ثغرة في الجدار توصلنا إلى القدس ..

بقلم: مازن صافي

صرح اليوم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن تجديد الاستيطان في مدينة الخليل يعبر عن مدى عمق علاقة اليهود بها، متمنيا وصول آلاف اليهود إلى البلدة القديمة للاحتفال بعيد يهودي، وتزامن هذا التصريح مع إقدام مجموعات من عصابات المستوطنين الحاقدين على اقتحام المسجد الأقصى وبحراسة مشددة من جيش الاحتلال البغيض، وتكرار ذلك خلال الأيام السابقة.


وقد ندد الجميع بتلك الجرائم التي تستهدف قدسية ومكانة المسجد الأقصى، والمطالبة بأن يتواجد المصلين في باحات الأقصى على مدار الساعة، وبالفعل فإن توترا شديدا يسود مدينة القدس وباحات المسجد الأقصى، رافضا لهذه العربدة الاحتلالية والتطرف والعنصرية المقيتة.


و احتجاجا على هجمات المستوطنين والعربدة في باحات الأقصى، ومواصلة سلطات الاحتلال سياسة هدم المنازل في البلدة القديمة بالقدس وكان آخرها هدم مبنى قيد الإنشاء في البلدة، وفجروا أيضا مواجهات مفتوحة مباشرة مع قوات الاحتلال حتى ساعات الفجر الأولى، وتواصلا مع هبة حماية وإنقاذ الأقصى والمقدسات تمكن العشرات من الشبان بإعادة هدم جزء من جدار الضم العنصري بين بلدة أبو ديس ومدينة القدس، بعد إغلاق جيش الاحتلال للثغرة التي أحدثها الشبان مساء الثلاثاء الماضي.

على الكل الفلسطيني والعربي والإسلامي ان يدرك ان السياسة الإسرائيلية في مدينة القدس عاصمة دولتنا الفلسطينية، تنطلق من مفاهيم أيدلوجية إسرائيلية مزعومة ومرفوضة وأن عزل القدس عن محيطها وعزل الأحياء الفلسطينية داخلها هو سياسة بدأت منذ احتلال المدينة المقدسة، وبالإضافة إلى سياسة الفصل العنصري والتي تعتبر نسخة كربونية من تلك السياسة البغيضة التي كانت في جنوب أفريقيا قبل انهيار ذلك النظام، فضلا عن إغلاق إسرائيل للمؤسسات الفلسطينية، ومنع الفلسطينيين من القيام بنشاطات فيها، وهذا له بعد استراتيجي في السياسة الإسرائيلية فهو يتم بذريعة الأمن ولكنه في الحقيقة يتم وبطرق ممنهجة من أجل تعزيز الطابع اليهودي في القدس، وتكريس كل ما يجعلها عاصمة أبدية لإسرائيل، وتقويض إمكانية قيام الدولة الفلسطينية، وخنق إمكانيات التنمية الاقتصادية وعزل الضفة الغربية ومنع التواصل والاتصال الطبيعي بين المدن الفلسطينية.


أن يأتي هدم جزء من الجدار العنصري من مدينة القدس المحتلة والتي تعتبر " ثكنة عسكرية استيطانية" فهذا له دلالات كبيرة، وأولها أن الإرادة الفلسطينية لن تخمد، وأن الجدار لن يصمد، كما لم يصمد في جنوب أفريقيا وألمانيا، وكذلك الاحتلال لن يستمر وسيزول.


وكذلك فإن هدم جزء من الجدار قد أحدث هدم كبير في منظومة الأمن الإسرائيلي الذي أحاطته إسرائيل بهالة مضخمة ورسمته في إعلامها ووضعته فوق كل طاولات العالم، في مواجهة المطالب بإنهاء الاحتلال وقيام الدولة الفلسطينية .
ان ما حدث اليوم يجب أن يقرأ بواقعية وعمق، فالمتغيرات الإقليمية والعربية والتحولات والتحالفات العسكرية والسياسية والأمنية والاقتصادية يجب أن تقرأها إسرائيل بعناية وان تعي تماما أن هذا كله ستعود نتائجه استراتيجيا للصالح الفلسطيني وليس الإسرائيلي، فنحن أصحاب القضية والحق وأرضنا محتلة ويحق لنا مواصلة كفاحنا ونضالنا بكل الوسائل المشروعة والمكفولة في كل مواثيق الأمم المتحدة وفق اتفاقيات جنيف الرابعة .
إن كل فلسطيني يؤمن بالحرية والحياة الكريمة وان الاحتلال سيزول وأنه مهما امتلكت إسرائيل من أسلحة فتاكة، فإن عقيدة مواصلة النضال والعمل على الخلاص من الاحتلال الاسرائيل للأرض لن تتزعزع، وان السياسة والدبلوماسية الفلسطينية قد أثمرت بانتزاع القرارات الدولية وآخرها حصول فلسطين على دولة غير عضو بالأمم المتحدة مما أتلح لنا الانضمام إلى الاتفاقيات والمواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، وخاصة المعاهدات التعاقدية منها، ومن شأن ذلك تعزيز حالة حقوق الإنسان في فلسطين، وتجريم قادة الاحتلال وتقديمهم إلى محكمة الجنايات الدولية.


أن قوة الحق الفلسطيني سوف تنتصر، وان فتحة في جدار الفصل العنصري هي بداية انهياره، وان مطالب الحرية هي أعظم المطالب ، وأكثرها بقاءً وقدرة على هزيمة كل نظريات الأمن والعمليات العسكرية ضد الوجود الفلسطيني.