يعترف عدد من المحللين الاسرائيليين ان الاوضاع في الوطن العربي غير مستقرة، وان الربيع العربي متقلب ولا يستطع احد التبوء بما قد يحصل في أي لحظة، وهذا عكس ما يعتقده اخرين في الدولة العبرية بان الوضع الاستراتيجي لها افضل الان مما كان عليه قبل عدة اشهر، ايضا هذا ما تعتقده القيادة الفلسطينية التي ترى ان ما جرى من تحولات خاصة في مصر هو لمصلحتها.
الربيع العربي جعل من الجماهير العربية تشعر بقوتها وقدرتها على تغيير الحكام واستبدال الانظمة، وما نراه من عدم استقرار في البلدان العربية التي فجرت فيها الثورات، من ان مجموعات محدودة، ولا تشكل اغلبية قادرة على اشغال أي نظام وارباك خططه ومشاريعه وشل اداء الحكومة حتى يستجيب لطلباتهم.
ما يجري في الوطن العربي يقلق عدد من الضباط و مراقبين ومحللين اسرائيليين، ويحذرون من انعكاس ذلك على الوضع الفلسطيني خاصة في الضفة الغربية المحتلة، وان شروط ذلك متوفرة كي تنتفض الجماهير الفلسطينية في وجه دولة الاحتلال وجرائمه واستمراره في البناء الاستيطاني.
وهذا ما ذكره رئيس جهاز الامن العام الاسرائيلي السابق يوفال ديسكن، حين قال في مقالة نشرت له اليوم الجمعة 1/11/2013، ترجمها موقع عرب 48، " ان التوتر و الاحباط يتصاعد في اوساط الفلسطينيين الذين يشعرون ان اراضيهم تصادر، ويشاهدون البؤر الاستيطانية والمستوطنات تبنى، ويدركون حقيقة ان الدولة التي يأملون بها تبتعد عنهم، وحتى الاقتصاد لم يعد شيئا يمكن التعزي به، ويتعاظم ايضا الاحساس بالقمع والاضطهاد، وفي المقابل يتصاعد الغضب بسبب الاعتداءات المتواصلة من قبل مخربي جباية الثمن/ تاج مخير".
في اسرائيل هناك من يحذر من ربيع فلسطيني ضد اسرائيل، ولمنع الانفجار الكبير، ومن اجل تجنب الانفجار الخطير كما يقول هؤلاء يجب خلق الامل وإطلاق سراح الاسرى ووقف الاستيطان خارج الكتل الاستيطانية، وهم يحذرون من اجل مصلحة اسرائيل وتجنيبها المخاطر التي قد تحيق بها.
فالإحساس الذي يسود الجماهير الفلسطينية بأنه لا يوجد مستقبل، يدركه الاسرائيليين، اما القيادة الفلسطينية فهي تكابر و لا تدرك ذلك، او انه لا يعنيها ما يجري، وتركز في المفاوضات التي تسير في طريق مسدود والأمل بتحقيق نتائج في نجاحها ضئيل جدا ان لم يكن مستبعد.
وحسب المعطيات التي يتحدث عنها اولئك المراقبين ان البدائل الاجتماعية العميقة تحدث بشكل عام ببطء وعلى مدار سنوات كثيرة، من خلال ما تقوم به الاجهزة الامنية ومراكز البحث والدراسات، والتي تواجه دائما وأبداً مشكلة التشخيص في الوقت المناسب، وهذا مشكلة كبيرة لدى القيادة الفلسطينية وصناع القرار فيها.
ومن دون ان يتحدث اولئك المراقبين فالأوضاع لدينا تتحدث عن نفسها من خلال الواقع المأساوي الذي نعيشه، سلطة ضعيفة تعاني العجز والترهل، واقتصاد فلسطيني تابع لدولة الاحتلال التي تسرق كل موارد الفلسطينيين وتعمق فقرهم وخنقهم يوميا، ونسب البطالة عالية جدا خاصة بين الشباب فاقدو الامل بتغيير الاحوال وتبدلها.
وهؤلاء هم شعلة الثورة في أي مكان في العالم وهم من فجروا الربيع العربي، فكيف سيكون الحال وغالبية هؤلاء الشباب كبروا تحت الاحتلال، وهم ساخطون وغاضبون ومحبطون وبدون امل ولا يزالوا يرزحون تحت الاحتلال، ويعيشوا الربيع العربي بكل تفاصيله.
اسرائيل تنتظر الربيع الفلسطيني وتحذر منه، وبعض من الاسرائيليين ينطلق من رؤية خاصة بهم ولمصلحتهم، ونحن نرى ما يجري من ارهاصات ربيعنا وغير مدركين خطورة اوضاعنا وبؤسها، ومستمرون في المفاوضات غير المجدية والعبثية مع حكومة عنصرية متطرفة غير مؤمنة بحقوق الفلسطينيين، فالانقسام مستمر من دون بارقة امل في انهاءه، وعليه مطلوب من الفلسطينيين التوافق على استراتيجية وطنية و اتخاذ خطوات اكثر جدية من اجل حماية القضية ومصالحهم ووقف هذا العبث وفاء لدماء الشهداء والأسرى.
1/11/2013
[email protected]
mustaf2.wordpress.com