قالت مصادر فلسطينيّة، وُصفت بأنّها رفيعة المستوى في رام الله، إنّ عددًا من القادة الكبار في حركة فتح، يُطالبون الرئيس محمود عبّاس (أبو مازن) بتعيين نائب له، لافتةً إلى أنّ القادة الذين عرضوا هذا المطلب أكّدوا على أنّهم يقترحون تعيين المناضل مروان البرغوثي لهذا المنصب.
جدير بالذكر أنّ البرغوثي يقبع في سجون الاحتلال الإسرائيليّ منذ العام 2002 بعد إدانته من قبل محكمة عسكريّة إسرائيليّة بالمسؤولية عن قتل خمسة مواطنين من الدولة العبريّة.
وبحسب محلل الشؤون الفلسطينيّة في موقع "WALLA" الإخباريّ العبريّ، آفي أيسخاروف، فإنّ المطلب بتعيين البرغوثي جاء أيضًا بهدف تسريع إطلاق سراحه من السجن الإسرائيليّ، ولكنّه أضاف، نقلاً عن المصادر عينها، إنّه في حقيقة الأمر، فإنّ هذا المطلب يطفو مرّة أخرى على الأجندة الفلسطينية، خصوصًا وأنّ عبّاس لم يقُم بتعيين نائب له منذ أنْ تسلّم رئاسة السلطة الفلسطينيّة بعد رحيل الرئيس الفلسطينيّ، الشهيد ياسر عرفات.
وساق المحلل الإسرائيليّ قائلاً إنّ القضية المذكورة طُرحت على طاولة النقاش في شهر أيلول (سبتمبر) الفائت خلال جلسة عُقدت في مدينة رام الله للمجلس الثوريّ لحركة فتح، وأيضًا خلال جلسة للجنة المركزيّة للحركة، علمًا بأنّ هاتين الهيئتين هما أكثر الهيئات تأثيرًا في حركة التحرر الفلسطينيّ (فتح)، وخلال جلسة اللجنة المركزيّة، قام توفيق الطيرواي، عضو اللجنة، الذي شغل في السابق منصب المدير العام للمخابرات الفلسطينيّة، بالتحدث، وطالب الرئيس عبّاس بأنْ يقوم بتعيين نائب له، واقترح أنْ يتّم تعيين مروان البرغوثي، الذي كان من ألذ أعدائه السياسيين في الماضي، لهذا المنصب.
وبحسب المصادر ذاتها، فإنّ الطيراوي أكّد في مداخلته على أنّ تعيين البرغوثي لهذا المنصب يُمهّد الطريق لإطلاق سراحه من السجن الإسرائيليّ، ونوهّت المصادر إلى أنّ عددًا من القادة الذين شاركوا في الجلسة المذكورة أعلنوا عن موافقتهم على الطلب الذي تقدّم به الطيراوي، وأعربوا عن استيائهم من أنّ الطرف الفلسطينيّ لم يطرح الموضوع، أيْ إطلاق سراح البرغوثي، قبيل الموافقة على العودة إلى طاولة المفاوضات مع الإسرائيليين، كما أنّهم أكّدوا على أنّ إطلاق سراح القائد الفلسطينيّ البرغوثي، كان يجب أنْ يكون شرطًا لاستئناف المفاوضات مع الدولة العبريّة، على حدّ قول المصادر
في تلك اللحظة، أضاف الموقع الإسرائيليّ، قال الرئيس عبّاس للحضور إنّه بإمكانهم أنْ يسألوه ولكنّه عبّر عن استيائه من أنّهم يقومون بالتحقيق معه.
وزادت المصادر الفلسطينيّة قائلةً أنّ كبير المفاوضين الفلسطينيين، صائب عريقات، تدّخل في النقاش الدائر وأكّد على أنّ تعيين نائبًا للرئيس عبّاس سيُساعد منظمة التحرير الفلسطينيّة لكي تُجنّد الضغوط الدوليّة لإطلاق سراح البرغوثي من السجن.
