المنظومة الأمنيّة الإسرائيليّة: الجيش سيُواجه العام القادم الخطر الأكبر المتمثل بالجهاد العالميّ

على الرغم من أنّ الدولة العبريّة تُعتبر من أكثر الرابحين الإقليميين من الأزمة السوريّة التي تحولت إلى حربٍ أهليةٍ أضعفت كثيرا قدرات الجيش السوري العملياتية وجهوزيته القتالية لمحاربة إسرائيل، ودمرت معظم البنية التحتية في سورية، على الرغم من ذلك، فإنّها تستشعر خطرًا متزايدًا.


وتنطلق المقاربات الإسرائيلية من الخوف من حالة الفوضى واستغلالها من المجموعات المسلحة أو حتى المواطنين العاديين والأهم المجموعات الجهادية لتوجيه ضربة إلى الجبهة التي عاشت عقودًا طويلة من السكون بعد أنْ وضعت حرب أكتوبر من العام 1973 أوزارها، علاوة على ذلك تُراقب دولة الاحتلال عن كثب مصير الأسلحة الكيمائية والأسلحة الإستراتيجية الصاروخية وإمكانية نقلها إلى حزب الله، أوْ وقوعها في أيدي الجماعات الإسلامية أو ما يُطلق عليه اسم الجيش الحر.


ورأى مراقبون في تل أبيب أنّ "هدف الإرهابيين السلفيين المنتمين إلي حركة الجهاد العالميّ هو إحراج مصر والدفع باتجاه حرب بين مصر وإسرائيل."


وأمس الاثنين تناول المحلل للشؤون العسكرية في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، أليكس فيشمان، تهديد الجهاد العالميّ على إسرائيل وكتب مقالاً تحت عنوان: أفغانستان أصبحت هنا، رأى فيه أنّ القلق المفصليّ والمركزيّ لدى صنّاع القرار في تل أبيب من المستويين الأمنيّ والسياسيّ هو من أنْ يقوم الجهاد العالميّ، على الجبهتين الجنوبيّة والشماليّة بنقل المعركة إلى داخل العمق الإسرائيليّ، وتنفيذ عمليات فدائيّة كبيرة جدًا، على شاكلة الأعمال الفدائيّة التي تحدث بشكلٍ يوميٍّ في كلّ من أفغانستان والعراق.


وزاد فيشمان، صاحب الباع الطويل في المؤسسة الأمنيّة الإسرائيليّة قائلاًً إنّ أكثر من ثلاثين ألف مقاتلٍ من التنظيمات المرتبطة بتنظيم القاعدة والجهاد العالميّ يتمترسون على الحدود مع دولة الاحتلال، زاعمًا أنّ لكلّ تنظيم توجد أجندة واحدة وهي تحرير الدول العربيّة من الأنظمة الكافرة، ولكنّ قمة الحلم هو تحرير القدس، وأشار إلى أنّ الجهاد العالميّ هو الخطر المحدّق والمركزيّ، الذي سيُواجهه الجيش الإسرائيليّ في العام القادم 2014، وأنّ هذا التهديد يتواجد في صلب النقاشات التي تُجريها الأجهزة الأمنية في الدولة العبريّة، مشيرًا في السياق ذاته، إلى أنّ جميع المناوشات التي وقعت على الحدود بين إسرائيل وجاراتها منذ آب (أغسطس) من العام 2011 كانت مع الجهاد العالميّ الذي أطلق الصواريخ والمقذوفات باتجاه العمق الإسرائيليّ

