على الرغم من كل ما يمكن أن يقال- سواء على مستوى العناوين أو التفاصيل- في سياق العلاقة بين مصر العظيمة وغزة فلسطين الصامدة الصابرة المرابطة والمنتصرة بإذن الله تعالى، فإن غزة سوف تظل تمثل قضية أمن وطني لمصر على مدار اللحظة والساعة واليوم والشهر، وفي كل عصر،
وفي الوقت ذاته، سوف تظل مصر العظيمة شريان الحياة لغزة الصامدة والعمق الاستراتيجي لها والركيزة الحصينة المحصَّنة والمحصِّنة لأمنها واستقرارها على مدار اليوم والساعة والشهر وفي كل عصر، ذلك أن مصر العظيمة هي بالنسبة لنا- نحن الفلسطينيين على اختلاف ميولنا ومشاربنا ومدارسنا الفكرية وانتماءاتنا الحزبية- بصفتنا شعباً يتميز بالتنوع ويؤمن به، هي مصر التي تظل مصر في كل آن وزمن وعصر... مصر هي مصر التي قد يتبدل كلّ ما حولها- بالنسبة لنا نحن الفلسطينيين- فيما تظل هي ثابتة راسخة رسوخ الجبال الرواسي لا تتبدل ولا تتغير. تلك هي ثوابت العلاقة المصرية الفلسطينية عبر غزة المستعدى عليها... غزة المحاصرة من بحرها إلى برها إلى جوها؛ وهي الثوابت التي تجعل غزة في مرمى التأثر السريع بالتحولات والمتغيرات السلبية منها والإيجابية.
لذلك، فإن الشعب الفلسطيني في غزة الصمود والكبرياء والشموخ والتحدي يقول بملء الفم ومن عمق العقل وسويداء القلب: "إن أي استغلال انتهازي للتطورات والتحولات والمتغيرات التي يمكن أن تجري في مصر بغية تحريضها ضد غزة الوفية والمحبة لمصر أو ضد مصر العظيمة التي تنتصر لفلسطين وتنحاز لقضية شعبها ولن تتخلى عن دعمه وشحذ همته وتعزيز مقاومته، لن يكون مآله إلا خسران صورته في أحسن أحواله زبد سياسي يطفو على السطح وقد يشكل بعض تعطيل للعلاقات لبعض الوقت، لكن هذه العلاقات والروابط سرعان ما
تستقر ضمن ثوابتها، إن لم يكن اليوم فغداً وإن لم يكن غداً فبعد غد، وإن غداً لناظره قريب، ذلك أن هذا الذي نقوله إنما هو ثابت لا يتغير ولا يتبدل... إنه ثابت لا حاجة بنا إلى المراهنة عليه، فهو حاصل حاصل.
إن أي حكم جديد في دولة مصر الشقيقة الكبرى- كما في أي دولة غير مصر- لا يقرره ولا يمنحه ولا يمنعه إلا شعب مصر، الأمر الذي نؤمن به ونحترمه ولا ينبغي لأي أحد أو جهة أو دولة أن تتجاوزه، بعيداً عن المدارس الفكرية التي قد ينطلق البعض منها وبعيداً عن العواطف التي تلفع هذا وتحرك ذاك. الحكم دوماً للشعب وللشعب حق التقرير وله سلطة العزل والتنصيب والفصل والاختيار. وإن مواصلة قطبي الانقسام في كل من مصر وفلسطين زج قطبي الانقسام الآخرين في صراعاتها الداخلية إنما يجري على حساب الصالح العربي العام وعلى حساب ثوابت العلاقات المصرية الفلسطينية عبر قطاع غزة المحاصر، ويوسع الخلافات بين الشعبين المصري والفلسطيني وعلى حساب كل منهما، دون أن يكون ذلك لحساب أو لصالح هدف مصري أو هدف فلسطيني، بل هو هدف رئيس لدولة الاحتلال العسكري الإسرائيلي بصفتها العدو المشترك للشعبين المصري والفلسطيني.
