تحيي جماهير شعبنا الفلسطيني في الداخل والخارج هذا اليوم ذكرى مرور 14 عاماً على انتفاضة القدس والاقصى ، التي كانت اندلعت احتجاجاً على زيارة شارون لباحات المسجد الاقصى المبارك . وقد استشهد خلال الهبة المجيدة تضامناً مع هذه الانتفاضة 13 شاباً من ابناء الداخل الفلسطيني ، بعد ان خرجوا من بيوتهم تلبية لنداء الواجب الوطني ،وتضامناً مع شعبهم ودفاعاً عن المسجد الاقص14 عاماً مرت على هذه الانتفاضة وهذه الهبة وما زال الجرح ينزف ويصرخ من اجل محاكمة وادانة القتلة ، الذين سارعوا الى وضع ايديهم على الزناد واطلاق الرصاص الحي على المتضامنين من ابناء شعبنا في المثلث والجليل فسقط بدم بارد 13 شهيداً.
والواقع ان سلطات وقوات الاحتلال حاولت قمع واجهاض واخماد لهيب هذه الانتفاضة باستخدام اساليب كثيرة ومتنوعة ، فالى جانب سياسة الحصار والخنق الاقتصادي والتجويع والاغلاق والقتل والاعتقال استخدمت الدبابات والصواريخ في قصف المدن والقرى والمخيمات الفلسطينية ومقرات السلطة الوطنية الفلسطينية . ولكن رغم هذه الممارسات الاحتلالية التعسفية فان الانتفاضة تصاعدت حدتها واتسعت قاعدتها الشعبية ، مستمدة قوتها وديمومتها من الارادة الشعبية الوطنية الفلسطينية الصلبة والايمان الثوري الراسخ ، ومن الوحدة الوطنية والميدانية، وقناعات الجماهير الفلسطينية ، التي صممت على الصمود والمقاومة والمواجهة حتى الشهادة لاجل تحقيق الاماني والتطلعات الفلسطينية بالحرية والكرامة والاستقلال الوطني واقامة الدولة المستقلة .
وفي هذه المناسبة التي نحيي فيها ذكرى الشهداء الابرار، الذين جادوا بدمائهم الذكية دفاعاً عن القضية المقدسة ، نستحضر ايضا ذكرى استشهاد محمد الدرة ،هذا الطفل الفلسطيني ابن الثانية عشرة الذي قتل برصاص الجيش الاسرائيلي حين كان يحمي نفسه من الرصاص بالاختباء خلف ظهر ابيه ووراء جدار . وكان هذا المشهد هز في حينه الضمير الانساني .
لقد مر14 عاماً على هبة اكتوبر وانتفاضة القدس والاقصى والوضع لم يتغير او يتبدل . فالعنصرية تتفاقم وتكشر عن انيابها ، والمخططات السلطوية التي تستهدف جماهيرنا العربية الفلسطينية ووجودها تتزايد يوماً بعد يوم . وامام ذلك ينتصب شعبنا كالمارد رافعاً الراية ، رافضاً الترحيل والتهجير والاقتلاع والتبادل السكاني ، مصراً على البقاء والحياة والتطور في ارضه ووطنه الازلي ، وعلى التحدي والصمود والمقاومة والتشبث بالارض والهوية .
ان جماهيرنا العربية الفلسطينية تعلمت ، عبر معاركها الكفاحية البطولية والمواجهة مع المؤسسة الحاكمة في اسرائيل ، ان لا سلاح لديها لافشال تحقيق الهدف والمخطط الصهيوني الاقتلاعي سوى وحدة الصف الكفاحية ، وحدة الكفاح المشترك بين جميع القوى والحركات السياسية والاوساط اليهودية التقدمية الديمقراطية المتنورة ، دفاعاً عن الارض والبقاء والعيش بمساواة وكرامة على ارض الوطن .
وعليه فان شبيبتنا وجماهيرنا مدعوة اكثر من اي وقت مضى الى شحذ هذا السلاح ، ومدعوة كذلك الى اقصى درجات اليقظة الثورة الواعية ، وتصليب الموقف الوطني والسياسي المسؤول ، وتدعيم وحدة الصف النضالية لصفع سياسة القهر القومي والتمييز العنصري الابرتهايدي ونهب الارض وقبر مخططاتها.
وفي ذكرى هبة اكتوبر نقولها بصوت عال:" لن ننسى ولن نغفر".