يجمع الكثير من المفكرين والمراقبين على أن «الإمبراطورية» الأميركية بما تمثله من «قوة عالمية لا تقهر» حسب تصريحات الإدارة الأميركية، باتت على حافة الهاوية، فهي تسير في طريق اللا عودة نحو السقوط المحتم، والشواهد على ذلك كثيرة سنعرض جزء منها :
- تساقط حلفاء أميركيا في منطقة الشرق الأوسط الخانعين سابقا والأكثر خنوعا اليوم والشاهد على ذلك إن وزارة الخارجية تباطأت في خططها لفتح المزيد من القنصليات في العراق، فضلاً عن أنها وضعت قيودا على الدعم المقدم لتونس ومصر، بعد سقوط حلفاء الإدارة الأميركية فيهما.
- فشل المؤامرة على سورية وتقويض أركان حكمها ، وتلويحها بضربات متتالية ، بسبب اختلاف المعادلة واللعبة العالمية الجديدة
- بروز قوة التنين الصيني ، والديناصور الروسي ، وفى هذا السياق أكدت صحيفة واشنطن بوست أن محاولات إنهاء العجز التجاري الأميركي مع الصين لن تعالج عدم التوازن التجاري الأميركي الشامل، لأنه لا توجد دول أخرى منخفضة الأجر تحل بسهولة محل الصين.
- بداية الانزياح العالمي عن نظرية القطب الأوحد وبروز فكرة تعدد الأقطاب
- الانهيار الاقتصادي الوشيك الذي ينذر منه كل الاقتصاديين حول العالم،وهذا ما تابعناه في أزمة الديون الأمريكية مؤخرا وهبوط الدولار عالميا ، حيث ذكرت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية في عددها الصادر بتاريخ 4تشرين الثاني أن «أزمة الميزانية الأميركية تهدد لأول مرة منذ عقدين المعونات المالية المقدمة للدول الأجنبية، وهو التراجع الذي نراه رمزا لاندثار نفوذ الولايات المتحدة في العالم
- فشل التجارب الأمريكية وعداواتها وتهديداتها المتكررة على ( كوريا- فيتنام - أفغانستان – الصومال- وغيرها)
- أخيراً انهيار منظومة عمل وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية «CIA» في لبنان ، ومصر وفلسطين ، وما صاحبها من سوء التقديرات لمتغيرات المنطقة وسقوط ضماناتها وتوقعاتها حول المتغيرات والتحالفات العربية .
والقارئ كتاب «صعود وانهيار القوى العظمى» الصادر عام 1987 يؤكد ما طرحناه ، حيث يؤكد المؤرخ الأميركي الشهير (بول كنيدي ) عبر نظريته «نسبية القوة» أن القوة لدى إمبراطورية ما ليست مطلقة أو متفردة بذاتها، وإنما هي مسألة نسبية، وأن الانتشار الزائد لإمبراطورية خارج حدودها مع إنفاقها الزائد على قواها العسكرية للاحتفاظ بهذا الانتشار بشكل يفوق معدل إنفاقها على الجوانب الداخلية الأخرى من اقتصادية واجتماعية وعلمية وتعليمية يؤدي إلى تفاقم الحالة الاقتصادية ثم إلى انحسار القوة العظمى واضمحلالها وعودة الدولة إلى حجم الدولة الأصلي أي نهاية وجودها الإمبراطوري، وتنبًأ كنيدي بأن هذا ما سيحدث للولايات المتحدة، التي رأى إمكانية انحسار دورها الإمبراطوري في العالم كقوة عظمى.
ويبدو أن الانهيار الحتمي للإمبراطورية الأميركية الذي تنبأ به المفكرون والصحفيون والمراقبون الأميركيون أنفسهم قد بات أقرب مما يتصوره المروجين لنظرية أحادية القطبية ، وستبرز متغيرات دولية جديدة وقوى إقليمية بدأت تزحف اقتصاديا لتضرب تفرد امريكيا بمقدرات العالم
ناصر إسماعيل اليافاوي