لا يمكن للصراع في منطقة الشرق الأوسط أن ينتهي مادامت إسرائيل تعتبر نفسها كيان فوق الجميع وخارج المسائلة الدولية وكيان غير قابل للكسر تحت أي معادلة وغير قابل للتقسيم عن أي ظروف وغير قابل للإنقاص لزوم أي مرحلة كانت , بل انه كيان وجد ليتوسع إلى ما لا نهاية , هذا اعتقاد صهيوني بحت ومع هذا الاعتقاد بات مستحيلا تغير العقلية الإسرائيلية لتصنع سلام عادل قائم على أساس إعادة الحقوق المغتصبة للشعب الفلسطيني والتخلي عن منطق احتلال الغير بالقوة و ممارستها في المنطقة , بل أن إسرائيل تتصرف على أساس انه لا يمكنها الغط في النوم العميق إلا إذا ضعف وتشتت العرب و أصبحوا بلا إستراتيجية وطنية واحدة ,وهذا لا يأتي إلا بتوظيف كل ما لدي إسرائيل وحلفائها لصناعة فوضي وإحداث تغيرات لصالح نوم إسرائيل في العسل أزمانا قادمة , بالرغم من حالة السلام مع معظم بلدن منطقة الشرق الأوسط إلا إن هذا السلام ليس كافيا من وجهة نظرها لان تنام نوما دون حارس وبلا قلق لأنه سلام مؤقت , لذا فان إسرائيل بدأت منذ انطلاق المفاوضات بينها و بين الفلسطينيين باعتبار أن المفاوضات كأنها لم تنطلق وأحدثت تسارعا مخيفا في الاستيطان والقتل والتهويد دون الاكتراث بأي توقعات لان يصل الطرفان لأي أتفاق نهائي يمكن الفلسطينيين من إقامة دولة ذات حدود مستقلة وذات سيادة وطنية .
قتلت إسرائيل الشهيد (محمد العاصي) قبل أسبوع في عملية وصفت بالمعقدة بالقرب من قرية بلعين غرب رام الله بأراضي الدولة الفلسطينية الموعودة , وقبله قتلت الشهيد (يونس ردايده) من رام الله و الشهيد المسن (عبد الحفيظ تيم)والأمس اقتحمت قوة إسرائيلية كبيرة بلدة قباطية جنوب جنين فجرا وشنت حملة مداهمات واسعة لمنازل المواطنين وعند الفجر اندلعت مواجهات مع القوات المقتحمة فقتلت تلك القوات المعتدية الشاب الفلسطيني ( أحمد طزازعه) برصاصة في القلب عن قرب , ولا نعتقد أن هذا الشاب سيكون هو الأخير في مسلسل القتل فقد استشهد شاب أخر في خانيونس بعد ساعات من استشهاد الشاب طزازعه اثر قصف الدبابات الصهيونية مجموعه من المواطنين في قرية الزنة الحدودية ,كما أن ثلاثة شهداء آخرين التحقوا بشهيد قرية الزنة , ليس القتل هو الاعتداء الوحيد لجيش الاحتلال الصهيوني على الفلسطينيين بل الاستيطان المخيف والذي لم يتوقف في ظل مفاوضات أو غير مفاوضات واليوم كانت الاختبار الكبير لمدي انصياع الفلسطينيين لحالة الدفع الأمريكي نحو التفاوض دون فعل حقيقي على الأرض يوقف غول الاستيطان و آلة القتل الصهيوني التي تشتد همجيتها يوما بعد أخر .
برغم تمادي المحتل في احتلاله وتمادي القاتل في إجرامه وإصراره على مزيد من القتل والاعتقال والحصار والاستيطان فان إسرائيل الكيان المجرم لم يكتفي بهذه الإجراءات الاحتلالية العنصرية بل اعتقدت أنها الضحية وسبقت إدانة أي عالم حر لهذا القتل , فتقدمت عبر مندوبها الصهيوني سفير إسرائيل في الأمم المتحدة (رون بروشاور) بشكوى ضد الرئيس محمود عباس "أبو مازن" والسلطة الفلسطينية، على خلفية تقديم الرئيس واجب العزاء بالشهيد أحمد عاصي, وعبر رسالة سفير الكيان إلى الأمين العام الأمم المتحدة (بان كي مون )اتهمت إسرائيل الرئيس أبو مازن والسلطة بالتحريض على إسرائيل وفقد تضمنت الرسالة عبارات احتجاج على إرسال الرئيس أبو مازن رسالة تعزية إلى عائلة الشهيد محمد العاصي وعلقت الرسالة بان هذه التدابير لا تبني الثقة مع إسرائيل وكأن إسرائيل وقواتها أيديها ليست ملطخة بدماء الفلسطينيين الأبرياء ولم تمارس القتل و هدم المنازل والتهويد والاستيطان وتهجير المقدسيين من بيوتهم , ولم تمارس العنصرية بشتى ألوانها والتطهير العرقي والديني اتجاه الفلسطينيين منذ أن وطأت قدم أول صهيوني ارض فلسطين.
إن سلوك إسرائيل هذا في اتهام الشعب المقهور بالإرهاب على خلفية رفضه القهر والذل والهوان و مقاومته الاحتلال الغاشم عبر كافة الأساليب و الأدوات المتاحة ,واحتجاج هذا الكيان دوليا على انتماء القيادة الفلسطينية للشعب ومواساة هذه القيادة لشعبها في مصابهم والتخفيف عن آلامهم يعتبر إجرام أخلاقي و إجرام إنساني لم يسبق له مثيل في حالات الصراع المشابهة يتحتم معه عدم الصمت على هذا الإجرام ,بل لابد من تقديم كافة المستندات والوثائق والصور للعالم الحر والتي تدين هذا الاحتلال المجرم القاتل لتفضح كل الجرائم التي يرتكبها وحالات القتل خارج القانون والعربدة واستخدام القوة العسكرية , والتقدم رسميا عبر المجموعة العربية في الأمم المتحدة و كل المنظمات الدولية التي ترفض الاحتلال وتعمل على نشر السلم و العدل و الأمن الدولي بشكوى يترتب على خلفيتها توفير قوة دولية توفر الحماية القانونية للمواطن الفلسطيني وتوقف جرائم الاحتلال الصهيوني .
[email protected]