أجمع الكتاب والمعلقون المؤيدون للسلطة الفلسطينية، أجمعوا في كتاباتهم وأحاديثهم أن خطاب رئيس الوزراء، لا يحمل جديداً، وأنه كلام لا يمت للواقع بشيء، حتى عاب البعض على رئيس الوزراء إسماعيل هنية بلاغته، وفصاحته، واعتبر البعض حديثه استعراضاً لغويا، وهنا استثني وزير الأسرى السابق الأخ سفيان أبو زايدة، السياسي الوحيد الذي يحمل النفس الجديد، فقد نظر لخطاب رئيس الوزراء بعين العقل والمسئولية: وقال كلمة حق، لم يجرؤ عليها غيره، وهو يستحث السيد عباس على الاستجابة، وأن يمد يده لمصافحة اليد الوطنية الممتدة إليه.
إلى المشككين في النهج الفلسطيني أقول: لقد استقامت اللغة في خطاب إسماعيل هنية، فاستقامت السياسة. وهذا كان جوابي السريع على سؤال فضائية الأقصى، ولكن استقامة اللغة على لسان الرجل لم تكتمل، فقد أخطأ حين قال: نحن لم نعتدْ على احدٍ، ولم نغدرْ بأحدٍ، ولم نخطئْ في البوصلة والمسار العام، لقد سكن رئيس الوزراء الفعل المضارع معتل الآخر "نعتدي"، والأصل أن يحرك الفعل بحركة حرف العلة المحذوف، ويقول: لم نعتدِ على أحدٍ.
تمنيت لو حرك رئيس الوزراء الحرف، وتمنيت لو حرك رئيس الوزراء حالة الانقسام، وبادر بدعوة السيد عباس لتحمل كامل المسئولية عن قطاع غزة، وأن يشرع فوراً في تشكيل الوزارات التي يحب، والأجهزة الأمنية التي يشتهي، والمؤسسات التي يرغب، تمنيت أن يطرح رئيس الوزراء ذلك، وأن ينتظر ردة فعل السيد عباس، الذي سيرفض هذه المبادرة حتماً، لأن السيد عباس سيشترط، تفكيك المقاومة، وتسليم السلاح إلى الصهاينة، وتسريح المقاومين.
لذلك أقول: لو اقتصر خطاب رئيس الوزراء إسماعيل هنية على فقرة المقاومة، ولم يزد شيئاً، لقلت: كفّى الرجل وأوفى. لأن أصل القضية الفلسطينية هو المقاومة، ولا قضية للفلسطينيين دون المقاومة، فكل ما يحتاجه شعبنا العربي الفلسطيني في هذه المرحلة الحرجة من السياسة هو التأكيد على حقنا في المقاومة، لأن من يتمسك بالمقاومة يؤكد على تفريطه باتفاقية أوسلو؛ التي حرمت شعبنا من رفع يده إلا للتوقيع على الاتفاقيات مع اليهود.
حديث رئيس الوزراء عن المقاومة ليس لفظاً يحرك المشاعر، ولا هو شعار اعتراضي، حديث المقاومة على لسان إسماعيل هنية جاء لاحقاً لفعل المقاومة، إنه يعبر بالكلمات عما نفذه المقاومون عملياً تحت الأرض، وما يعدون له فوق الأرض، وهذا أمر لا يتنكر له إلا جاحد بالثوابت الفلسطينية، مشكك بثورة المستحيل، وبقدرات الشعب على صنع المعجزات.
رئيس الوزراء يقول لألوان الطيف السياسي الفلسطيني: تعالوا لنتصالح، تعالوا لننهي الانقسام، تعالوا نطبق ما اتفقنا عليه، وتعالوا نلتقي على كلمة سياسية سواء، ولكن على أرضية الاعتراف بأن المقاومة منطلق اللقاء.
فهل من مجيب؟