نددت منظمة "هيومن رايتس ووتش" المدافعة عن حقوق الإنسان، في تقرير لها في الآونة الأخيرة، بهدم إسرائيل لقرية بدوية في الضفة الغربية، ومصادرة شاحنة تحمل خياما ومواد إغاثة، حاول دبلوماسيون توصيلها لسكان القرية، بعد هدم مساكنهم.
وجاء في التقرير الذي نشر يوم 26 أيلول/سبتمبر، أن قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي هدمت 58 منشأة في قرية المكحول، التي يسكنها البدو الفلسطينيون في الضفة الغربية، يوم 16 ايلول/سبتمبر، وشردت عشرات السكان.
وذكر السكان أن القرية كان يقيم فيها زهاء 120 شخصا، وأن الجيش الإسرائيلي هدم مساكنهم وحظائرهم وروضة للأطفال، في أعقاب حكم أصدرته المحكمة العليا الإسرائيلية بأن تلك المنشآت بنيت بدون تراخيص.
وقال الجيش الإسرائيلي في بيان "المنشآت المعنية كانت غير مشروعة حيث أنشئت بدون ترخيص للبناء، وأزيلت بعد أن رفضت المحكمة العليا التماسا بمنع الإزالة".
ورفض السكان مغادرة الأرض رغم هدم مساكنهم، وقالوا إن عائلاتهم عاشت فيها منذ عدة أجيال مع قطعانها.
وبعد عدة أيام من الهدم، منع الجيش الإسرائيلي اللجنة الدولية للصليب الأحمر من توصيل مساعدات عاجلة للسكان. وتمكن العاملون في الصليب الأحمر من نصب بضع خيام للبدو، لكن الجيش أجبرهم على إزالتها.
ثم وصل دبلوماسيون من فرنسا وبريطانيا وإسبانيا وأيرلندا واستراليا والبرازيل، ومن المكتب السياسي للاتحاد الأوروبي إلى موقع القرية، يوم 20 أيلول/سبتمبر، وبصحبتهم بعض الإمدادات. لكن نحو 12 سيارة عسكرية إسرائيلية تجمعت حول الدبلوماسيين بمجرد وصولهم إلى المكان، وأمرهم الجنود بعدم إفراغ شاحنتهم.
ووقعت اشتباكات بالأيدي بين الجنود وبعض السكان، واعتقلت القوات الإسرائيلية عددا من البدو، وأغشي على رجل فلسطيني، ونقل من الموقع للعلاج.
ورأى صحفي من رويترز جنودا إسرائيليين يلقون قنابل صوت على مجموعة الدبلوماسيين وموظفي الإغاثة والبدو، ويخرجون دبلوماسية فرنسية تدعى ماريون كاستان، عنوة من داخل الشاحنة ويدفعونها إلى الأرض، قبل أن يقودوا المركبة بعيدا عن الموقع.
وقال الجيش الإسرائيلي، إن قوات الأمن حاولت منع السكان من نصب خيام في المنطقة، وإن "ناشطين أجانب" رشقوا الجنود بالحجارة، وإنه يحقق في مزاعم تفيد بأن دبلوماسيين أجانب "أساءوا استغلال امتيازاتهم الدبلوماسية".
وندد رئيس الوزراء الفلسطيني، رامي حمد الله، بتصرفات الجيش الإسرائيلي.
وقال: "نحن نطلب حمايتنا من هذا الاحتلال الغاشم الذي يعتدي على كل حقوقنا في بيوتنا.. في أرضنا.. في ماءنا.. في جونا.. لا شك أن هذه جريمة وسنتابع هذا الموضوع على كافة المحافل الدولية".
وأشار تقرير "هيومن رايتس ووتش" إلى أن اتفاقية جنيف الرابعة، تحظر الترحيل القسري للمدنيين، وتعتبره مخالفة جسيمة للقانون الإنساني، و"جريمة حرب تستوجب العقاب" ما لم يهدف إلى تحقيق سلامة المدنيين خلال العمليات الحربية.
وذكر نيل كيران، من منظمة "دياكوميا" الحقوقية أن معظم مساكن الفلسطينيين التي هدمها الجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية تقع بالقرب من مستوطنات يهودية.
وقال لتلفزيون رويترز في مكتبه:"منذ بداية 2011 هدم الجيش الإسرائيلي ما يزيد على 1600 منشأة فلسطينية، وإذا نظرتم إلى مواقع الهدم (ستجدون) أنها دائما قريبة من مستوطنات أو أراض يزرعها مستوطنون. لذلك فثمة علاقة واضحة وجلية بين عمليات الهدم وتوسيع نطاق المستوطنات".
ويتهم الفلسطينيون السلطات الإسرائيلية بالاستيلاء بالتدريج على مراعيهم، سواء بتخصيصها لاستخدام الجيش أو بتسليمها إلى سكان المستوطنات اليهودية المنتشرة في أنحاء الضفة الغربية.
وذكر كيران أن الطلبات التي يقدمها الفلسطينيون للحصول على تراخيص بالبناء، تقابل بالرفض في الغالبية العظمى من الحالات، من السلطات الإسرائيلية التي تسيطر على المنطقة (ج) أي نحو 60 في المئة من مساحة الضفة الغربية.
وقال: "المحكمة والجيش بررا الهدم في قرية المكحول بالإجراءات الإدارية، أي بعدم صدور تراخيص بالبناء. أمرت المحكمة القرية بتقديم طلبات للحصول على تراخيص ففعلوا ذلك، ورفضت تلك الطلبات. وفي سياق أشمل يرفض 94 في المئة من طلبات الفلسطينيين للحصول على تراخيص للبناء".
وذكر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، أن خربة المكحول هي ثالث قرية بدوية تزيلها السلطات الإسرائيلية في الضفة الغربية وبلدية القدس المجاورة، منذ شهر آب/اغسطس.