إن علاقة مصر بقطاع غزة الفلسطيني هي علاقة ضاربة في عمق التاريخ حتى أن هذه العلاقة كانت سابقة بكثير على بروز قضية الشعب الفلسطيني عام 1948. فهذه العلاقة الجديدة اعتباراً من نكبة الشعب الفلسطيني وتهجيره عام 1948 قد جاءت إضافةً تعزيزية للعلاقة التاريخية بين مصر وقطاع غزة. ولأنه ليس في مكنتنا الآن أن نستعرض العلاقة التاريخية العميقة، ومفرداتها ومراحلها، فإنه يحسن بنا أن نكتفي الآن بالقول إن قطاع غزة كان أكثر المناطق الفلسطينية تناغماً وتداخلاً وانسجاماً واندماجاً مع مصر منذ القدم، وليس أدل على ذلك من أن قطاع غزة- في كثير من مراحل التاريخ الفلسطيني الحديث- إنما يبدو منطقة فلسطينية تتمتع بمزاج مصري وروح مصرية.
إن العلاقة بين مصر وغزة الفلسطينية هي حضن تاريخي عوض غزة وأهلها- ولو مؤقتاً- عن حضن فلسطين الذي اغتصبها الصهاينة بالتحالف مع الاستعمار العالمي وقواه وقوى الرجعية العربية. غير أن العلاقات الحالية بين مصر العظيمة وغزة الفلسطينية ليست، الآن، في حال يسعدنا في أي حال، نظراً لما طفا على السطح من توتر صنعه عدونا المشترك
فبلعناه، لكننا- بوعينا المشترك الذي ينطلق من إيماننا المشترك بأننا ومصر الحبيبة شعب واحد وعدونا واحد- سنلفظه ونرّده إلى نحر صانعه. فالعلاقات التاريخية الصلبة التي ربطت على الدوام مصر بفلسطين وقضية شعبها كان جوهرها على الدوام التزام مصر بالدفاع عن قضية فلسطين، الأمر الذي يجعلنا نرفع أكفنا إلى العلي القدير أن يمكن مصر العزيزة من استعادة دورها العربي الطليعي القيادي، مع تأكيدنا على أن أمن فلسطين وشعبها يستوجب إيلاء أقصى درجات الحرص واليقظة والاهتمام بضرورات الأمن القومي المصري على نحو عام، وفي صحراء سيناء على نحو خاص في ذات الوقت الذي ينبغي التأكيد فيه على أن معالجة ما يحدث من إشكاليات أو طوارئ في سيناء لن يدفع مصر العربية إلى أن تنسحب من همها العربي واهتمامها العروبي أو أن تبتعد عن دورها المميز في الانتصار لقضية الشعب الفلسطيني ولمسؤوليتها القومية الكبرى والحساسة تجاه قطاع غزة، لا سيما في سياق الاغتصاب الصهيوني لأرض فلسطين التاريخية. وهنا، لا بد من أن نستذكر معاً قيام مصر بعد عام 67 بإدارة قطاع غزة عبر ما سمي بإدارة الحاكم الإداري العام لقطاع غزة دون أن تضم مصر العربية قطاع غزة لها. وقد أتى وقت أصبح فيه المُعَبِّر الحقيقي عن فلسطين هو قطاع غزة، لا سيما بعد ان قام الأردن بضم الضفة الغربية، حيث لم يبقَ وقتها على المستوى الواقعي السياسي شيء يسمى فلسطين ويتحدث باسم فلسطين إلا قطاع غزة الذي اضطلعت مصر بإدارته حتى عام 1967.
