ينتظر العديد من الأطفال الموهوبين داخل قطاع غزة بيئة تشجع أفكارهم وتنمي موهبتهم ، وتفتح لهم الأفق امام ما يمتلكون من قدرات ، بيئة تدفعهم دفعا نوح النمو الفكري السليم لتحفيز وصقل قدراتهم .
وبرغم من جود عدد قليل من المراكز التي تهتم بتنمية المواهب الفنية بكل أشكالها ، إلا ان أطفال القطاع يرغبون بالمزيد من المؤسسات التي تهتم بالمواهب والمبدعين ، فالإبداع وصناعة الموهبة والنجومية ، تحتاج إلى لوجود معاهد ومدارس والى الإمكانيات والخبرات، وتوفير الدورات التدريبية المتخصصة وهذا ما يفتقر إليه قطاع غزة .
ان الواقع الصعب الذي يعيشه الفلسطينيون خلق جيلا من الأطفال يتعدون مرحلتهم العمرية بسنوات ، وليس بغريب على من قاد الانتفاضة الأولى وسميت باسمهم (أطفال الحجارة) ، قادرون على ان يحسنوا تنمية موهبتهم بشكل ذاتي ، وصدق من قال "من حيث الألم يولد الإبداع"، وهنا لابد ان تضع "وكالة دس نت للأنباء" نصب عينيك العديد من النماذج على سبيل الذكر لا الحصر .
الطفل محمد صابر العصار (15عاماً) ، يمتلك موهبة فن الرسم التشكيلي التي اكتشفها والداه وهو دون الخمسة أعوام ، حيث نال المرتبة الأولى في مسابقة أجريت على مستوى مدارس وكالة غوث وتشغيل اللاجئين في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة .
ومحمد ابن بيئته فهو يجسد برسوماته واقع القضية الفلسطينية بكل ابعادها ، فتجد برسوماته التي يستخدم فيها قلم الفحم ، رسومات تعبر عن قضية الأسرى والتي رمز لها من خلال رسمه ، ليد تخرج من جدار وتكسر القضبان والسلاسل لتمسك بعلم فلسطين .
فيما يجسد برسوماته قضية القدس واللاجئين والتراث الفلسطيني ، بل قام برسم شخصيات ورموز الشعب الفلسطيني مثل ياسر عرفات والشيخ احمد ياسين ، موهبة محمد لا تقتصر عند هذا الحد بل تتعدى ذلك ليدمج الإعداد بالرسم التشكيلي ، فهو يستخدم الأعداد من (1 – 10) برسومات عدة ، ولكل رقم عند محمد يعطي رسمة خاصة.
ويوضح محمد بالقول "على سبيل المثال رقم واحد احوله إلى صورة إنسان حزين ، فيما رقم 5 لحيوان كاريكاتير ، ورقم 7 لوجه شخص كوميدي ، رقم 8 أحوله إلى حمامة سلام .. كهذا "
ويقول ان فكرة إدماج الأرقام في الرسومات من محض إبداعاته الخالصة ، وهو يعمل الآن على إدخال أرقام جديدة برسوماته ، ومن احدى لوحاته الفنية الملفتة رسمه للشهيد الطفل محمد الدرة وهو في حضن أبيه ، والتي قدمها كعمل لإحياء الذكرى الخامسة عشر لانتفاضة الأقصى .
ويوضح محمد ان عامل الحصار أدى إلى وجود معوقات كثيرة وهو ينتظر فرصة جيدة لإظهار موهبته ، مشيرا إلى ان قطاع غزة يفتقر لوجود مراكز دعم المواهب ، ويحلم محمد بان يكون مهندس كومبيوتر وفنان تشكيلي معروف ".
اما الطفل يوسف أبو شرخ ( 13عاما )، من سكان مدينة غزة ، والذي حصل على المرتبة الأولى في مسابقة أجمل صوت على مستوى قطاع غزة أقامتها إذاعة "البراق" المحلية ، يحلم بالوصول إلى النجومية لإعلاء صوت فلسطين .
الطفل أبو شرخ شق طريقه بمساعدة أخيه الكبير عبد الكريم ، واستطاع الانضمام إلى فرقة "الشراع" التراثية بعد ان استمعوا إلى صوته وأعجبوا به ، وهو الآن يتعلم على الطبقات الصوتية وأنواع المقامات .
ويقول " انا حلمي انه اكون نجم وأعلي صوت فلسطين ، وفرقة الشراع بتعلم منهم الطلوع والنزول في الصوت ، وبنمي موهبتي وبتعلم المقامات ، وانا شاركت في حفلات كتيرة بغزة ".
ويتفق الطفلان أبو شرخ و العصار على قلة وجود المراكز التي تهتم بالمواهب داعين المسئولين للعمل على توفير المعاهد والمؤسسات التي تهتم بهذا الآمر .
وهنا نشير إلى إحدى نماذج الإبداع بغزة التي كشف عنها ، حيث الفتي هيثم إبراهيم سعد (18 عامًا) والذي تمكن من اختراع جهاز يُنهي معاناة أهالي قطاع غزة الدائمة والمتمثلة بنقص الوقود وغاز الطبخ، في سابقة سجلت هي الأولى من نوعها محليًا.
ابتكر سعد جهاز "X_Zero Water Volt"، بعد أن عمل عليه مدة شهرين، بهدف إنهاء معاناة أهالي القطاع بعد انقطاع السبل بهم في توفير الغاز والوقود جراء الحصار وهدم الأنفاق الحدودية مع مصر.
ويعمل الجهاز بالمواد الكيميائية وتتلخص فكرته على إنتاج فولتات كهربائية وغاز عن طريق تحليل قطرات المياه وغاز الهيدروجين، فيما يوصل الجهاز بمولد كهرباء خالٍ من الوقود، وموصول ببطارية تضمن استمرار وجود شحنة كهرباء فيها.
وكما يوضح سعد بان تكلفة المواد التي تستعمل في تشغيل الجهاز زهيدة للغاية، "لكن هذا الجهاز يحتاج لبعض التطوير لضمان استخدامه بشكل آمن في المنازل وعلى نطاق شعبي".
وتعود بداية الفكرة كون الجهاز يعمل فقط لتسخين المياه قبل أن يُطوره سعد ليشمل إنتاج غاز وكهرباء سويًا.وكان الشاب سعد فاز بابتكاره ضمن مسابقة لمديرية تعليم شرق غزة، ما أعطاه حافزًا لتطويره.
ناهيك عن الأرقام القياسية العديدة التي سجلها أطفال قطاع غزة في موسوعة "غنيتس" للأرقام القياسية ، فهي كثيرة ويصعب حصرها وعلى سبيل المثال في طبطبت السلة أو الطائرات الورقية أو اللعب في البارشوت وغيرها الكثير ، وكل ذلك يعطي دلالات بان حجم طاقة الطفل الفلسطيني واسعة ومواهبه متعددة .