منعطفات في حياتنا

بقلم: مازن صافي

يتوقع نقلة نوعية في عالم تكنولوجيا المعلومات  أن تقوم ، وهذا ما أفصحت عنه  شركة “IBM” الأميركية ، حيث على وشك ابتكار جيل جديد من أجهزة الكمبيوتر  تعمل بنفس نظام ونمط العقل البشري، حيث ستتضمن “دماء إلكترونية” تسري في الجهاز بنفس طريقة عمل الدماء التي يقوم القلب بضخها في دماغ الإنسان حتى تعمل .. و قال مدير البحوث في الشركة: " نحن نحتاج لأن نفهم كيف يعمل عقل الإنسان وكيف يقوم باستخدام الطاقة بفعالية عالية، فإذا تمكنا من فهم ذلك سيكون بمقدورنا بناء أجهزة كمبيوتر أفضل ستعطي سرعة وفعالية أكبر بعشرة آلاف مرة من الأجهزة التقليدية " .

 

اليوم تملأ الصناعات الصينية غالبية الأسواق العالمية، وتتميز برخص ثمنها أو تقديمها أنواع من التكنولوجيا وفق مواصفات يحددها المستهلك وتناسب المستوى الاقتصادي في كل بلد على حدة ، وبالتالي هل يمكن ان تتفوق أمريكا الكترونيا على الصناعات الصينية وبالتالي تعدم قدرتها على التنافس في السوق العالمي .. ومن المعروف الصين فيها ما يقرب من المليار والنصف نسمة، وتشهد منذ سنوات نقلة اقتصادية كبرى ومنافسة ، وبينما تستمر بلداننا العربية في تفردها بأعلى سلم " الاستهلاك دون الإنتاج" .. لا مجالا للبحث عن الأسباب ، فيكفي أن نعرف أن  أولويات الصين هي الوطن، العمل، الإنتاج، البناء، الاقتصاد، الصناعة، الزراعة، وتوفير حاجات المواطنين.

 

المواطنين في بلادنا العربية ستظل أمنياتهم بسيطة جداً وتبتعد مئات الأميال عن أمنيات وأحلام شعوب العالم ، وأما نحن الشعب الفلسطيني فسنظل نحلم ونتمنى ان نعيش في وطن يعمهُ السلام والأمان..سنظل نحلم بوطن كباقي الأوطان .. وسيبقى هدفنا وحلمنا في زوال الاحتلال وإقامة دولتنا الفلسطينية وعاصمتنا القدس ، وان نصلي أحرارا في مسجدنا الأقصى دون تحديد جغرافيا عناويننا أو تواريخ الميلاد ، وهذه قمة سعادتنا الفلسطينية ، ولتحقيق هذه السعادة يجب أن نحب بعضنا البعض وان نبغض ما يفرقنا ونعمل جميعا لاستعادة الوحدة والمصالحة الفلسطينية ، فمن أسرار السعادة الابتعاد عن كره الآخرين حتى في حال خطأهم ومهما كان مقدار الخطأ، فقبول الطرف الآخر وحبه والإحسان إليه والتعامل معه بنيةٍ صادقة صالحة وحمل المشاعر الكريمة نحوه، والتزين بالأعمال الفاضلة في التعامل معه، سبب وجيه لشعور الإنسان بالسعادة، والحقيقة الناصعة كقرص الشمس أن كل شيء في هذه الحياة يمكننا جعله مصدرا للسعادة، إذا اعتبرناه كذلك ونظرنا إليه بإيجابية، وجعلنا السعادة عنوان الحياة .

 

فالعدل والسلام والحرية هما ناموس الحياة وترياقها فبدونهما تفقد الحياة معناها، ولكي نخرج من النمط الفلسفي او المدينة الفاضلة او الفكر الميكافيللي يجب أن نعمل من خلال أن الناس متساوون جميعا لا هذا أفضل من هذا ولا هذا أحسن من هذا إلا من خلال ما يقدمه للآخرين من فائدة ومنفعة إلا من خلال تضحيته بمصالحه الخاصة من اجل مصلحة الآخرين، وأن تكون ملكية الفرد مسخرة للملكية العامة وليس العكس، وهنا يسود العدل والرضا المجتمعي ويبارك الله لنا في أموالنا وممتلكاتنا وأوطاننا ويحفظنا من كل سوء .

إن  الفروق الاقتصادية في المجتمعات تولد الفقر والحاجة والحالات المستفزة، وقد تصل بالإنسان إلى حد التخبط والإحباط، انه لأمر مروع أن يفكر أب أو أم، مجرد تفكير، بالتخلي عن فلذات الأكباد، لأسباب في النهاية يكون علاجها " اقتصاديا"، وفي نفس الوقت نجد الأرقام المالية الفلكية في بعض البلاد العربية، وشبابنا في عاصمتنا القدس يغرق في الفقر وفي المشكلات المجتمعية وربما ينحرف البعض باتجاه المخدرات وما شابه من دمار نفسي وعضوي ومجتمعي .

 

وأخيرا وقبل أن نغلق آخر التعاريج، نسجل سعادتنا بقرار المملكة العربية السعودية المتمثل برفض المقعد المؤقت - غير الدائم - بمجلس الأمن لمدة عامين والذي شكل مفاجأة من العيار الثقيل للدول الغربية قبل العربية !.

 

فهي المرة الأولي التي ترفض فيها احدي الدول الأعضاء في المنظمة الدولية المقعد وتعتذر عن قبوله صراحة وبكل وضوح .. وبذلك تظهر المملكة العربية السعودية أنها الدولة الإسلامية والعربية الوحيدة التي أعلنت رفضها للازدواجية من قبل مجلس الأمن والمنظمات الدولية في التعامل مع قضايا الشرق الأوسط وفي مقدمتها القضية الفلسطينية .

 

وأخيرا إن المسافة بين أي نقطتين من مجرى النهر قد تكون قصير جدا إذا قيست بخط مستقيم، بينما تطول كثيرا هذه المسافة إذا ما قيست بخط منحن يتبع مجرى النهر في انحنائه وعلى ذلك فإن الانعطاف المتعدد الواضح في مجرى النهر يعتبر شاهدا على تقدم عمر النهر