ما قاله كيري خطير وما كشفه دحلان اخطر

بقلم: راسم عبيدات

عندما قلنا بان السلطة الفلسطينية عادت للمفاوضات خارج إطار الإجماع الوطني ومتجاوزة قرارات المؤسسات الرسمية للمنظمة من لجنه تنفيذيه ومجلس مركزي،وبانها قبلت العودة مقابل حماية مشروعها الإستثماري وتسمينه،وبأنها قبلت بمعادلة الإستيطان مقابل أسرى،خرج علينا فريق المرتزقة والمنتفعين من بركات هذا المشروع و"البقرة الحلوب" ليقول لنا بأن هذا كذب ويندرج في إطار التحريض على القيادة "المبدعة الخلاقة"،ولكن كيري الراعي لهذه المفاوضات ومخرجها وعارف تفاصيلها وخباياها في لقاءه مع الوفد الوزاري العربي في باريس،فضح المستور وما يدور بالقول بأن الرئيس عباس تفهم أن نتنياهو لن يتمكن من وقف الاستيطان في الضفة والقدس لأن ذلك يعني انهيار الائتلاف الحكومي الاسرائيلي، اي ان الموافقة جاءت "مجانية جدا" وبلا ثمن، وهي أكثر رداءة وسوءا مما قاله الاسرائيلي، وفضح كيري ان صفقة اطلاق بعض الأسرى هي ثمن لوقف التحرك نحو تعزيز مكانة دولة فلسطين في المؤسسات الدولية..ومقابل تسديد ديون السلطة للقطاع الخاص..والغريب في الأمر بان اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية،بعد كل هذا الكلام الخطير لم تقل شيئاً وكأن ما تحدث عنه كيري يخص شعب ماليزيا،وليس شعبنا الفلسطيني،المطروح تصفية قضيته،بل انبرى صاحب وثيقة جنيف عبدربه وحنان عشراوي الى النفي والإنكار،وليت عبدربه وعشراوي انتقدا كيري على مساواته بين ما تقوم به اسرائيل من إجراءات وممارسات قمعية بحق شعبنا الفلسطيني من إستيطان واقتحامات شبه يومية للأقصى بغرض التقسيم وبين وجود نفق في غزة،بل ذهبوا لإنتقاد احد المسؤولين الإسرائيلين الذي تحدث عن انه من ضمن شروط عودة السلطة للمفاوضات،القبول بإستمرار الإستيطان.


قلنا بأن هذه السلطة تتعامل مع شعبنا على قاعدة ما يقوله المأثور الشعبي"عنزة ولو طارت" فهي تريد ان تقنعنا رغم كل ما يتكشف عن مدى انحدارها السياسي وتذللها وتزلفها،بأن المفاوضات ستوصل شعبنا الى حقوقه الوطنية المشروعة.
ان ما قاله كيري لوزراء الخارجية العرب في باريس خطير جداً،ولكن ما كشفه دحلان،وهو على ما يقال عضو لجنة مركزية مفصول،ولكن ما يجري في السر والخفاء،وسأذكركم بأن من قالوا عن عباس عندما ضغط الأمريكان على الرئيس الراحل أبا عمار لتعينه في منصب رئيس الوزراء،بأنه كرزاي فلسطين،وعندما أصبح رئيساً،هم نفسهم من قالوا عنه حامي الثوابت الوطنية،فبعد عودة دحلان المظفرة للجنة المركزية،من كانوا طرفاً في التحريض عليه وفصله،سيكونون اول من يأخذوه بالأحضان،ويهتفون بأن تلك المصالحة من اجل تقوية فتح وإستعادتها لدورها الوطني التاريخي.


وطبعاً كما هو حسن عصفور وعبدربه فالدحلان وغيرهم،كانوا جزء من فريق المفاوضات سواء في اوسلو،او إتفاقية معبر رفح،وهو يمتلك الكثير من المعلومات والأسرار عن فريق السلطة وأجهزتها،وهو يقول في إطار تعقيبه على ما نشر بخصوص اتفاق السلطة الفلسطينية مع اسرائيل حول استمرار بناء المستوطنات في الضفة الغربية والقدس الشرقية:" لقد بات مألوفا أن يملأ فريق المفاوضات حقائبه بجملة مطالبات، تتعلق باستجداء تسهيلات من الإسرائيليين، لصالح شركات وشخصيات لا هم لها سوى كنز مزيد من الأموال، مع خلو رصيدها الوطني من أي نضال أو تضحيات، فيقبل المفاوض الإسرائيلي بنقل هذه المطالبات للجهات المعنية، وغالبا ما تستجيب "تل ابيب"، لأنها تأخذ الثمن مقدما من مفاوض فلسطيني يساعدها على استنزاف وقت شعبه، ولا يجرؤ على طرح القضايا والملفات الجوهرية،ويكتفي باعتماد منهجية التسول،تارة حول أموال الضرائب التي تجنيها إسرائيل من الفلسطينيين بالنيابة عن السلطة، وأخرى باستجداء السماح لشركة الاتصالات كي تعمل في قطاع غزة، الى جانب ما يساق من حديث حول مشاريع اقتصادية وهمية في البحر الميت. ويضيف دحلان""الأخطر، هو استغلال المفاوضات من طرف الولايات المتحدة وإسرائيل، لتجيبا على كل من يسأل أو يهتم بالقضية الفلسطينية، بأن المفاوضات تعكف على معالجة كافة الخلافات، وبناء على هذه الإجابة، يستريح الجميع من مسؤولياته، طالما أن صاحب الشأن وهو المفاوض الفلسطيني،غير مهتم بالقضية الوطنية الكبرى.


إن ما يقوم به فريق السلطة من مقامرة بحقوق شعبنا الفلسطيني وثوابته الوطنية على درجة عالية من الخطورة،وبالتالي على اللجنة التنفيذية أن تحزم حقائبها وامتعتها الى غير رجعة غير مأسوف عليها،فهي أعجز من أن تتصدى لمثل العبث،فلو كانت على قدر مسؤولياتها ومهامها، لصدرت بياناً أو عقدت مؤتمراً صحفياً،تقول فيه بأن ما يجري من خلف ظهر الشعب الفلسطيني ومؤسساته الشرعية،هو غير ملزم للشعب الفلسطيني.
والعبث ليس هنا فقط ففي غزة،هناك من يقامر بمصير شعبنا على مذبح مصالحه وإمارته،حيث كشفت التحقيقات عن مدى تورط قيادة حماس مع النظام المعزول في التآمر على مصر ودورها.


نحن وصلنا الى مرحلة "الخازوق"،وهناك من يشارك في التفاوض يريد الآن ان يقول لنا بأنه غير راض او لا يتحمل مسؤولية ما سيحدث،من تحولوا الى مقاولي ومتعهدي مفاوضات،هم من يتحملون المسؤولية المباشرة عن ما وصلت اليه الأمور،وأستطيع القول على ضوء ما يجري من تسريبات بأن هناك قناة سرية أخرى للمفاوضات على غرار ما جرى في أوسلو،هي من تدير العملية التفاوضية،وهي من سيخرج لنا إتفاق اوسلو(2 ) وعظم الله أجركم.

القدس- فلسطين
27/10/2013
0524533879
[email protected]