يرصد الباحث المصري محمود قاسم معالجة السينما في بلاده للمؤسسة العسكرية التي حظيت باحترام وفخر منذ أول فيلم روائي (ليلى) عام 1927 ويقول ان الأفلام ظلت تشيد بالجيش أيا كان النظام الحاكم ولم تحاول السينما انتقاد الجيش إلا في الثمانينيات.
ويقول إن فيلم (تحت السلاح) الذي أخرجه فؤاد الجزايرلي عام 1940 من الأعمال الأولى البارزة التي تغنت بالجيش وفيه أغنية يقول مطلعها "الجيش ضمان للحرية-فخر 14 مديرية. الجيش أملنا في جهادنا-الجيش عماد لاستقلالنا" وتلاه فيلم (الشريد) الذي أخرجه هنري بركات عام 1942 ويتناول قصة مجند يتذكر حبيبته أثناء الخدمة العسكرية.
ويسجل قاسم في دراسة عنوانها (صورة الجيش في السينما المصرية) أن العمل "الأكثر احتفاء بالجيش في تاريخ السينما المصرية" هو فيلم (قلبي وسيفي) الذي أخرجه المصري جمال مدكور عام 1947 وقام ببطولته المطربان اللبنانيان صباح ومحمد البكار الذي أنتج الفيلم.
ويضيف أن (قلبي وسيفي) كان "أول فيلم في تاريخ هذه السينما يتحدث عن قدرة الجيش على تحويل الشباب النزق إلى أشخاص ذوي مسؤولية يمكنهم الدفاع عن أوطانهم" وأن البكار لحن وغني في الفيلم أغنيتين كتب إحداهما أحمد رامي بعنوان (نشيد الجيش) ويقول مطلعها..
"يا رجال الجيش يا روح الوطن-مجدكم تاج على رأس الزمن. رفرفت أعلامكم فوق الحمى-خافقات بالأماني والمنن".
وتنشر الدراسة في مجلة (المجلة) التي تصدرها الهيئة المصرية العامة للكتاب ويرأس تحريرها الشاعر المصري أسامة عفيفي.
ويتزامن العدد الجديد الذي يصدر يوم الثلاثاء مع احتفالات مصر بذكرى مرور 40 عاما على حرب أكتوبر تشرين الأول 1973 مع إسرائيل.
ويقول قاسم إن صورة الجيش المصري صارت أكثر بروزا مع بداية حرب 1948 وتحول الضباط إلى عاشقين يدافعون عن وطن تجاوز حدود مصر إلى الأراضي الفلسطينية..
ففي فيلم (فتاة من فلسطين) الذي أخرجه محمود ذو الفقار يقع الضابط المصري في حب فتاة فلسطينية. وحفل الفيلم بعدة أغنيات إحداها بعنوان (يا مجاهد في سبيل الله) من تأليف بيرم التونسي وغناء بطلة الفيلم السورية سعاد محمد التي ولدت لأب مصري في لبنان عام 1926.
وبعد ثورة يوليو تموز 1952 التي أنهت حكم أسرة محمد علي وأعلنت الجمهورية حظي ضباط الجيش بمساحة كبيرة في الأفلام ولكن المخرج المصري فطين عبد الوهاب قدم سلسلة من الأفلام عن الجنود من خلال الممثل الكوميدي إسماعيل ياسين الذي حملت الأفلام اسمه في عدة أسلحة بالجيش.
ويقول قاسم إن السينما المصرية "لم تستطع قط انتقاد الجيش إلا في الثمانينيات" حيث أخرج نادر جلال عام 1988 فيلم (ملف سامية شعراوي) الذي أظهر "شخصية القائد العام للقوات المسلحة بدون اسمه الحقيقي وهو يسهر حتى ساعات الفجر ليلة العدوان على مصر" في حرب يونيو حزيران 1967.
ويسجل مفارقة أن الأفلام التي تناولت حرب أكتوبر مأخوذة من نصوص أدبية كتبت عن "هزيمة يونيو (1967)" ومنها (أبناء الصمت) لمجيد طوبيا و(الرصاصة لا تزال في جيبي) لإحسان عبد القدوس.
ويضيف أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي حكم مصر بعد خلع الرئيس الأسبق حسني مبارك في فبراير شباط 2011 نالته "إصابات حقيقية" تمثلت في الهتاف ضده ثم أعادت الاحتجاجات الشعبية الحاشدة في 30 يونيو حزيران الماضي "الرونق إلى صورة الجيش وتتم المقارنة بين الفريق (أول عبد الفتاح) السيسي وجمال عبد الناصر."
ويقول إن السينما لم تقترب بعد من الصورة الجديدة للمسلحة المصرية