائيل وتعول عليهم حكومة نتنياهو لإجهاض أي محاوله لرفع العقوبات المفروضة على إيران منذ سنوات ، وبالرغم من تشكك عدد كبير من أعضاء الكونغرس الأمريكيين من الجمهوريين وبعض الديمقراطيين من حزب اوباما في حملة الرئيس الإيراني  الجديد حسن روحاني  الدبلوماسية حيث تبقى المبادرات جميعها موضع الاختبار ، بحسب محللون إذا فشل اوباما في احتواء المتشددين في الكونغرس المتمسكين بالعقوبات المفروضة على إيران فان من شان ذلك أن يضع إعاقات أمام المحادثات بشان البرنامج النووي الإيراني ، جون الترمان من مركز الدراسات ألاستراتجيه والدولية في واشنطن قال  حتى يتفاوض الإيرانيون مع إدارة اوباما يجب أن يكونوا مقتنعين بان إدارة اوباما يمكنها أن تأتيهم بما يريدون من الكونغرس ، وقد المح إلى ذلك الرئيس الإيراني  حسن روحاني بخطابه حيث عبر عن أمله ألا يتأثر الرئيس الأمريكي بجماعات الضغط المروجة للحرب ، لقد تمكنت إيران من شن حملة علاقات عامه لتغيير صورة إيران لدى الأمريكان والغرب أما فيما يتعلق بإسرائيل تفادى الرئيس الإيراني حسن روحاني في كلمته  التي ألقاها في الجمعية ألعامه للأمم المتحدة أي اشاره إلى  أن إسرائيل ليس لها حق في الوجود أو كلمات تنفي حدوث محرقة اليهود  ، وهو بهذا عكس سلفه احمد نجاد الذي دعا إلى محو إسرائيل من الخريطة ، لكن الرئيس حسن روحاني انتقد بشده احتلال الأراضي الفلسطينية والمعاملة التي يلقاها الفلسطينيون بدون أن يذكر إسرائيل بشكل مباشر ، إن حكومة نتنياهو تدرك أن أي توجه نحو إيجاد تسويه بين إيران والغرب بشان الملف النووي سيحرمها من استخدام تهديد إيران النووي كذريعة لحرف الأنظار عن القضية الاساسيه وهي احتلالها للأراضي الفلسطينية واستمرارها في المماطلة والمراوغة في موضوع المفاوضات بينها وبين الفلسطينيين ،  كما أن من شان تسوية الملف النووي الإيراني سيسلط الضوء على ترسانتها النووية ، أمام ما حققته الديبلوماسيه الايرانيه  من انتصار ، هذا الانتصار الإيراني  قابله تراجع عربي وخفوت للصوت العربي مع دعوه عربيه للتصعيد في الصراع على سوريا ، إلا أن مؤشرات الأحداث تشير إلى أن هناك صفقه دوليه إقليميه قد تؤدي لنزع فتيل النزاعات السائدة في المنطقة لتقود المنطقة لتغيرات لم تكن في حساب العرب المتحالفين مع أمريكا وهي ليست في حسابات إسرائيل الداعمة للتدخل العسكري في سوريا ، نجحت الديبلوماسيه الايرانيه في فرض وجود إيران كقوة فاعله في الإقليم ووضعت أمريكا أمام خيارات صعبه ،  حيث وضعت إدارة اوباما بصراع مع الكونغرس الأمريكي  لتحصيل قرار يضمن رفع العقوبات عن إيران ، يبدوا أن هناك تفاهم واتفاق مسبق بنتيجة محادثات مسبقة قد جرى التوافق والتفاهم عليها بين أمريكا وروسيا ضمن رزمة  تؤدي للحل في سوريا حيث نزع السلاح الكيماوي من سوريا وانضمام سوريا لحظر استخدام السلاح الكيماوي وصفقه تقود للاعتراف بالبرنامج النووي الإيراني السلمي  مقابل السماح من قبل إيران للتفتيش على المراكز النووية الايرانيه ويبقى الحكم على تلك الانتصارات للديبلوماسيه الايرانيه فيما سيتحقق لإيران بمحادثاتها الثنائية مع أمريكا ومحادثاتها مع الدول خمسه زائد واحد وما سيسفر عنه الاتفاق بشان البرنامج النووي الإيراني وان من شان اتفاق كهذا أن يقود لتطبيق رزمة الاتفاقات حول مختلف القضايا العالقة في المنطقة ومن ضمنها التعجيل بعقد مؤتمر  جنيف 2 والذي مقرر أن يعقد في أواسط تشرين القادم  ، والتسريع بوتيرة المفاوضات الاسرائيليه الفلسطينية ، وكل ذلك مرتبط بسير حسن سير المفاوضات التي تقودها الديبلوماسيه الايرانيه الناعمة والرغبة الامريكيه للاستحواذ على إيران ، ولا شك أمام كل هذه التغيرات  على العرب جميعا إعادة حساباتهم وفق ما يشهده العالم من تغير ، وان يبدأ التغير في ضرورة الاحتكام لرأي الشعب ضمن عملية تقود للحرية والديموقراطيه ، وضرورة الابتعاد عن تلك السياسة التي قادت ألامه العربية إلى التهلكة التي عليها  ، والاعتماد على الاراده العربية والقوه العربية ، وان يبدأ التغيير فورا في حكومات بعض الدول العربية التي أدت بالوصول للمأزق الذي عليه النظام العربي  ، لا شك أن هناك تغيرات إقليميه ودوليه تتطلب حس وطني قومي يعيد ألامه العربية إلى الخارطة الاقليميه والدولية من خلال تجميع القوى العربية بدلا من الانغماس في تفكيكها وتجزئة الدول العربية ، وهذا يتطلب توحيد الجهد والرؤى العربية في إعادة بنيان وهيكلية ألجامعه العربية والشروع  لبناء السوق العربية المشتركة والتكامل الاقتصادي العربي تحريرا 29 / 9/2013