كوارث محدقة وازمة تتفاقم .. الحياة تتوقف بغزة بسبب انقطاع الكهرباء

بات السكان في قطاع غزة يدفعون معاناة مضاعفة جراء الخلاف الذي نشب بين حكومة السلطة الفلسطينية برام الله وحكومة غزة ، على سعر السولار الصناعي اللازم لتشغيل محطة الكهرباء الوحيدة في القطاع.

فالحياة الانسانية تتعقد اكثر فأكثر، وقطاعات واسعة اصابها الشلل ، وقطاعات اخرى دخلت في غيبوبة لحين ايصال اجهزة الطاقة إليها، فيما استغاثات السكان وشكواهم لم تجد طريقها للخلاص بعد ، رغم الحناجر التي بُحت والكوارث المحدقة امام الناظرين من المجتمع الدولي والدول العربية على حدا سواء .

لجنة فك الحصار عن قطاع غزة ، نظمت وقفة احتجاجية بالشموع شارك فيها ما يقارب 250 طفل، الليلة، على مفترق السرايا وسط مدينة غزة ، حيث طالب الاطفال المنظمات الدولية بضرورة النظر لمعاناتهم وحل مشكلة انقطاع التيار الكهربائي .

الطفل  محمد سليم (14 عاما ) يقول لمراسل "وكالة قدس نت للأنباء" إن" العالم بتفرج علينا ، عنا امتحانات وما بعرف ادرس لانه الكهربا قاطعة بالبيت وين ما بروح ، ما في كهربا، بدنا حل عشان ادرس لان احنا في وقت امتحانات ".

على يساره وقف الطفل احمد ابو جعل (11عاما) وهو يمسك بشمعة لإضاءتها وسط الظلام الدامس الذي يخيم على اجواء غزة حيث يقول لمراسلنا " انا جاي هان عشان اطالب انهم يجيبه الكهربا،  احنا بدنا انعيش متل اطفال العالم ".

الشاب محمد الترك (28 عاما)، وهو احد القائمين على الوقفة الاحتجاجية ، يبين ان هذه الوقفة الاحتجاجية للأطفال جاءت على مستوى قطاع غزة مضيفا " هؤلاء الاطفال حرموا من الكهرباء بالوقت الذي يحتاجونها نظرا لبدء الامتحانات المدرسية لنصف الفصل الدراسي ، والان يحرمون من التعليم".

ويتابع " الاطفال هنا جاءوا ليطالبوا العالم بالكامل لكي ينظر لمعاناة ابناء الشعب الفلسطيني خصوصا سكان قطاع غزة المحاصرين منذ سبع سنوات ، الكهرباء لا تصل بيوت المواطنين الا 6 ساعات من اصل 24 ساعة ، وهي غير كافية لقضاء حوائج الناس ".

وقال لمراسلنا" نوجه نداء الى الدول العربية والاسلامية ودول العالم جميعها ، وندعوهم للنظر بعين الرأفة لهؤلاء الاطفال الذين يحرمون من ابسط حقوقهم ، الوضع الانساني اصبح خطير جدا".

انقطاع التيار الكهربائي ، ادى الى توقف الكثير من المخابر ، حيث اعلن  رئيس جمعية اصحاب المخابز في غزة عبد الناصر العجرمي ان المخابز في القطاع مهددة بالتوقف جزئيا عن العمل في ظل الانقطاع الكبير في التيار الكهربائي.

واكد العجرمي في تصريح صحفي، ان نحو ستين مخبزا في القطاع تأثرت بشكل سلبي نتيجة زيادة ساعات انقطاع التيار الكهربائي وارتفاع اسعار الوقود الخاص بالمولدات.

في نفس السياق حذر مركز الميزان لحقوق الانسان، من تفاقم أزمة انقطاع التيار الكهربائي في قطاع غزة، بعد توقف محطة التوليد الوحيدة في القطاع عن العمل، بسبب نفاذ الوقود اللازم لتشغيلها.

وأوضح المركز في تقرير صحفي، أن محطة التوليد تساهم بتزويد القطاع بحوالي 40% من إجمالي الطاقة الكهربائية التي يتزود بها، حيث تسهم الخطوط الإسرائيلية والخط المصري بالكمية الباقية، والتي هي أقل من حاجة القطاع، حتى في ظل عمل المحطة بطاقتها الانتاجية القصوى.

