تجميد المساعدات لمصر هل تدفع مصر لتغيير تحالفاتها

بقلم: علي ابوحبله

قرار الاداره الامريكيه تجميد بعض المساعدات العسكرية لمصر لاقى انتقاد عدد من أعضاء الكونغرس الأمريكي حيث قال السيناتور الديمقراطي باتريك ليهي رئيس لجنة الاعتمادات الخارجية في مجلس الشيوخ أن الاداره الامريكيه تحاول الجمع بين خيارين متناقضين بتعليق بعض المساعدات ولكن مواصلة البعض الآخر لذلك فان الرسالة تكون مشوشة ، كما انتقد مصدر إسرائيلي مسئول القرار الأمريكي قائلا انه يعد تراجعا عن تدخل الولايات المتحدة في شؤون الشرق الأوسط معتبرا أن المساعدات لمصر ضرورية من اجل الحفاظ على النفوذ الأمريكي في المنطقة وكذلك على الجيش المصري ، وقد أعلنت ألمتحدثه باسم الخارجية الامريكيه أن واشنطن ستجمد تسليم المعدات العسكرية الثقيلة ومساعدتها المالية للحكومة المصرية في انتظار إحراز تقدم ملحوظ نحو تشكيل حكومة مدنيه منتخبه ديمقراطيه في مصر ، المساعدات الامريكيه التي تبلغ قيمتها 1.3 مليار سنويا إضافة إلى 250 مليون دولار من المساعدة ألاقتصاديه ، وتشمل ألصفقه التي تم تجميدها مروحيات هجوميه من طراز أباتشي وصواريخ من طراز هاربون إضافة إلى قطع غيار لدبابات هجوميه ،

وهذه المساعدات التي تقدم لمصر هي بموجب اتفاقات كامب ديفيد ، هذا وقد أعلنت ألمتحدثه الامريكيه أن واشنطن لن تعلق المساعدات المخصصة لحماية الحدود المصرية ومحاربة الإرهاب وضمان الأمن في سيناء . كما أنها ستواصل تزويد مصر بقطع غيار الاسلحه ومعدات امريكيه الصنع وستواصل تدريب القوات العسكرية الامريكيه ، إن القرار الأمريكي بتجميد المساعدات العسكرية لمصر يأتي في مجال الضغط الممارس على القيادة العسكرية المصرية حيث ربطت ألمتحدثه الامريكيه قرار تجميد المساعدات بتشكيل حكومة مدنيه ، وهذا بحد ذاته يشكل تدخل في الشؤون المصرية الداخلية وربط المساعدات بمطالب امريكيه من شانها المس باستقلالية القرار المصري والسيادة الوطنية المصرية ، هذا وقد ارتفعت أصوات حزبيه مصريه ومطالب شعبيه مصريه بالرد على القرار الأمريكي بتجميد العمل باتفاقية كامب ديفيد وهناك أصوات أخرى قد طالبت بإلغاء اتفاقية كامب ديفيد ، إن القرار الأمريكي الذي جاء ردا على إقصاء الرئيس محمد مرسي عن سدة الحكم بنتيجة المطلب الشعبي وعدت أمريكا ذلك خرقا للديموقراطيه واعتبره الشعب المصري مطلب شعبي وان الموقف الأمريكي هو موقفا عدائيا للشعب المصري وتعديا على السيادة الوطنية المصرية ، القرار الأمريكي هذا قد يعيدنا إلى تلك الانعطافة التاريخية في مسار الشرق الأوسط التي ترتب عليها ابتعاد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر عن الغرب بعد حرب السويس عام 1956 حيث للمرة الأولى تعلن مصر فيها عن إبرام صفقه أسلحه ضخمه مع تشيكوسلوفاكيا مما أدى في ذلك الوقت إلى ردود فعل عالميه ومحليه متباينة ، لقد كسر الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر في تلك ألحقبه التاريخية إلى كسر احتكار السلاح بعقد صفقه أسلحه مع ألكتله الشيوعية من خلال الحكومة التشيكية في 27 سبتمبر عام 1956 ، والتي كانت ضرورة اجباريه حتمت التطورات والظروف إلى عقدها بعد أن رفضت الدول الغربية طلب عبد الناصر بإمداده بالسلاح لمواجهة الهجمات الاسرائيليه على غزه في فبراير 1955 في أول هجوم منظم من نوعه بعد حرب 1948 أسفر عن مقتل 38 شخص بين مدني وعسكري ،

