قصة قصيرة بعنوان بركة اللقاء ..!!

بقلم: حامد أبوعمرة

ما أجملها من لحظات نادرة كسقوط المطر لحظات .. تغمرها الغبطة والسعادة والأمل والانسجام ..والحنين إلى الذكريات ..ذكريات الماضي عندما نلتقي بأصدقاء نكن لهم في قلوبنا ..كل الحب والاحترام والتقدير ..هي لحظات جميلة رائعة مهما طالت فهي تمر سريعا كما يمر قطار العمر الذي يسرقنا ..يسرق أيامنا بدون توقف ،و دون أن ندري ..فبالأمس تلقيت دعوة من أصدقاء أعزاء لي .. لقضاء وقت ممتع ولكسر روتين حياتنا اليومي الممقت بعيدا عن أعباء الحياة ،و متطلباتها والتي لا تنتهي أبدا إلا بنهاية رحلة العمر ..كم كان لقاءٌ طيبٌ..

يكفي حلو الحديث والبسمات التي لم تغادر شفاهنا أبدا طيلة مدة اللقاء ،أما عن مكان اللقاء فهو من أرقى الأماكن الهادئة والفخمة التي تسر العين ،وتطمئن لها النفوس.. ويهنأ به البال ..لقد كان المكان بأحد الكافيتريات على شاطئ البحر ..بحر مدينة خان يونس ،ونصيبنا أن الشمس كانت ساطعة ،و لذلك قد شعرنا بالدفء ..وهل لنا من مكان ترفيهي في قطاعنا المحاصر غير البحر ..يكفي أنه المكان الوحيد الذي يحتضن الجميع دون جمرك أو ترخيص ،وتكفي أمواجه الحيرى حين تداعب خصلات ذكرياتنا بكل أمل وتفاؤل وحب ، فتنبض في حنايانا أجمل الذكريات من الزمن الجميل ..وهناك و على شاطئ البحر تناولنا وجبة الغذاء ،ما ألذه وما أطيبه من غذاء !! وما أبهرنا جميعا كأصدقاء .. ليست قدرة الأرز الفخارية، المحشوة بلحوم الأضحية ،والتي تم طهيها بأحد المطاعم .. بل إنها البركة التي قد أحلت بنا وهي نعمة قد من الله بها علينا ..فرغم ما تناولناه بنهم ٍ شديد وبتذوق يفوق الوصف ..حينها قلت مالنا هجمنا على الصواني كما ينقض الأسد الذي يتضور جوعا على فريسته ..إلا وكأن الطعام لم يصبه أحد ..حقا أنها البركة!!


فقال لي أحد الأصدقاء ..بمناسبة الأسود لو نظرت وراءك على مسافة تقارب المتر الواحد لرأيت الأسد ..تطلعت على عجالة وقد دار في مخيلتي على الفور بأنه أسد صغير نائم داخل قفص أو محنط..لكن المفاجأة أنه كان أسدٌ كبير يتمدد على الأرض ، وكانت رأسه تتطلع إلى مياه البحر بكل شموخ وعزة وكأنما يحرسه من اقتراب الطرادات الإسرائيلية ،والتي بين الفينة والأخرى يُسمع دوي زخات رصاصاتها من بعيد فلاتعيث في الأرض أو الجو فسادا بل حتى البحر أيضا لم يسلم من تلك الغطرسة ..!! ..المهم أني لم ينتابني حينها الشعور بالذعر أوالقلق ، لأن ذاك الأسد لم يكن حقيقيا بل كان منحوت من الجص ،ومطلي بلون فضي جميل إلا أن المشهد استوقفني وأثارتني براعة الفنان المبدع الذي قام بتشييده لم أعرف ما الذي دفعني بالاقتراب من الأسد حتى مسحت على رأسه .. هل هي توصية سرية له مني بالهمس في أذنيه بالصمود والتحدي أم هي براعة المشهد !! .


صحيح .. أننا قضينا أوقات ممتعة من ساعات الصباح .. إلا أننا لم ندرك بعد أن سرقنا الوقت وإلا قرص الشمس رأيناه يسقط رويدا في أحضان البحر، وقت الغروب ..صحيح أننا غادرنا المكان لكن لن تغادر بصمته الأصيلة مخيلتنا ..!!