وأشار إلى أن الطاقة المتوفرة في القطاع لا تتجاوز حوالي 210 ميجاوات في ظل عمل المحطة، في حين يحتاج القطاع فعلياً إلى أكثر من 350 ميجاوات، منوها أنه بتوقف المحطة يصبح المتوفر حوالي 150 ميجاوات فقط، ما انعكس سلبياً على عدد ساعات توفر التيار الكهربائي، حيث بدأ العمل بنظام قطع الكهرباء مدة 12 ساعة مقابل عودة التيار لمدة 6 ساعات يومياً فقط.

وجاء في التقرير "أن انقطاع التيار الكهربائي جعل المواطنين يبحثون عن وسائل بديلة، وتسبب ذلك بوفاة 16 فلسطينياً حرقاً، من بينهم 14 طفلاً وسيدة واحدة، وإصابة 9 بحروق، من بينهم 5 أطفال منذ مطلع عام 2012 وحتى اليوم".

وحذر المركز الحقوقي من تدهور الأوضاع الإنسانية جراء الانقطاع المتواصل للكهرباء، متمثلاً: بتوقف خدمات الرعاية الصحية، ومعالجة مياه الصرف الصحي وتوصيل المياه للمنازل، وتحويل الحياة إلى جحيم في الأبنية العالية التي بالإضافة لانقطاع التيار الكهربائي وتوقف عمل المصاعد، تنعدم فيها المياه، عدا عن انعكاسات ذلك على العملية التعليمية، لا سيما وأن الأزمة الحالة تأتي وسط امتحانات نصف الفصل في مدارس قطاع غزة.

 وجدّد مركز الميزان استنكاره لاستمرار الحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة، مطالبا المجتمع الدولي بالتحرك العاجل لرفع الحصار المفروض على القطاع والعمل دون إبطاء لضمان إعادة تشغيل محطة التوليد .

كل ذلك يأتي في ظل تبادل الاتهامات والمناوشات السياسية بين حكومة السلطة الفلسطينية في رام الله وحكومة غزة التي تديرها حركة حماس ، بعد ان قامت الاولى برفع سعر لتر السولار الصناعي من 4.26 شيكل الى 5.75 شيكل .

وكانت محطة توليد الكهرباء بغزة ، تعتمد على توفير السولار الصناعي من جمهورية مصر العربية ، حيث كان يتدفق السولار عن طريق انفاق التهريب الحدودية الوقعة جنوب قطاع غزة قبل ان تقوم السلطات المصرية بهدمها .

وبعد تصاعد الازمة اضطرت حكومة غزة لتقديم طلب شراء سولار من حكومة السلطة رام الله ، وتمكنت من ادخال مطلع الاسبوع الماضي ما يقارب 525 الف لتر من السولار الصناعي وبعد عدة ايام تقدمت بطلب شراء اخر فاشترطت حكومة السلطة بدفع نصف ضريبة البلو والتي تعادل 3 شيكل على كل لتر الامر الذي رفضته حكومة غزة  .

واعلنت سلطة الطاقة في قطاع غزة الخميس الماضي عن توقف محطة الكهرباء الوحيدة في القطاع بشكل كامل عن العمل بسبب نفاد احتياطي الوقود وفرض حكومة السلطة ضريبة إضافية على أسعار السولار الصناعي المورد إلى المحطة.

واعتبرت أن الضريبة المضافة على سعر لتر السولار من قبل السلطة يجعل من مسألة شرائه لتشغيل المحطة أمرا صعبا وأن الحل الوحيد هو إدخال السولار بدون ضريبة. مشيرة إلى أنه لم يتم التوصل إلى حلول للأزمة حتى الآن.

ويحصل قطاع غزة على الكهرباء من ثلاثة مصادر، أولها الاحتلال الإسرائيلي وتحصل شركة الكهرباء منه على طاقة مقدارها 120 ميجا، ومن مصر 28 ميجا، إضافة إلى ما تنتجه الشركة ذاتيا 60 ميجا، ويعاني القطاع عجزا كهربائيا بنسبة 50% من احتياجاته.

عدسة "وكالة قدس نت للأنباء" كانت حاضرة في الوقفة الاحتجاجية بالشموع على مفترق السرايا وسط غزة ..

المصدر: غزة – وكالة قدس نت للأنباء -