أدان مجلس الوزراء الفلسطيني، بشدة إقدام قوات الاحتلال الاسرائيلي على قتل المواطن "محمد عاصي"، في بلدة بلعين غرب مدينة رام الله صباح اليوم، واعتقال ثلاثة مواطنين، والاعتداء على الصحفيين، وقيام الآليات العسكرية الإسرائيلية بتجريف أراض زراعية مزروعة بشجر الزيتون في المنطقة الواقعة بين كفر نعمة وقرية بلعين المجاورة، واقتحام قوات الاحتلال لمنازل المواطنين بالقوة، وتحطيم العديد من الأثاث داخلها.
وفي سياق متصل، أكد المجلس خلال جلسته الأسبوعية التي عقدها في رام الله، اليوم الثلاثاء، برئاسة رامي الحمد الله رئيس الوزراء على أن القدس هي مفتاح السلام، وأن لا دولة فلسطينية بدون القدس الشرقية عاصمة أبدية لها، مشدداً في هذا الصدد على رفض مشروع القانون الإسرائيلي الهادف إلى منع أي انسحاب إسرائيلي من القدس الشرقية، ومرحباً في الوقت ذاته بمقاطعة الفلسطينيين في المدينة لانتخابات بلدية القدس الغربية، وهو ما يمثل استفتاءً شعبياً على رفض الاحتلال الإسرائيلي وعلى عروبة المدينة.
وشدد المجلس على أنه آن الأوان للمجتمع الدولي لأن يتحرك لوضع حد للسياسة الإسرائيلية في مدينة القدس، وبخاصة ما يجري في المسجد الأقصى المبارك، محذراً من أن ما تقوم به الجماعات الإسرائيلية المتطرفة، بدعم من الحكومة الإسرائيلية، يضع مجمل عملية السلام في دائرة الخطر ويهدد الأمن والاستقرار في المنطقة ككل. كما حذر المجلس من تمادي المسؤولين الإسرائيليين في تصريحاتهم الاستفزازية العنصرية والخطيرة ضد السلطة الفلسطينية وعلى رأسها الرئيس محمود عباس.
وأكد مجلس الوزراء على أن توالي تصريحات المسؤولين الإسرائيليين من وزراء وأعضاء كنيست ضد المفاوضات وحل الدولتين وضد قيام دولة فلسطين، إضافة إلى إصرار الحكومة الإسرائيلية على تحدي كافة دعوات المجتمع الدولي، واستمرار انتهاكاتها للشرعية الدولية من خلال حملات التحريض والقرارات الاستيطانية المكثفة، والتصعيد الخطير في وتيرة الاعتداءات العسكرية الإسرائيلية ضد أبناء الشعب الفلسطيني ومصادر رزقهم، في المناطق المُسماة (ج) وتجمعاتهم السكنية فيها، خاصةً في الأغوار، ومناطق خلف الجدار، والتي شملت هدم ومصادرة الخيم والبركسات والمنازل، وتدمير وتجريف الطرق، واقتلاع المزروعات، وقطع الأشجار، في انتهاكٍ صارخ لمبادىء حقوق الإنسان وقواعد القانون الدولي، هي بمثابة الدليل القاطع على أن خيار إسرائيل الأول والأخير هو التوسع والتهويد وسلب الأرض الفلسطينية، وليس الوصول إلى الحل الدائم الذي يضمن للفلسطينيين حقهم في تقرير المصير، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس، ويحقق حلاً عادلاً ومقبولاً لقضية اللاجئين الفلسطينيين وفق القرار 194، ويضمن الأمن والإستقرار والسلام للجانبين وللمنطقة جميعها.
