قضية تمويل نشطاء فلسطينيين تضع إسرائيل والصين في دائرة الضوء

رغم سعيها منذ وقت طويل إلى حرمان الجماعات الإسلامية من التمويل تدخلت إسرائيل على نحو غير متوقع في قضية بالولايات المتحدة حول مزاعم بأن بنك الصين سمح بتحويل نقود لنشطاء فلسطينيين رغم علمه بذلك.

ومع تردد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على ما يبدو في السماح لمسؤول سابق في المخابرات الاسرائيلية بالذهاب إلى نيويورك للادلاء بشهادته في القضية يواجه نتنياهو اتهامات من منتقديه بأنه قد يدع أركان القضية تتفكك حتى لا يعرض العلاقات التجارية الثنائية مع الصين للخطر.

ورفعت القضية ضد البنك أسرة فتى أمريكي يدعى دانيال والتز كان يبلغ من العمر 16 عاما عندما قتل في هجوم أثناء قضاء عطلته في مدينة تل ابيب الإسرائيلية عام 2006. وأعلنت حركة الجهاد الإسلامي مسؤوليتها عن الهجوم الذي شنته بتفجير شخص لنفسه أثناء انتفاضة فلسطينية.

وبسبب هذا الهجوم بدأ تحقيق معقد أدى بالفعل إلى إدانة حكومتي إيران وسوريا أمام محكمة أمريكية برعاية حركة الجهاد الإسلامي.

وأمرت الحكومتان بدفع تعويضات بقيمة 323 مليون دولار لأسرة والتز لكنهما لم تدفعا الأموال حتى الان.

وتزعم الأسرة أن بنك الصين سمح بانتقال الأموال من سوريا وإيران وغيرهما دون أي معوقات عبر حسابات بنكية فيه إلى حركة الجهاد الإسلامي التي تدرجها واشنطن على قائمة المنظمات الإرهابية. ويعد هذا انتهاكا لقوانين التمويل في الولايات المتحدة.

وينفي البنك وهو رابع بنك للاقراض في الصين أي تجاوز من جانبه واستأنف القضية. وأحجم البنك التابع للحكومة عن التعليق عند الاتصال به في الصين.

وكانت صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية قالت الشهر الماضي إن نتنياهو يتطلع إلى تمهيد الطريق أمام زيارة رفيعة المستوى للصين في مايو أيار لذا وعد بعدم السماح لأي موظف إسرائيلي عام حالي او متقاعد بالإدلاء بشهادة قد تساعد سير المحاكمة.

وأحجم مكتب نتنياهو عن التعليق على التقرير.

وقالت متحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية تدعى هوا تشون ينغ إنها لا تعرف شيئا عن القضية. وأضافت أن الصين تطبق "مراقبة صارمة.. لمنع أي مؤسسة من دعم النشاطات الارهابية بأي شكل."

وفي اظهار للاستياء داخل إدارة نتنياهو قال الرئيس الأسبق لجهاز المخابرات الإسرائيلي (الموساد) مئير داجان إنه مستعد لتحدي نتنياهو والإدلاء بشهادته إذا منع الشاهد الأصلي عوزي شايا المسؤول السابق في المخابرات من الحديث.

وقال داجان الذي كان رئيسا للموساد بين عامي 2002 و2010 لرويترز "إذا طلبوا مني.. إذا تلقيت طلبا من محكمة أمريكية بالشهادة فسأدلي بالشهادة في أي وقت."

وساعد داجان وهو من منتقدي نتنياهو في إدارة مساعي إسرائيل الدولية للتضييق على تمويل جماعات النشطاء الفلسطينيين.

وقال داجان "أعتقد أن أولويتنا يجب أن تكون شن حرب مستمرة على الارهاب وأن يكون لاسرائيل موقف موحد في هذا الأمر. لأننا وبخلاف الدول الأخرى نعاني من الارهاب في كل الاوقات وسنظل نعاني منه على ما يبدو."

أجراس إنذار

كانت إسرائيل القوة الدافعة وراء قضية والتز ضد بنك الصين لكن أصوات أجراس الإنذار تعالت في يوليو تموز لدى أسرة والتز عندما لم يدل شايا بشهادته المنتظرة. ولم يتسن الوصول إلى شايا للاستفسار عن سبب عدم إدلائه بالشهادة.

وقال يكوتيل والتز والد دانيال الذي أصيب في الهجوم يوم 17 ابريل نيسان 2006 "أرادت الحكومة الإسرائيلية بدء هذه القضية دعما لمنع من يساعدون على تمويل الارهاب وقدمت معلومات مهمة."

وقال مصدر قضائي مطلع على القضية إن إسرائيل كانت حريصة على ان ترفع أسرة دانيال - وكان القتيل الامريكي الوحيد في الهجوم الذي قتل فيه 11 شخصا - القضية في الولايات المتحدة للاستفادة من قوانين مكافحة الارهاب التي يجب أن تلتزم بها البنوك التي تعمل على الأراضي الأمريكية.