إن وسائل الإعلام المصرية الرافضة لحكم الإخوان المسلمين قد أسقط بعضها كرهه لجماعة الإخوان المسلمين على غزة لأن "حماس" تديرها، الأمر الذي كانت نتيجته أن كل أهل غزة هم في نظر هذا الإعلام مكروهون ذات الكراهية للإخوان المسلمين، الأمر الذي أوقع تلك الوسائل الإعلامية في خطأ فادح وكبير وخطير، حيث أغمضت عينها وكفت سمعها عما عندنا نحن الفلسطينيين من تنوع، وكأن شعبنا كله في غزة هو حماس أو أن شعبنا كله في الضفة هو فتح. تلك هي تقسيمة سياسية بغيضة إنما تجرى وراء لون الحكم وصورة الحاكم.
إن على الشعبين الحبيبين في مصر وفلسطين أن يدركا أن ما يحدث للعلاقة بينهما الآن من توتير لم يكن صدفةً ولم يكن ردة فعل سريعة على أحداث تسارعت وتراكمت، بل إن هذا الذي يحدث إنما قد تم التخطيط لحساب هدف صهيوأمريكي إمبريالي مفاده عزل مصر
العظيمة عن محيطها العربي وتحييدها عن دورها الوطني القومي القيادي وسحبها من مسؤولية الصراع التاريخي والصراع الديني الذي ينطلق من الحتمية القرآنية. غير أن عزل مصر عن فلسطين إنما هو غاية المرجفين ولا يمكن لهذه الغاية أن تتحقق، الأمر الذي يدفعنا إلى القول لأولئك المرجفين: حذارِ أن تنسوا أو أن تتناسوا التاريخ والجغرافيا والعرق والدين واللغة والسياسة...
إننا أيضاً نقول للمرجفين وللمحرضين:
* تذكروا أن الشارع الذي ظل على مر التاريخ يربط بين فلسطين ومصر كان يطلق عليه في التاريخ المصري القديم شارع حورس، وحورس كبرى آلهة المصريين القدماء.
* تذكروا أن قرى فلسطين جميعها كانت- قبل الاحتلال الصهيوني- مقسمة إلى أرباع أربعة وكان أحد هذه الأرباع الأربعة مخصصاً للإخوة المصريين.
* تذكروا أن اللاجئين الفلسطينيين في قطاع غزة هم ذوو أصول مصرية، وبهوية مصرية، فالفلسطينيون حاملو الجنسية المصرية في قطاع غزة الفلسطيني هم بالآلاف، وتذكروا أن الآلاف والآلاف من الفلسطينيين في غزة هم أبناء لأمهات مصريات، الأمر الذي يعني بالتبعية أن هؤلاء الفلسطينيين من أمهات مصريات أخوالهم وخالاتهم وأجدادهم وجداتهم هم مصريون ومصريات.
* تذكروا أن أرض فلسطين على نحو عام، وغزة على نحو خاص، خضبت بدماء الآلاف والآلاف من شهداء الشعب المصري.
* تذكروا الآلاف من الفلسطينيين الذين استشهدوا على أرض مصر، وشاركوا في رد العدوان عن مصر الحبيبة، وفرحوا لفرحهم وحزنوا لحزنهم.
* تذكروا الحتمية القرآنية التي تؤكد على الاندماج والانصهار والتلاحم بين الشعبين المصري والفلسطيني... هذه الحتمية التي عبر القرآن الكريم عنها في سورة التبين وفي قصة سيدنا يوسف وسيدنا موسى عليهما الصلاة والسلام.
وبعد، فإنه يجدر بأحبائنا في مصر الحبيبة أن يتنبهوا إلى جملة من الأمور هي على مبلغ كبير من الأهمية:
1) أن يلتفت الأحبة في مصر إلى خطورة بعض الموضوعات الإعلامية التي تذكر أخباراً عن فلسطين وعن غزة تحديداً على مستوى العناوين فقط دون تفاصيل كأن يقال: "القبض على فلسطيني حاول التسلل إلى مصر" أو "القبض على فلسطيني دون أوراق"، ما يعني أن صفة "فلسطيني" لوحدها كافية وزيادة للإدانة أو كافية لربطه بممارسة ما هو ممنوع، أي أنه يحاسب على جنسيته لا على فعله.