كما أن إمعان الحكومة الإسرائيلية في تغيير الطابع الجغرافي والديمغرافي في القدس، وإصرارها على مصادرة عروبتها ومكانتها الثقافية والحضارية والدينية، وإمعانها في سياسة عزلها ونزعها عن محيطها الفلسطيني، وفي محاولات تهجير أهلها الذين يخوضون صراع البقاء على أرضهم، والإعتداءات المستمرة على المسجد الأقصى المبارك، إضافة إلى جرائم المستوطنين الإرهابية المُنظمة والمُمنهجة، والتي تستهدف وبشكلٍ يومي، حياة المواطنين ومصادر رزقهم بتشجيع من الحكومة الإسرائيلية وبحماية قوات الإحتلال تعتبر سياسة منهجية لتدمير كل إمكانية للحل العادل المنشود، وكل أمل في إقامة دولة فلسطينية مستقلة قابلة للحياة.
وأكد المجلس أن على الأمم المتحدة إتخاذ مواقف حازمة تجاه سياسات الحكومة الإسرائيلية، وأن على الإدارة الأمريكية إتخاذ مواقف نزيهة وعادلة تجبر إسرائيل على الإلتزام بقواعد القانون الدولي، ووقف كافة سياساتها التي تهدف إلى نسف مفاوضات الوضع النهائي، وذلك لحماية عملية السلام وإعطائها الفرصة التي تستحق.
وشدد المجلس على أهمية تكامل الجهد الشعبي من كل أبناء الشعب الفلسطيني مع الجهد الرسمي المبذول مع المجتمع الدولي وكافة المؤسسات الدولية، ومؤسسات حقوق الإنسان لتسليط الضوء على ما يعانيه آلاف الأسرى داخل سجون الاحتلال، من إهمال طبي، وعزل، ومعاملة قاسية، وعلى ضرورة إلزام إسرائيل بقواعد القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، وأهمية متابعة حشد المزيد من الدعم الدولي للإقرار بحقوق الأسرى التي تضمنها لهم كافة المواثيق والمعاهدات الدولية وفي مقدمتها اتفاقيتا جنيف الثالثة والرابعة، والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، بالإضافة الى اتفاقية لاهاي واتفاقية مناهضة التعذيب، وعلى ضرورة مواصلة الحملة الخاصة بحقوق الأسرى، وخاصة الأسرى المصابين بأمراض خطيرة، والمضربين عن الطعام، وكذلك كل الجوانب المتعلقة بحقوق الأسرى، ومواصلة الضغط لاطلاق سراحهم.
وحذر المجلس من خطورة الأزمة المالية في ظل عدم وصول المساعدات، الأمر الذي يعمق الحالة التي تعاني منها السلطة الوطنية ويؤدي إلى شل قدرتها على الوفاء بالتزاماتها، وفي رعاية مصالح شعبنا، وتقديم الخدمات المطلوبة لهم.
وتقدم المجلس بالشكر والتقدير إلى دولة قطر الشقيقة لتقديمها مبلغ 150 مليون دولار لسداد ديون عن خزينة السلطة الوطنية الفلسطينية، داعياً الدول المانحة، وبقية الأشقاء العرب إلى تقديم المساعدة المالية العاجلة لتغطية العجز في الموازنة العامة، وإلى ضرورة الاستجابة السريعة لتفعيل شبكة الأمان العربية وتوسيعها، وتفعيل قرارات القمم العربية بشأن القدس لتعزيز صمود أهلها وقدرتهم على مواجهة المخططات الإسرائيلية التي تستهدف وجودهم.
وأعرب المجلس عن تقديره لتفهم الجميع لمحدودية الامكانات، وضرورة تضافر جهود الحكومة مع كافة مكونات النظام والمجتمع الفلسطيني، والعمل معا بشراكة تامة لوضع السناريوهات الملائمة والقابلة للتطبيق حسب الإمكانيات المتاحة دون إجحاف بالحقوق، حتى نتمكن من مواجهة التحديات التي" تواجهنا جميعا وتستهدف وجودنا وقضيتنا العادلة ومشروعنا الوطني برمته."