بكثير من الحزن والأسى والألم ودع الوسط الشعبي والفني في هذه الديار المطرب الشعبي المعروف شفيق كبها ، القادم والناهض من كفر قرع وربى المثلث الأشم ، صاحب الحنجرة القوية والصوت الرخيم ، الذي قتل غدراً وغيلة بأيدي الغدر والجريمة الرعديدة . فبأي ذنب قتلوا هذا الانسان الفنان مرهف الاحساس ..؟!
لقد اغتالوا من كان يحيي اعراسنا وافراحنا ، ويطرب الناس ، ويزرع الحب والأمل والفرح في النفوس ، ويحاكي القلوب ، ويدغدغ المشاعر ، ومن أبدع في أداء الموال والأغنية الشعبية الفلسطينية والوطنية الثورية الملتزمة .
شفيق كبها أشهر من نار على علم ، فهو أحد كبار المطربين الفلسطينيين في الداخل ، الذين شاركوا في احياء حفلات الاعراس والحناء في ربوع وطننا الحبيب ، في المثلث والجليل والنقب والضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية ، لفتت موهبته الغنائية الانظار منذ الصغر، وأثار الإعجاب بصوته الصداح وغنائه الطربي .
عرفت فقيد الاغنية الشعبية الفنان شفيق كبها في أواخر السبغينات من القرن الماضي في أثناء دراستي الثانوية حيث كنا من أبناء جيل واحد ، وقد توسمت فيه روح البساطة والطيبة ودماثة الخلق وروح البذل والعطاء وعشق الفن والغناء بلا حدود ، فكان ينشد ويشدو ويطربنا في الحفلات والجولات والرحلات المدرسية . وبعد تخرجه بادر الى اقامة وتأسيس فرقة "الربيع" مع مجموعة من الفنانين والعازفين المهرة ، الذين أبدعوا في العزف والتلحين وامتاع الحاضرين ، وتميز بصوته الشجي العذب وأغانيه القريبة من الذائفة الشعبية .
شكلت تجربة شفيق كبها واحدة من التجارب الرائدة والناجحة في الغناء الشعبي والتراثي الفلسطيني ،وتوزع هاجسه على الموضوعات الانسانية والفلسطينية والوطنية والرومانسية ، فغنى للحب والجمال والمعشوقة والأرض والوطن والمخيم والشهيد والام الفلسطينية وفلسطين الحبيبة ، وأبدع في الغناء الوطني ، الذي منع بسببه من دخول المناطق الفلسطينية المحتلة لعقد من الزمان . ولا نزال نتذكر ولن ننسى اغنيته الشهيرة التي تتردد على الالسن "ع الميدان يا فدائي ع الميدان / من الزعتر يا فدائي من الزعتر "، وغيرها الكثير .
بغياب شفيق كبها القاسي والمر تفقد الساحة الفنية علماً ونجماً ورمزاً من نجومها واعلامها الساطعة ، التي استخوذت على قلوب وعقول الشباب الفلسطيني . وسوف يكتب ويقال الكثير عن هذه الفاجعة والخسارة الاليمة التي حلت بالحركة والحياة الفنية والغنائية الفلسطينية .
شلت يد الغدر والجريمة التي طالت المطرب شفيق كبها وادودت بحياته ، وصدمت شعبنا وعشاقه ومحبي فنه ، ونطالب الشرطة بملاحقة الفاعلين وتقديمهم للمحاكمة . واذا كان هؤلاء الجبناء نجحوا في تغييب جسد أبو سائد فانهم لن ينالوا من فنه وتراثه الغنائي ، وسيظل صوته يجلجل ويصدح في سماء الوطن وربوع فلسطين والوطن العربي . فرحمة عليك يا شفيق وسلاماً على روحك التي عانقت ثرى وتراب كفر قرع، وستبقى تطارد المجرمين .