2) ينبغي التأكيد على واجب الانتباه والتنبه إلى أن ما يجري بين مصر وغزة هذه الأيام إنما هو أمر عارض لن يؤثر على الثوابت التي رسمها التاريخ المشترك ورسّخ جذورها، الأمر الذي يؤكد على ضرورة العمل على نبذ الإعلام التحريضي الذي يثير الكراهية على مستوى العناوين دون الحقائق والتفاصيل مع نبذ الخطاب الإعلامي التحريضي الذي من شأنه أن يخلق العداوة والكراهية بين شعبين حبيبين متصاهرين ومنصهرين. ينبغي التنبه إلى أن مثل هذا الخطاب الذي تنتهجه بعض وسائل الإعلام وبينهم بعض الإعلاميين إنما هو خطاب تعميمي باسم الفلسطينيين الذين يتم اختزالهم بما لهم من تاريخ وفكر ونضال ومقاومة إما في حركة حماس بصفتها الحاكم لغزة أو في حركة فتح بصفتها الحركة التي تدير الضفة الغربية دون أن يوضع في الاعتبار الآلاف والآلاف من الفلسطينيين الذين يعيشون بين مصر وفلسطين كصلة قرابة أو نسب أو مصاهرة أو غير ذلك.
3) إن الخطاب الإعلامي التعميمي في مصر من سواءته أنه يفقأ عينيه ويعمي بصيرته ويعطل سمعه عن التنوع الفلسطيني. إن من سوءات هذا الخطاب التعميمي أيضاً أنه يظل دائم البحث عن طرف فلسطيني لتحميله مسؤولية ما، ومن أمثلة ذلك ما يحاول الخطاب التعميمي في مصر جعله حقيقة، وهو اتهامه لغزة بأنها كانت سبب نقص البنزين، وأنها كانت سبب انقطاع الكهرباء على الرغم من أن سكان قطاع غزة من أوله إلى آخره لا يتجاوزن المليون ونصف المليون، في الوقت الذي يفوق فيه تعداد السكان في حي مثل شبرا تعداد سكان قطاع غزة.
4) إنه- وبموازاة الخطاب الإعلامي التحريضي والتعميمي لبعض وسائل الإعلام وبعض الإعلاميين- يتوجب الاهتمام بالخطاب الإعلامي العقلاني الذي يتعامل مع الفلسطينيين بعيداً
عن اللون السياسي والحزبي والانتماء الفكري، مع التركيز على الجانب الوطني العروبي والإنساني ورفض التركيز على الجنسية، بغية القفز إلى نتيجة سياسية أو مبرر أيديولوجي قد لا يكون له أي علاقة بما يحدث.
5) إن الفصل بين الخلاف في المعتقد السياسي أو الديني والجانب الإنساني هو أمر واجب، كما أن إبراز حقيقة أن حدود مصر مع غزة لا تتعدى 14 كيلومتراً، بينما تبلغ حدود مصر مع إسرائيل خمسة عشر ضعف حدودها مع غزة، أي ما يزيد على 200 كيلومتر، وهو الأمر الذي يجب أن يعني الشيء الكثير.
6) إن الشعب المصري الحبيب يعلم علم اليقين أن عدوه ليس قطاع غزة، وإنما عدوه هو من قتل 60 ألفاً من أسراه، لا سيما في حربي 56 و67. ويكفي أن نلفت الانتباه في هذا السياق إلى حقيقتين صارختين من بين عشرات الحقائق الصارخة: أولى هاتين الحقيقتين قصف القوات الإسرائيلية لسفينة التجسس الأمريكية Liberty عام 1967 كي تطمس ما كان للسفينة من أدلة جمعتها عن الفظائع والمذابح المروعة التي ارتكبتها القوات الإسرائيلية في حق الأسرى المصريين وتحديداً في مدينة العربش بسيناء، وذلك طبقاً لما أورده المؤلف الأمريكي بامفورد في كتابه كتلة الأسرار. أما الحقيقة الثانية من بين عشرات الحقائق فهو قتل 250 من الأسرى المصريين عام 1967 في مجزرة شهيرة أشرف عليها بنيامين بن أليعازر عبر وحدات الجيش شاكيد التي كان مسؤولاً عنها، وهو ما كشف عنه الفيلم الوثائقي الذي بثه التلفزيون الإسرائيلي عبر قناته الأولى في فبراير 2007، والفيلم مأخوذ عن كتاب صدر عام 1994 بعنوان "روح شاكيد" الذي ذكر مؤلفه المؤرخ الإسرائيلي أوري ميلشتاين في الصفحة 149 تفاصيل قتل الأسرى المصريين المستسلمين على يد أفراد كتيبة شاكيد التي كان يقودها بنيامين بن أليعازر.