وفي القضية التي رفعتها على الصين عام 2008 تقول أسرة والتز إن تصرف البنك "كانت له طبيعة إجرامية وخطيرة على حياة الإنسان ومشينة ومتعمدة ومتهورة وآثمة لذا تستدعي فرض تعويضات تأديبية."

ويوسع البنك الصيني شبكته في الولايات المتحدة وقد يكون لهذه القضية تداعيات على مستقبل تطوره في الأراضي الأمريكية.

وفي بيان أرسل بالبريد الالكتروني قال والتز الاب الذي يعيش في فلوريدا إنه لا يمكنه التكهن بسبب تعليق الشهادة في القضية وقال إن الأسرة عازمة "على المضي قدما حتى يتحقق هذا."

وأصدرت السلطات الأمريكية أمرا باستدعاء شايا عندما زار واشنطن في سبتمبر أيلول وأمرته بالإدلاء بشهادته يوم 25 نوفمبر تشرين الثاني.

وقالت جهة الادعاء في القضية إنها تأمل أن يؤكد شايا على أن إسرائيل أخبرت الصين بالحسابات البنكية التي تستخدمها حركة الجهاد الاسلامي سرا لغسل الأموال من إيران والإنفاق على عملياتها.

ووفقا لمذكرات استدعاء اطلعت عليها رويترز فإن بنك الصين نفى أي علم من جانبه باجتماع عقد في 2005 أخبر فيه مسؤولون إسرائيليون من بينهم شايا -وفقا للمزاعم- نظرائهم الصينيين بالتعاملات البنكية المشتبه بها.

وكتبت القاضية شيرا شايندلين التي تنظر القضية في نيويورك إلى وزارة العدل الإسرائيلية في ثلاث مناسبات على الأقل هذا العام تطلب معلومات حول ما إذا كانت تعتزم السماح لشايا بالشهادة.

وقالت القاضية في جلسة يوم 19 يوليو تموز للمحامين إن المنطق يقول إن الصين لا ترغب في أن يدلي شايا بشهادته.

وأضافت وفقا لمذكرة الجلسة التي اطلعت عليها رويترز "يبدو جليا بالنسبة لي الان أنها لا ترغب في هذا.

"إذا كان القرار بلا.. فسيكون هذا قرارا حاسما بالنسبة لهذه القضية. قد يكون هو الشخص الوحيد الذي يعرف حقا ما دار في الاجتماع (عام 2005)."

وأحجم مسؤولون إسرائيليون عن مناقشة أي جانب في القضية وقالوا إنهم مازالوا يبحثون الأمر.

وقال زئيف إلكين نائب وزير الخارجية الإسرائيلي لرويترز "لن أعلق على هذا الأمر.. إنها قضية حساسة للغاية. نتعامل مع الأمر بطريقتنا ولست متأكدا مما إذا كان ينبغي أن يطرح للنقاش العام."

أسرة من غزة.. روايات متعددة..

وقال محامو إدعاء في خطاب قدم للمحكمة يوم 17 سبتمبر أيلول إن 22 من أفراد عائلة الشرفا الفلسطينية في غزة لهم حسابات شخصية في فرع لبنك الصين في إقليم قوانغدونغ الصيني. وقال المحامون إن مئات الالاف من الدولارات حولت عبر الحسابات للمساعدة في تمويل عمليات الجهاد الإسلامي.

ومنذ ظهور القضية على السطح أغلق بنك الصين الحسابات الشخصية كما طرد أحد أفراد العائلة من الصين. وتمتلك عائلة الشرفا سلسلة محلات في غزة وتقول إنها فتحت حسابات مشروعة للانفاق على استيراد بضائع صينية.

وقال فرد من العائلة رفض ذكر اسمه الأول وتحدث نيابة عن العائلة إن التعامل الوحيد بين الشرفا وحركة الجهاد الإسلامي كان عندما أرسلت لهم الحركة أموالا لدفع ثمن شحنة حقائب مدرسية لمشروع خيري.

وقال "نحن مصدومون مما حدث. خسرنا خط أعمالنا من الصين. نحن أولى برفع دعوى تعويض عن الخسائر المالية الضخمة التي تكبدناها."

وحشدت إسرائيل تأييد عدد لا يحصى من الدول على مر السنوات حول الحاجة للقضاء على غسل الأموال. وكون نتنياهو رابطة قوية مع صناع السياسة في الولايات المتحدة وساهم في ذلك صورته كشخصية صارمة في إطار ما تصفه الولايات المتحدة بالحرب على الارهاب.

وجذبت القضية اهتماما سياسيا في الولايات المتحدة حيث حصلت أسرة والتز على دعم سياسيين في ولاية فلوريدا ومن بينهم عضو الكونجرس اليانا روس لهتينن التي كانت رئيسة لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ حتى يناير كانون الثاني.

وقال متحدث باسم اليانا في رسالة بالبريد الالكتروني "أجرت عضو الكونجرس محادثات مع رئيس الوزراء نتنياهو بخصوص الأمر ويرغبان في حسمه." وأحجم المتحدث عن الادلاء بمزيد من التعليقات "نظرا لحساسية القضية.

المصدر: القدس المحتلة - وكالة قدس نت للأنباء -