إن الموقف التاريخي للرئيس الراحل عبد الناصر في تلك ألحقبه كان مع اشتداد الأطماع الخارجية ضد الدول العربية التي اتضحت في قيام تركيا بحشد قوات على الحدود السورية في شهر مارس 1955 الأمر الذي شكل تهديد فعلي من جانب حلف بغداد على الدول العربية ، حيث أعلن عبد الناصر تحذيره الأخير للدول الغربية بأنه لو امتنعت عن تمويل القاهرة بالسلاح فسوف نلجأ إلى موسكو بصوره نهائيه لضمان توريد الاسلحه ، إن ما تتعرض له مصر اليوم من إرهاب يستهدف ألدوله المصرية ويستهدف خرق سيادتها الوطنية وما تتعرض له سوريا من إرهاب منظم ومن خطر محدق يتهدد ألدوله السورية وكذلك ما يتهدد العراق من حرب أباده بفعل التفجيرات التي تستهدف المدنيين وتستهدف تقسيم العراق حيث يخشى من انتشار الحرب المذهبية الطائفية لتعم المنطقة مما ينذر بخطر داهم يتهدد الأمن القومي العربي ، هذا المناخ العربي والوضع العربي ومخاطر ما يتهدد ألامه العربية تعيد مصر لواقعها وماضيها التاريخي ما قد يدفعها للتحرر من الهيمنة الامريكيه والمظلة الامريكيه بكسر قيود كامب ديفيد والتحرر من تبعات اتفاقية كامب ديفيد التي حدت وتحد من بسط السيادة المصرية على كامل التراب المصري في سيناء ، هذه المواقف الامريكيه وردة الفعل الشعبي المطالب بتجميد كامب ديفيد قد تدفع القيادة العسكرية المصرية والحكومة المصرية لتغيير تحالفاتها وتدفعها لإنهاء الاحتكار الأمريكي والغربي بتزويد الجيش المصري بالسلاح ويدفعها إلى إعادة تحالفاتها مع موسكو والصين ، خاصة وان العالم اليوم يشهد تغيرات وتطورات أدت إلى تغير في موازين القوى وأدت إلى تغير في حكم العالم وإنهاء التحكم الأمريكي في حكم هذا العالم ، إن العيون جميعها شاخصة نحو مصر وهي تنتظر موقفها لتعود لتتبوأ مركزها في العالم العربي وتعود لتتبوأ ثقلها الإقليمي والدولي وان ذلك لن يكون إلا إذا تحررت مصر من تبعات وقيود كامب ديفيد وكسر الاحتكار الأمريكي بتزويد الجيش المصري بالسلاح وبضرورة توفر الاراده المصرية المستقلة للتخلص من المساعدات الامريكيه العسكرية والمالية والتي جميعها تقيد مصر وتجعلها تحت التبعية الامريكيه ، لا شك أن مصر أمام منعطف تاريخي وان جميع العرب ينظرون للقرار المصري الذي يحرر مصر من تبعيتها لأمريكا لان مصر بحاجة لقرارات ثوريه وطنيه تعيد لمصر كرامتها التي افتقدتها عبر عشرات السنين بفعل قيود كامب ديفيد هذه القيود التي أدت بمصر للتقوقع وأبعدتها عن محيطها العربي والإقليمي والدولي تحريرا في 14/10/2013