7) إننا نؤكد على قناعة غزة وأهلها ومقاومتها بأن فلسطين كلها وغزة في صدارتها تحديداً هي العمق الاستراتيجي لمصر، وهي الامتداد لأمنها القومي، وأن الدفاع عن غزة يأتي أول ما يأتي من مصر، كما الدفاع عن مصر يأتي أول ما يأتي من قطاع غزة، وتحديداً من ثغره الجنوبي في رفح التي هي مصرية فلسطينية في آن. فضلاً عن ذلك، نقول: إن صح الادعاء بأن فلسطينيين من غزة يهددون أمن مصر في سيناء، فلماذا لم يحدث ذلك التهديد وقت ثورة
25 يناير، بينما كانت مصر كلها مشغولة بالثورة؟ ولماذا لم يحدث ذلك وقت الحربين على غزة في سياق ما كانت تعانيه سيناء على الدوام من فلتان أمني وغياب الاستقرار فيها؟!
تذكروا أيها الشعب العربي في مصر الحبيبة
تذكروا دوماً ولا تنسوا أبداً، أن عدونا وعدوكم هو من قتلنا وقتلكم واحتل أرضنا وأرضكم وهجر أبناءنا وأبناءكم.
تذكروا دوماً ولا تنسوا أبداً، أن عدونا وعدوكم هو من قتل أطفالنا في مدرسة الفاخورة شمال قطاع غزة وقتل أطفالكم في مدرسة بحر البقر.
تذكروا دوماً ولا تنسوا أبداً، أن عدونا وعدوكم هو من قتل في مذبحة في منطقة العريش 300 جندي مصري وفلسطيني من قوات جيش التحرير 1956 (طبقاً للبروفيسور أرييه يتسحافي في جامعة بار إيلان في تل أبيب).
تذكروا دوماً ولا تنسوا أبداً، أن عدونا وعدوكم هو من أجهز على 900 جندي مصري بعد استسلامهم عام 1967.
تذكروا دوماً ولا تنسوا أبداً، أن عدونا وعدوكم هو من قتل آلاف الجنود المصريين عام 1967 وقد عثر عليهم في مقبرتين جماعيتين، حسب صحيفة الأهرام الصادرة في 20/9/1995.
تذكروا دوماً ولا تنسوا أبداً، أن عدونا وعدوكم هو من قتل الآلاف من الجنود المصريين الأسرى، طبقاً للرقيب أول عبد السلام موسى في إحدى قواعد الدفاع الجوي الذي قال: "رأيت طابوراً طويلاً من الأسرى، بينهم مدنيون وعسكريون أطلق عليهم الرصاص دفعة واحدة ، ثم بعد قتلهم أمرونا بدفنهم".
تذكروا دوماً ولا تنسوا أبداً، أن عدونا وعدوكم هو من كان يأمر الأسرى المصريين بحفر قبورهم بأيديهم والانبطاح على الأرض لتسير الدبابات فوقهم (عن صحيفة الجمهورية القاهرية في 12/10/1995).
