اتهام فلسطيني لإسرائيل باغتيال عرفات والسلطة تريد تقرير وفاته

اتهم رئيس لجنة التحقيق الفلسطينية في وفاة ياسر عرفات، اللواء توفيق الطيراوي اليوم الجمعة إسرائيل باغتيال الزعيم الفلسطيني الراحل بعد تسلمها نتائج تحاليل أجريت على عينات من رفات عرفات وكشفت أن الوفاة لا تعود لأسباب طبيعية.

وقال الطيراوي في مؤتمر صحافي في رام الله مع وزير العدل علي مهنّا، إن "إسرائيل هي المتهم الأول والأساسي والوحيد في قضية اغتيال ياسر عرفات".

وأضاف أن التقارير التي تلقتها السلطة تؤكد أن عرفات "لم يمت بسبب تقدم السن، ولم يمت بسبب المرض ولم يمت موتاً طبيعياً".

من جهته طلب وزير العدل الفلسطيني من فرنسا تسليم تقريرها حول العينات البيولوجية لياسر عرفات الى لجنة التحقيق الرسمية حول وفاة الزعيم الفلسطيني والى القضاء الفلسطيني.

وقال مهنا "لم نتلق اي جواب حتى الان من الطرف الفرنسي. بعثنا برسالة جديدة الى الفرنسيين نطالب فيها بتسريع ارسال النتائج وما زلنا ننتظر".

بدوره اكد رئيس لجنة التحقيق الطبية في وفاة ياسر عرفات الدكتور عبد الله بشير، "أن التقريرين السويسري والروسي اللذين سلما للجنة التحقيق الوطنية باستشهاد الرئيس عرفات مطلع الشهر الجاري، أشارا إلى أن الرئيس عرفات مات متأثرا بمادة سمية.

وأضاف البشير خلال المؤتمر الصحافي في رام الله "خلاصة تقرير الفريق السويسري، قالت "إن النتائج تدعم بشكل معتدل أن تكون الوفاة نتيجة التسمم بمادة البولونيوم 210، وخلاصة الفريق الروسي تقول إن مجمل نتائج البحث الشامل على محتويات البولونيوم 210 وتطور الحالة السريرية لا يعطي دلائل كافية يعتمد عليها لقول أن البولونيوم 210 سبب متلازمة اشعاع حاد  (cute radiation syndrome) أدى إلى الوفاة، ولكن أجمعت التقارير أن وفاة الرئيس ليست طبيعية بسبب المرض أو تقدم العمر بل نتيجة مادة سمية، وهذا يفسر حديث الأطباء في مستشفى بيرسي العسكري الفرنسي حيث كان يعالج عرفات، حيث قالوا "إن تطورات المرض والحالة السريرية لا يمكن تفسيرها في إطار علم الأمراض".

وقال البشير "أظهر التقريران الروسي والسويسري وجود البولونيوم المشع بكميات كبيرة وبنفس الوقت وجود مادة إشعاعية أخرى هي الرصاص المشع 210، وهاتان المادتان موجودتان بشكل متواز وكل منهما من الممكن أن يولد الأخر ومن الممكن أن تنتج من مواد طبيعية أو إشعاعية أخرى مثل الراديوم 222.

وأشار إلى أن الأبحاث تركزت على معرفة نتائج هذين العنصرين، ومن ناحية نظرية يمكن أن يكون البولونيوم 210 إثر تناوله كمادة سامة وعند تحلله أدى إلى تكوين الرصاص المشع وهذا يؤيد النظرية السمية.

وذّكر البشير أن الفريقين استخدما كل التقنيات والتجارب والحسابات لمعرفة مصدر البولونيوم 210 وكان لا بد لهما من مقارنة هذه النتائج بتطورات الحالة السريرية كما وردت في التقارير الطبية ومن وجود متلازمة الاشعاع الحاد (cute radiation syndrome)، وهذه المتلازمة تحدث من إشعاع داخلي، نتيجة تناول مادة مشعة مثل البولونيوم 210 وهذا يؤدي للوفاة.

وأوضح، أن اللجنة الطبية المكلفة بالتحقيق بوفاة عرفات بدأت أعمالها منذ فترة طويلة، حيث شكلت قبل عدة سنوات من كبار الأخصائيين ورجال الأعمال والقانون بقرار مجلس إدارة مؤسسة ياسر عرفات، وكانت مهمة اللجنة الأساسية ليس تحقيقا جنائيا أو سياسيا، بل علميا للبحث عن السبب الحقيقي للوفاة ، هل كانت ناتجة عن مرض حقيقي أو غير ذلك، فلقد كان الرئيس الراحل وعمره وقت ذاك 75 عاما لا يعاني من مشاكل طبية مزمنة، ولم يكن مدخنا أو متعاطيا للمشروبات أو المنبهات.

