بعض المحللين السياسيين يغالون في تحليلاتهم السياسية ويحرفون في معنى ما تضمنه قرار مجلس الأمن رقم 2118 بخصوص السلاح الكيماوي السوري حيث يفسر البعض مضمون القرار بأنه سحب الشرعية عن النظام في سوريا ، وانه لم يعد بمقدور الحكومة السورية لتمثل الشعب السوري ، وبحسب رأي هؤلاء المحللين أن هناك تهديد للحكومة السورية في حال عدم الالتزام بالقرار بالفصل السابع، وهذا التناقض في التفسيرات والتأويلات التي يبتعد عنها المحللين السياسيين والمفسرين لمضمون القرار هو بالابتعاد عن الحقيقة والموضوعية ضمن محاولات الإبقاء على ألازمه السورية لتراوح مكانها ، ما يقارب وجه الحقيقة هو التقارب الأمريكي الروسي الذي أدى للتوصل لمضمون هذا القرار على قاعدة لا غالب ولا مغلوب ، وان حقيقة الصراع الدائر بين المجموعات المسلحة على الأرض السورية هو بفعل هذا التوافق الأمريكي الروسي وان جنوح البعض من المعارضة المسلحة للتفاوض مع الحكومة السورية هو بحكم التيقن بما ستؤول إليه نتائج الصراع بنتيجة التوافق واقتسام مصالح النفوذ وإعادة التغير في موازين القوى الاقليميه والدولية ، ونتيجة هذا التوافق التخلي عن المجموعات المسلحة ووقف الدعم المقدم لها من قبل أمريكا وحلفائها ، لتصبح ضحية لتلك السياسة الامريكيه وحلفائهما في المنطقة على مذبح المصالح الدولية والاقليميه ، من الأفضل الوصول إلى تفاهم سوري وتوافق سوري حول برنامج وطني يؤدي بالخروج بسوريا من مأزق ما تعاني منه بدون تدخلات خارجية وحتى قبل انعقاد جنيف 2 لان خروج سوريا بوحدة وطنيه أفضل للمعارضة السورية من أن تستمر بعملها تحت المظلة الامريكيه وبالأدوات التنفيذية التركية والعربية التي لا تهدف من وراء تآمرها على سو ريا إلا لتحقيق أهدافها ، سوريا انضمت لمنظمة حظر استعمال السلاح الكيماوي قبل صدور قرار مجلس الأمن وهي بهذا قد التزمت بميثاق الأمم المتحدة لحظر استعمال السلاح الكيماوي ،إن قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2118 الذي صدر بالإجماع تجاه الكيماوي السوري مدينا أي استخدام للاسلحه الكيمائية في سوريا وخاصة الهجوم في الغوطه الذي وقع في الحادي والعشرين من شهر آب الماضي ،
ويستند مضمون قرار مجلس الأمن على قرار المجلس التنفيذي لمنظمة حظر الاسلحه الكيمائية الذي يشتمل على تدابير خاصة للتدمير العاجل لبرنامج الاسلحه الكيمائية في سوريا والتحقق من ذلك ، إن قرار مجلس الأمن جاء خاليا من أي اتهام للحكومة السورية باستعمال الكيماوي ، إذ أن القرار وفي معظم بنوده هو اعتراف واضح بشرعية السلطة السورية المتمثلة في الحكومة السورية وأجهزتها ألقائمه ، وهذا يعكس ما تم الترويج له من قبل أمريكا وحلفائها حول سقوط شرعية الحكم في سوريا وآخرها ما صدر عن الرئيس الأمريكي اوباما فان القرار يؤكد شرعية النظام السوري ، ويجعل الحكومة السورية هي المخولة حصرا بتنفيذ الاتفاق الذي وقعته مع منظمة حظر استعمال الأسلحة الكيماوية ، وان الحكومة السورية هي المخولة بقبول الموظفين الذين تقوم بتعيينهم منظمة حظر استعمال الأسلحة الكيماوية أو الأمم المتحدة ويعهد للحكومة بتوفير الأمن وضمان سلامتهم بما يضمن التمتع بالحصانة التي تتوفر للعاملين الدوليين ، إن اعتراف سلطة دوليه وهي مجلس الأمن وبالإجماع بالحكومة السورية قابله بالمقابل سقوط الاعتراف من قبل أعضاء بمجلس الأمن بشرعية الائتلاف السوري بمجرد قبولهم وتصويتهم على القرار رقم 2118 وهذا ما