تذكروا دوماً ولا تنسوا أبداً، أن عدونا وعدوكم هو من جمع الجنود المصريين العزل من داخل العريش عند مصنع البلح بالوادي وسط أشجار الزيتون، حيث قتلوهم وكان عددهم بين 700 و800، ومن جمعوا في الشيخ زويد جنود قسم شرطة سلاح الحدود العزل وعددهم يزيد على 100 وتوجهوا بهم خلف فندق السلام وقتلوهم بالرصاص، وفق جريدة الجمهورية الصادرة في 12/10/1995.
تذكروا دوماً ولا تنسوا أبداً، أن عدونا وعدوكم هو من يكشف عن جرائمه الباحث الدكتور/ إسرائيل شاحاك الذي قال إن آلاف الجنود المصريين في حرب 1967 تقدموا بكل حسن نية إلى الجنود الإسرائيليين، متوقعين أن يعاملوا كأسرى بينما أبيد الجزء الأكبر منهم بالقتل المباشر على يد اليهود غير المدنيين وبالقتل غير المباشر على اليهود المتدينين.
تذكروا دوماً ولا تنسوا أبداً، أن عدونا وعدوكم هو القادة العسكريون الصهاينة الذين كانوا في حرب 1967 يستقلون طائرات الهيلوكبتر لاصطياد الجنود المصريين الهائمين على وجوههم في صحراء سيناء، وهم بلا طعام وماء وسلاح (طبقاً لإسرائيل شاحاك).
تذكروا دوماً ولا تنسوا أبداً، أن عدونا وعدوكم هو من رد على الشكوى القضائية المصرية ضد مجازر إسرائيل في حرب 56 و67 فقال: "تهمة القتل سقطت بالتقادم طبقاً للقانون الإسرائيلي".
تذكروا دوماً ولا تنسوا أبداً، أن عدونا وعدوكم هو من يستمر حتى اللحظة في إخفاء العدد الحقيقي للأسرى المصريين لديه (طبقاً لكتاب حق الدم لرئيس لجنة الدفاع عن الأسرى المصريين، محمد بسيوني)
تذكروا دوماً ولا تنسوا أبداً، أن عدونا وعدوكم هو القوات الإسرائيلية التي يقول أحد أركانها العميد أرييه بيرو إنه قتل 49 مدنياً كانوا يعملون في أحد المحاجر بالقرب من ممر متلا وثم
التمثيل بجثثهم وقد تم تقييد أيديهم وإطلاق الرصاص عليهم ثم تركت جثثهم مكدسة في العراء.
تذكروا دوماً ولا تنسوا أبداً، أن عدونا وعدوكم هو من استقبل قبل قليل في زيارة لمصر واستقبل استقبالاً حميماً، بينما هو الذي كان قد أصدر الأوامر بقتل مئات من المصريين الأسرى. إنه بنيامين بن أليعازر الذي فاخر باعترافه وكتب عنه المؤرخ الإسرائيلي أوري ميليشتاين عام 1994.
تذكروا دوماً ولا تنسوا أبداً، أن عدونا وعدوكم هو كما يقول المؤرخ العسكري أهارون شارون الذي قتل مئات الجنود المصريين بعد استسلامهم وقام التلفزيون الإسرائيلي أوائل الثمانينات بعرض أفلام وثائقية عن ذلك ومقابلات صحفية مع جنرالات وجنود إسرائيليين لما حدث عام 1956، حيث أكدوا أن إعدام الأسرى هو أمر مألوف في العسكرية الإسرائيلية.
تذكروا دوماً ولا تنسوا أبداً، أن عدونا وعدوكم هو من أدار الظهر للاتفاق بعد حرب 1973 في إطار التفاوض على معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية على دفع تعويضات لمصر قيمتها 20 مليار دولار.
تذكروا دوماً ولا تنسوا أبداً، أن عدونا وعدوكم هو من احتل أثناء مفاوضات الهدنة مع الأردن مدينة أم الرشراش وقتل جميع أهلها.
تذكروا دوماً ولا تنسوا أبداً، أن عدونا وعدوكم هو من قتل غي عام 1967 فقط 4000 أسير.