علاوة على ذلك أوضحت المصادر نفسها، بأنّ الرئيس عبّاس أعلن عن موافقته المبدئيّة على المطلب، إذا قامت اللجنة المركزيّة للحركة بانتخاب مرشح توافقي لمنصب نائب رئيس السلطة الفلسطينيّة، ولكن بحسب المصادر، فإنّه في هذه الفترة بالذات لا يوجد أيّ مرشح من بين الجميع في القيادة الفلسطينيّة، الذي يُمكنه الحصول على تأييد نصف أعضاء اللجنة المركزيّة في حركة فتح.
ووفق المصادر ذاتها، فإنّ قضية تعيين وريث للرئيس عبّاس تقض مضاجع المسؤولين الكبار في حركة فتح، ذلك أنّ عبّاس عانى في الماضي غير البعيد من مشاكل صحيّة، كما أنّه هدد أكثر من مرّة بالاستقالة من منصبه، وهو التهديد الذي شُطب عن الأجندة الآن، على حدّ قول المصادر.
جدير بالذكر أنّه بحسب القانون الفلسطينيّ السائد في مناطق السلطة الفلسطينيّة، فإنّه إذا لم يتمكّن رئيس السلطة من مواصلة تأدية مهامه، فإنّ رئيس البرلمان الفلسطينيّ هو الذي يُعيّن مكانه، ولكن بما أنّ رئيس البرلمان الفلسطينيّ، هو عزيز الدويك من حركة المقاومة الإسلاميّة (حماس)، فإنّ قادة فتح لا يرغبون في أنْ يحدث هذا الأمر، علاوة على ذلك، يؤكّدون في الحركة، على أنّه بعد مرور سنة على انتخاب الدويك رئيسًا للبرلمان، لم تتّم تجديد الولاية، فإنّ الدويك لا يُمكن اعتباره، بحسب القانون، رئيسًا للبرلمان، كما أنّ كبار القادة في فتح ليسوا معنيين بعقد اجتماع للبرلمان لأنّ الأكثرية الساحقة فيه هي من حركة حماس، وبالتالي، أكّدت المصادر، على أنّه عمليًا ونظريًا وقانونيًا، لا يوجد وريث لرئيس السلطة عبّاس، حتى لو بشكل مؤقت.
يُشار إلى أنّ عبّاس يتبوأ اليوم ثلاثة مناصب: رئيس السلطة الفلسطينيّة، رئيس منظمة التحرير الفلسطينيّة ورئيس حركة فتح، وبالتالي فإنّ اللجنة المركزيّة لمنظمة التحرير قادرة على انتخاب قائمٍ بالأعمال لعبّاس ولو بشكل مؤقت، وذكرت المصادر الفلسطينيّة أيضًا أنّ أبو ماهر غنيم، السكرتير العام للجنة المركزيّة لحركة فتح، من الممكن أنْ يُنتخب رئيسًا مؤقتًا لحركة فتح حتى التئام المؤسسات الأخرى للمصادقة على التعيين أوْ انتخاب المرشح الملائم للمنصب.
وخلص المحلل الإسرائيليّ إلى القول إنّ البرغوثي، يتمتّع بشعبية واسعة في الشارع الفلسطينيّ، ولكنّه لا يتمتّع بتأييد كبار المسؤولين في حركة فتح، الذين يخشون من قوتّه الكبيرة، ونقل عن مسؤول رفيع في الحركة قوله إنّ المرشح الثاني الذي تمّ الإشارة إليه هو جبريل الرجوب، الذي يُعتبر هو الآخر، مقارنة بباقي القيادات في فتح، لصاحب شعبيّة كبيرة في الشارع الفلسطينيّ، ولكنّه لا يتمتّع بتأييد من أعضاء اللجنة المركزيّة في حركة فتح، على حدّ قول المصدر عينه.