انعكس سلبا على الائتلاف السوري حيث أعلنت عدد من الفصائل المسلحة عدم اعترافها بالائتلاف السوري كممثل للشعب السوري هذا بالإضافة للمجموعات الاسلاميه المسلحة، هناك قيادات في الجيش الحر أعلنت رسميا الانضمام إلى المجموعات المسلحة المعارضة التي سحبت اعترافها بالائتلاف السوري المعارض ، واتهمته بالانحراف عن ما تسميه مسار الثورة ، وتهميش القوى الفاعلة على الأرض ، كما أنها أعلنت عدم الاعتراف بقيادة الأركان المتمثلة بالعميد سليم إدريس ومن يتبعه ، إن حقيقة التوافق الأمريكي الروسي بشان الصراع على سوريا تجلى بالاتفاق والإقرار من قبل أعضاء مجلس الأمن على صيغة القرار 2118 بالإجماع وذلك على صيغة لا غالب ولا مغلوب وهو ما تضمنته صيغة القرار من خلال الاشاره إلى المسؤولية عن استخدام الاسلحه الكيماوية ، حيث أن القرار حصر تطبيق القرار 2118 على الحكومة السورية دون الاشاره إلى مسؤولية ألدوله السورية عن الهجوم الكيمائي الذي حصل في الغوطه في 21 آب الماضي بل ما تتضمنه القرار عن الهجوم بصيغة تجهيل الفاعل مع أدانه لاستخدام الأسلحة الكيمائية بشكل عام بدون أن يدين جهة بعينها أو يحملها المسؤولية ، وتضمن القرار لصيغة امتلاك أسلحة كيمائيه أو استخدامها هي انتصار لوجهة النظر السورية والروسية التي تتهم أطراف في المعارضة باستخدام الأسلحة الكيمائية ،
إن القرار بصيغته التي صدر عليه لم تتضمن مسبقا ما ستكون عليه الإجراءات العقابية في حال عدم الامتثال لتدمير الاسلحه الكيمائية بل يتحدث القرار عن استعداد المجلس للنظر من جديد في أي تقرير يصدر عن منظمة حظر استعمال الاسلحه الكيمائية للنظر من جديد في أي تقارير تصدر من منظمة حظر الاسلحه الكيماوية وهي تقدم لمجلس الأمن ، بحسب النص في حال عدم الامتثال سيتم فرض تدابير بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة بدون تحديد ماهية تلك التدابير . ، إن قرار مجلس الأمن قد حدد مسار الحل في سوريا بتأكيده على أولوية الحل السياسي فان القرار يلزم الجميع بالذهاب إلى مؤتمر جنيف 2 بدون شروط ، بل والعمل على تسهيل الحل بإنشاء هيئه انتقاليه تمارس كامل الصلاحيات التنفيذية ويمكن أن تضم أعضاء من الحكومة الحالية والمعارضة ومن المجموعات الأخرى ، وتشكل على أساس التوافق ، وان هذا يشكل إحراج للمعارضة السورية التي اشترطت رحيل النظام قبل قبولها الذهاب إلى جنيف ، هذا بالإضافة إلى أن العبارة التي تضمنتها الفقرة التالية وهي تشديد المجلس على ضرورة أن تمثل هذه الأطراف شعب سوريا تمثيلا كاملا ، وهذا إحراج إضافي للمعارضة المدعومة من الغرب ، وذلك بعدما ازداد عدد المعارضين لقوى الائتلاف السوري معتبرين أنها لا تمثل القوى الثورية في الداخل ، إن القرار الاممي يفرض على المعارضة السورية للقبول بالحل السياسي المستند إلى تقاسم السلطة وذلك ضمن محاولة إخراج سوريا من مأزق ما تعاني منه وضمن إيجاد مدخل لعملية التوافق الروسي الأمريكي للحل في سوريا والذي في محصلته الحفاظ على وحدة سوريا الجغرافية ووحدة الشعب السوري ، وهذا يتطلب من المعارضة السورية الانخراط بعملية التسوية والنزول من أعلى الشجرة التي نزل عنها اوباما وجنح للقبول بعملية التسوية السلمية دون اللجوء للقوه وضرب سوريا وهذه نتيجة حسابات دقيقه لم تكن في حسبان وصالح المعارضة السورية وهي دلالة لضرورة التجاوب مع الحوار الوطني والخروج بميثاق وطني يفوت على الجميع مغبة التدخل في الشأن السوري .