لقد انكشف القناع وظهرت حقيقة الهجمة الشرسة ،والمؤامرة الكونية الدنيئة على سوريا ، التي تشارك فيها قوى الاستعمار والامبريالية والرجعية العربية مع العصابات الارهابية التكفيرية والجماعات الوهابية السلفية المتطرفة ، هذه المؤامرة الرامية الى تدمير الدولة السورية وتمزيقها وتقسيمها وزعزعة استقرارها وأمنها ، ومحاصرة مشروعها القومي العروبي المقاوم ، وضرب محور الممانعة والمقاومة ، الذي تشكل سوريا أحد اضلاعه الرئيسية مع ايران وحزب اللـه ، واعادة رسم الخارطة السياسية والجغرافية لدول المنطقة ، وتغيير تفاصيلها وسط حالة من خلط الأوراق .
ورغم مرور أكثر من عامين ونصف على بدء الأزمة السورية فإن العصابات الارهابية وعناصر جبهة النصرة الطالبانية تواصل ارتكاب المزيد من أعمال العنف والقتل والتدمير وايقاع المزيد من الضحايا بهدف اثارة الذعر ودب الفوضى وتأليب الشعب ضد النظام ولفت الأنظار عن الانتصارات ، التي يحققها الجيش السوري في ملاحقته للارهابيين ، وتصر على مواصلة القتال والمعارك لأنها ترى في الحل السياسي السلمي هزيمة وخسارة كبرى لها ، وسيكون له مردود سلبي وتداعيات مستقبلية على ساحاتها الداخلية .
وفي حقيقة الأمر ان القيادة السورية برهنت على بعد نظرها وحكمتها وحنكتها ووعيها للاخطار المحدقة ، عندما منعت العدوان العسكري الامريكي والاستعماري على سوريا وذلك بالموافقة على الاتفاق الروسي الامريكي بشأن الأسلحة الكيماوية .وهذه الخطوة الشجاعة العظيمة تعد انتصاراً لها على جبهة المقاومة لأنها جنبتها الحرب، وتشكل هزيمة لقوى البغي والعدوان والظلام ، التي تزرع الألغام ، ولا تريد الخير والاستقرار لسوريا ولا لدول المنطقة .
واذا كانت الأيام قد اثبتت للقاصي والداني ان ما يجري ويحدث في سوريا ، قلب العروبة النابض ، هو حرب ارهابية مدمرة ومؤامرة خطيرة ولئيمة ، فيا لعار المثقفين العرب والسوريين المتمركسين المحسوبين على التيار اليساري التقدمي والعلماني ، الذين اعمى بصائرهم المال السياسي القطري والخليجي ، أمثال عزمي بشارة وبرهان غليون وصادق جلال العظم وميشيل كيلو والطيب تيزيني وسواهم من المفكرين والمثقفين العضويين اليساريين ممن انضموا لجوقات الردح والتحريض ضد النظام السوري واصطفوا الى جانب معسكر الأعداء، هؤلاء المثقفين يمكننا أن ندمغهم بـ "وعاظ السلاطين"، وهي صفة كان أطلقها المفكر الاجتماعيي العراقي علي الوردي على فئة من المثقفين العرب .
والغرابة ان مفكراً ومثقفاً كبيراً معروف بتوجهاته العلمانية ، حامل ومدافع عن مشاريع النهضة والتنوير ، يصف الحرب الدائرة بين الجيش السوري النظامي وبين عصابات الظلام والارهاب والإجرام الوهابية بأنها "انتفاضة" و"ثورة" ، ويبني تفاؤله على قوى التأسلم السياسي ، ويعبر عن اعجابه بمعاذ الخطيب ..!
هذا هو السقوط الفكري والاخلاقي المدوي لمثقفي" اليسار" ، الذين خدعونا زمناً طويلاً بطروحاتهم ومداخلاتهم وسجالاتهم وفي النهاية بانت عورتهم بردتهم الفكرية والايديولوجية ، وذلك بفعل وتأثير التمويل الأجنبي والمال النفطي والخليجي . انهم يزورون التاريخ ويشوهون الحقائق ويقلبونها رأساً على عقب .
فبئس المثقف الذي يخون وطنه وشعبه ويقف في صف شيخ الفتنة يوسف القرضاوي ومشايح قطر والسعودية وبوقهم الاعلامي قناة "الجزيرة" الفضائية .