.
ونقل عن المصادر الأمنية في تل أبيب قولها إنّ التخوف الحقيقيّ يكمن في أنْ تقوم التنظيمات الجهادية بتغيير إستراتيجيتها واختراق العمق الإسرائيليّ لتنفيذ أعمال وصفها بالإرهابيّة، مشددًا على أنّ القوى العملياتية في جيش الاحتلال ترى أنّ هذا التهديد بات قاب قوسين أوْ أدنى من أنْ يتحقق، في حين أنّ المخابرات الإسرائيليّة على جميع مشاربها يبدون الحذر الشديد من وصف هذا التهديد بأنّه بات وشيكًا جدًا، على حدّ تعبير المصادر.
وأوضح فيشمان أنّ النقاشات المستمرّة، التي تدور في أروقة الأجهزة الأمنية تتمركز في حلّ التناقض القائل إنّ منطقة الشرق الأوسط مرّت وتمر في ديناميكية صراعات تحوّلت إلى ديناميكيّة حلول، وبين التقدير المخابراتي القائل إنّ احتمال تفجر الوضع كبير للغاية، لافتًا إلى أنّ المفاوضات بين الإسرائيليين ما زالت مستمرّة برغم كلّ الظروف، والمفاوضات مع إيران حول النوويّ ما زالت متواصلة، في حين أنّ مشكلة الكيميائيّ السوريّ في طريقها إلى الحل، ومؤكّدًا على أنّ ضعف حركة الإخوان المسلمين في مصر، تُعتبر من قبل الأجهزة الأمنية في تل أبيب إنجازًا كبيرًا جدًا، على حدّ قوله.


ولكن مع ذلك، أضاف المحلل فإنّ هذه العمليات ستنتهي في شهر حزيران (يونيو) من العام القادم، وعندها ماذا سيحدث في ما إذا حدث الانفجار؟ أين ستقف إسرائيل؟ ولفت أيضًا إلى أنّ هذه المفاوضات تهّم جميع اللاعبين الإقليميين والدوليين، ما عدا الجهاد العالميّ، الذي لا يُبدي أيّ اهتمام بالمفاوضات بين الأطراف المتنازعة، وتحديدًا في ما يتعلّق بالجهود للتوصل لحل دبلوماسيّ للأزمة السوريّة.


ونقل عن محفل إسرائيليّ مطلع قوله إنّ تنظيم القاعدة يقوم بالسيطرة العملية على كلّ جزءٍ من سوريّة، مشيرًا إلى أنّ أكثر ما يُخيف تل أبيب هو سيطرة الجهاد العالميّ على منطقة درعا، التي تُشكل مثلث الحدود مع كلٍّ من سوريّة والمملكة الأردنيّة الهاشمية وإسرائيل، منوهًا إلى أنّ هذا السرطان، أيْ الجهاد العالميّ، يتفشّى ولا أحد قادرٌ على وقف انتشاره.


ونقل عن المصدر عينه قوله إنّ الأجهزة الأمنية المصريّة تؤكّد على وجود أكثر من ثلاثة آلاف جهاديّ في شبه جزيرة سيناء يرتبطون بتنظيم جبهة النصرة، الناشط في سوريّة ضدّ نظام الرئيس د. بشّار الأسد، وخلص إلى القول إنّه من الصعب عدم الموافقة على الرأي القائل إنّ القطار فات منطقة الشرق الأوسط في كلّ ما يتعلّق بالجهاد العالميّ، محذّرًا من أنّه في حال دخول تنظيم القاعدة أو التنظيمات التابعة له إلى هضبة الجولان العربيّة السوريّة المحتلّة، فإنّ الدولة العبريّة لن تسمح لنفسها في أنْ تبقى ساكتة، إنّما، ستقوم بعملية ما لدرء هذا الخطر المحدّق بها، على حدّ قوله. في سياق ذي صلة، نقلت صحيفة (هآرتس) العبريّة عن البروفيسور آشر ساسر من مركز ديان لبحوث الشرق الأوسط في جامعة تل أبيب قوله إنّ إسرائيل عاشت عدة عقود في قلق من قوة الدول العربية، أما الآن فهي تضطر إلى مواجهة الضعف العربي ومن هذا تخاف.

 

كما أنّ صحيفة (يديعوت أحرونوت) كانت قد رأت أن التهديد من سورية يأتي أساسًا من انتشار حركات الجهاد العالمي على حدود الجولان، وكذلك إمكانية تسلل السلاح الكيمائي والاستراتيجي إلى المجموعات الإرهابية، وبموازاة ذلك، أشارت الصحيفة إلى أنّ الجيش العربيّ السوريّ منشغل بالأزمة الداخلية، ولم يعد يشكل تهديدًا حقيقيًا.

المصدر: القدس المحتلة - وكالة قدس نت للأنباء -