تذكروا دوماً ولا تنسوا أبداً، أن عدونا وعدوكم هو من نهب ثروة مصر التعدينية والبترولية في منطقة أبو إدربس وبلاعيم والمحاجر في القرش.
تذكروا دوماً ولا تنسوا أبداً، أن عدونا وعدوكم هو من سرق عشرات الآلاف من آثار مصر، وعلى الرغم من تمكن مصر من استعادة نحو 20 ألف قطعة، إلا أن الإسرائيليين تسللوا إلى مخازن تل بسطة الأثرية بالشرقية، وسرقوا 2185 قطعة أثرية فرعونية نادرة.
تذكروا دوماً ولا تنسوا أبداً، أن عدونا وعدوكم هو من يعتدي على القوات المصرية ويقتل الجنود المصريين على نحو متكرر ومتواتر.
تذكروا دوماً ولا تنسوا أبداً، أن عدونا وعدوكم هو من قتل الأسرى المصريين وقال- طبقاً لمقال كتبه رؤئيل فيشر ونشرته معاريف في 4/8/1995- إن ذبح هؤلاء كان واجباً مقدساً لأن المصريين أبناء عاهرات.
تذكروا، ولا تنسوا، أن موشي ديان كان يجري مسابقات لقتل الأسرى المصريين وكانت جوائز تلك المسابقات سخية ومشجعة، ويقول كاتب المقال فيشر إنه سمح لنا ببعض التذكارات التي حصلنا عليها من القتلى.
تذكروا ولا تنسوا اعترافات أرييه بيرو قائد الكتيبة 890 مظلات في صحيفتي جيروزاليم بوست ومعاريف الإسرائيليتين في وقاحة وتبجح بأن قتل الأسرى المصريين الذين رآهم عام 1956 عندما كان قائداً للكتيبة، حيث قام بإعدام عمال مدنيين مصريين في أحد المحاجر قرب ممر متلا وكان عددهم 49 عاملاً.
تذكروا ولا تنسوا اعتراف العقيد داني وولف بمسؤوليته عن قتل العمال المصريين. يقول: وقفنا على التلال وبدأت المذبحة... بدأنا نحصدهم... كان مشهداً فظيعاً: بعضهم تجمد في مكانه وبعضهم سقط على الأرض. وأضاف: في مرحلة معينة أدركنا أنه لن يكون للأسرى المصريين نهاية لكثرة عددهم فتوقفنا عن العدّ وبدأنا نحصدهم. قام قائد الكتيبة مراسيل طوبياس برصهم وكأنهم في عرض مسرحي وأطلقنا الرصاص عليهم ثم نزعنا عن أيديهم ساعات اليد والخواتم وحافظات النقود... هذا المشهد كان يتكرر مثله في كل كيلومتر واحد.
تذكروا ولا تنسوا اعتراف شارون زيف في راس سدر، حيث تم قتل 300 عامل بشركة بترول.
تذكروا ولا تنسوا اعتراف المقدم عاموس يئمان حيث يقول: طاردنا المصريين وقتلناهم بلا أي قواعد، ومن استطاع منهم الهرب فقد أفلت بمعجزة. ويضيف: كنت سعيداً بمذبحة شرم الشيخ التي قتلنا فيها 169 جندياً مصرياً، وهم يهربون. زرت شرم الشيخ عام 1976
وتمكنت من التعرف على الهياكل العظمية لبعض الأسرى الذين قتلتهم بين بعض الصخور على امتداد الطريق الرئيس. سيظل هذا كالستار الأحمر يذكر المصريين دائماً بألا يضايقوننا بالمستقبل.
تذكروا ولا تنسوا عضو الكنيست عن حزب العمل ميخائيل بازوهو وهو يقول في حديث إذاعي لراديو إسرائيل إنه شاهد اثنين من طباخي الجيش الإسرائيلي يذبحان ثلاثة جنود مصريين في وضح النهار.