وقال البشير، "قامت اللجنة بدراسة كل التقارير الطبية الخاصة بالشهيد، وناقشت الأطباء المعالجين واستعانت بأخصائيين وبحثت كل الأمور المتعلقة بالمرض وتطوراته، كما وردت بالتسلسل بالتقارير الفلسطينية والتقارير التي نتجت عن المستشفى الفرنسي وقت علاجه.

ولفت البشير إلى أن اللجنة الطبية خلصت الى أن تطور الحالة المرضية ناتج عن حالة سمية لم يتم كشفها وهذا كان  رأي خبراء السموم وأمراض الدم بمراكز عالمية تمت الاستعانة بهم، ولكن طبيعة هذه المادة السمية لم يكن معروفا لدى اللجنة، إلى أن تم الكشف في أوائل تموز 2012 عن الاختبارات التي أجراها معهد لوزان بسويسرا والتي أظهرت وجود مادة البولونيوم 210 في جسده، لكن العلماء السويسريين قالوا أنهم بحاجة لمزيد من التحاليل للتأكيد أن هذه المادة السمية هي المسببة للوفاة، وهذه العملية تحتاج لموافقة السلطة الوطنية الفلسطينية، وكذلك تقدمت السيدة سهى عرفات بشكوى للمحاكم الفرنسية وقررت المحكمة أنه من الضروري استخراج رفاة الرئيس الراحل لأخذ العينات والكشف عن الحقيقة، وطلبت السلطات الفرنسية تعاون السلطة الفلسطينية التي تعاونت وجرى أخذ عينات من الرفاة.

وقال البشير "رغم قناعتنا العلمية الكاملة بالنظرية السمية للوفاة، إلا أن قرار القيادة الفلسطينية كان سريعا باستخراج الرفاة والاتصال بالمراكز السمية ومعهد الفيزياء الإشعاعية السمية في لوزان السويسرية، وتقديم كافة التسهيلات للوصول إلى الحقيقة وبكل شفافية  وفتح الضريح جاء بموافقة عائلة الشهيد والقيادة الفلسطينية وكان من الممكن أن لا نصل لتحليل الرفاة لو تم تشريح الجثة عند الوفاة كونها غير معروفة السبب بما يتماشى مع القوانين الجنائية خصوصا، أو لو تضمن التقرير الطبي الفرنسي جميع أنواع السموم المستخدمة في الاغتيالات السياسية ومنها المواد المشعة لسموم "ألفا"، أو لو استخدمت العينات المأخوذة من الدم وسوائل الجسم والتي من المفترض الاحتفاظ بها لمدة لا تقل عن عشر سنوات كون سبب الوفاة غير معروف للمستشفى المعالج، لكن ذلك لم يحدث".

وأضاف: "في كل هذه الظروف كنا نبحث عن طرف ثالث مساعد لنا، تم اقتراح روسيا كطرف ثالث وقام رئيس دولة فلسطين محمود عباس بطلب المساعدة من روسيا، ووافقت الحكومة الروسية على إرسال فريق متخصص للمساعدة وحضرت الفرق الثلاثة الفرنسية والسويسرية والروسية لرام الله في تشرين ثاني 2011 لفتح الضريح، وكان ذلك وطلبنا من الفرق الثلاثة البحث والاستقصاء عن ثلاثة أمور، هل مادة البولونيوم 210 هي المادة السامة، وهل هناك مادة سمية أخرى غير البولونيوم 210 وما هو سبب الوفاة؟".

وأوضح البشير أن الفرق الثلاثة غادرت رام الله بعد أن تم إرسال العينات بالحقيبة الدبلوماسية وكان الاتفاق أن تقدم الفرق تقاريرها خلال ثلاثة شهور، وتابعنا الاتصالات مع جميع الفرق وبشكل مستمر وكانت الاتصالات مع الفريقين الروسي والسويسري متبادلة ومستمرة وأبلغونا أن الوضع معقد ويحتاج إلى مزيد من الوقت للدراسة أكثر مما كان متوقعا، أما الفريق الفرنسي ورغم الاتصال به على مختلف المستويات إلا أننا لم نتلق منه أي رد سلبي أو إيجابي".

وقال: "حضر الفريق الروسي إلى رام الله في شهر نيسان من العام الحالي لأخذ عينات من مقتنيات الرئيس الراحل في مقر إقامته لفحصها، وفي شهر أيلول أبلغنا السويسريون والروس أنهم قاربوا على الانتهاء من الأبحاث لإعداد التقرير النهائي وتسلميه للطرف الفلسطيني، وقام الفريقان الروسي والسويسري بتسليم التقرير مطلع الشهر الجاري في جنيف ورام الله، وعكفت اللجان المختصة على دراسة التقريرين وأسلوب البحث العلمي بهما ومقارنة النتائج الواردة بهما وستستمر هذه الدراسة بطبيعة الحال لفحص كافة المعطيات حتى تتكشف الحقيقة كاملة".

المصدر: رام الله - وكالة قدس نت للأنباء -