تذكروا ولا تنسوا الصحفي الإسرائيلي جابرييل براون الذي يقول إنه رأى أفراد الشرطة العسكرية الإسرائيلية يأمرون الأسرى بحفر قبورهم بأيديهم ثم أردوهم قتلى. يقول إنه شاهد مثل ذلك خمس مرات.
تذكروا ولا تنسوا ان إسرائيل قتلت 60 ألف أسير مصري. وقد كتب في هذا أحمد حسين بكر في جريدة "المصريون" بتاريخ 23/3/2007، وقد استند إلى ندوة أقامتها نقابة الصحفيين بالإسكندرية تحدث فيها الخبير الاستراتيجي اللواء صلاح سليم.
تذكروا ولا تنسوا فيلم روح شاكيد الذي عرضه التلفزيون الإسرائيلي وهو مأخوذ عن كتاب صدر عام 1994 بعنوان روح شاكيد حيث ذكر مؤلفه في ص 149 تفاصيل قتل الاسرى المصريين على يد أفراد كتيبة شاكيد التي كان يقودها بنيامين بن أليعازر الذي استقبل في مصر قبل فترة.
تذكروا ولا تنسوا مجزرة منجم المغارة في 7 يونيه 1967 التي قتل الإسرائيليون فيها 272 من المهندسين والعمال المصريين العاملين في هذا المنجم.
أما آخر الكلام، فيا مصر لا تنسي أننا نحبك ونحب من يحبك ونعادي من يعاديك! لا تنسي أننا نشعر أنك تستطيعين فعل ما لا أحد يستطيع فعله إلا أنت، لا سيما إذا علا الخطب وازداد الظلم واشتدت العتمة. يا مصر لا تنسي أنك أنت من غيرت مسار التاريخ حين هزمت الأعداء شر هزيمة أكثر من مرة: لا تنسي حربك التي قادها صلاح الدين الذي خرج بقواته من مصر وحرر فلسطين والأقصى وجميع مدن الشام وطرد الصليبيين إلى حيث مدينة صور معقل جيوش الفرنجة الذي قتل صلاح الدين قائدهم أرناط بيده جزاءً له على ما ارتكب من جرائم استحق عليها القتل. ولا تنسي حاكم مصر الملك الصالح نجم الدين أيوب الذي خرج بجيوشه من مصر لمقاتلة الصليبيين في معركة "غزة" التي هزمهم فيها ولاحق فلولهم في مدن الساحل وكذلك مدينة القدس فأخرجهم منها وبقيت هكذا 700 عام إلى أن كانت الحرب العالمية الأولى فسقط الوطن العربي في يد الاستعمار الصليبي وذهب الجنرال "غورو" إلى قبر صلاح الدين وقال له: "ها قد عدنا يا صلاح الدين". ولا تنسي يا مصر حين اقتربت جيوش التتار من مصر بعد سقوط بغداد حيث قاد السلطان سيف الدين قطز والظاهر بيبرس قوات المماليك البحرية التي هزمت التتار في بيت حانون شمال غزة أولاً، ثم في عين جالوت ثانياً حيث أوقفوا المد التتري ومنعوه من الاستقرار في فلسطين والشام أو من الوصول إلى مصر. يا مصر لا تنسي أن العدو المشترك لكل من مصر وفلسطين هو المحتل الإسرائيلي، وليس كما يقول بعض إعلاميي التحريض والتعميم والذين بخطابهم يسيئون إلى مصر وتاريخ مصر وشعب مصر، ولا تنسي يا مصر أن الانحياز لفلسطين وقضيتها وشعبها ومقاومته هو أول ضرورات الأمن القومي المصري، وإياك يا مصر أن تنسي ما عند عدونا المشترك من حرص وتطلع لإخراجك من معادلة الصراع معه.
وأخيراً يا مصر وليس آخراً لا تنسي أن دمكم دمنا وأمنكم أمننا ونصركم نصرنا وعزة لنا وأن مستقبلكم مستقبلنا وعدوكم عدونا... والسلام على مصر ولمصر ولكل من يحب مصر