ياسر عرفات في حضرة الغياب

بقلم: سحر النحال

إنها الذكرى التاسعة لغياب القائد ياسر عرفات، بطل الثورة و القضية ،حامل الراية و البندقية ،عنوان الوحدة الوطنية ، رفيق الكوفية ..

 

غاب القائد.. غابت فلسطين، قُتل ألياسر .. سقط حق اللاجئين، اغتيل الختيار.. انهارت الديار، مات البطل .. مات الوطن ، رحل الفارس المغوار.. انتهى زمن الثوار

 

ما زلنا في ذكراه التاسعة و نحن ننتظر من لجنة التحقيق في سويسرا الكشف عن ملابسات اغتياله ومن ساهم فيه لمعاقبته

 

"بسم الله ... باسم الشعب العربي الفلسطيني قيام دولة فلسطين فوق أرضنا الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف" وسط التصفيق الحاد و الهتاف و الزغاريد و الأغاني الوطنية أعلن ميلاد فلسطين

 

انه أول رصاصة و حجارة انه الانتفاضة والكرامة انه أول طلقة و ثورة انه أول العمليات الفدائية و الجنسية الفلسطينية الأبدية

 

لم ولن ننسى ما قاله في الجزائر "تقضي الرجولة أن نمد جسومنا جسرا فقل لرفاقنا أن يعبروا للقدس لنرفع هدا العلم الفلسطيني فوق أسوار القدس، فوق مآذن القدس، فوق كنائس القدس"

 

ما زلنا نتذكر مقولته في خطابه للمرة الأولى أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، 13 تشرين الثاني 1974 "جئتكم يا سيادة الرئيس .. ببندقية الثائر في يدي, وبغصن الزيتون في يدي الأخرى , فلا تسقطوا الغصن الأخضر من يدي , لا تسقطوا الغصن الأخضر من يدي , لا تسقطوا الغصن الأخضر من يدي.. الحرب تندلع من فلسطين والسلم يبدأ من فلسطين"

 

انه ذلك من قال لرئيس اكبر دولة تحكم العالم لا ، هو من أهان كلينتون يوماً، هو من خيب آمالهم، حيث حَكَم على نفسه الموت في مقولته الشهيرة وهو محاصر بمقر المقاطعة في رام الله: "يريدوني إما أسيراً أو إما قتيلاً وإما طريداً .. لا أنا أقول لهم شهيداً .. شهيداً .. شهيداً .. شهيداً"

 

ظهرت أخيرا نتائج تحاليل الطب الشرعي في سويسرا والتي أكدت أن الرئيس ابوعمار مات مسموما بمادة البولونيوم المشع فتلك النتيجة فتحت بابا لطرح الكثير من التساؤلات التي ليس لها إجابات حتى نعرف من القاتل ومن المستفيد ؟

 

،لم يدركوا يوما أن عرفات مات مسموماً، كأنهم لم يُعايشوا تهديدات الصهيوني آرئيل شارون و محاصرته بمقره في رام الله، كأنهم تناسوا محاولات استهدافه في أماكن تواجده خلال حصار الاحتلال الإسرائيلي لبيروت عام 1982، ومحاولات اغتياله في كل مكان.

 

لم تفارقنا لحظة رحيل الختيار حين صعد الطائرة و كأنه كان يودع فلسطين بدموعه وكأنها ستتمزق مثلما مزق السُم جسده النحيل

 

و بالفعل حدث ما تخوفه الختيار فلم يتبقى جزءاً من فلسطين كما تركه كل شيء انتهى، تمزقت فلسطين و كل ما بذله في إعادة جزء منها ضاع برحيله، لقد فقدناه وفقدنا ما تبقى من الوطن، انتكاسات عديدة تعرضت لها الساحة الفلسطينية منذ أن رحل و كان جلها انقسام المجتمع الفلسطيني الذي كان الختيار يحافظ عليه بقوة قراراته و بصلابة مواقفه، حافظ على ثوابتنا الوطنية الحدود اللاجئين القدس

ماتت بعده فلسطين فلا شيء يخاف على شعبه لا فارس و لا بطل فمن بعده يوزع على شعبه القبل من بعده يتفقد وجع قلب مزقه معتقل

 

مُورست عليه ضغوطات تفوق حمم البركان و تعلو الجبال ولكنه عودنا مثلما كان يقول دائماً "يا جبل ما يهزك ريح".

 

ترك فينا نحن أبناء فلسطين حب الوطن و غرس فينا حب السلاح والكفاح والمقاومة والسياسة ما زالت خطاباته و كلماته تحرك إحساس الفلسطينيين حتى في غيابه ، لم يفارقنا ذلك الرجل ببدلته العسكرية و تلك البندقية التي رافقته ببساطة ممزوجة بالوطنية .

 

على امتداد رحلته ورحلتنا في شوارع بيروت و بيوت لبنان في تونس و عمان في الجزائر الحرة وغزة ورام الله كان يجتهد في كل حصار ليخفف عن أبناء شعبه ليرسم وطن على خطوط كوفية سمراء .

 

كم حلمت أن أراه يوما كم حلمت أن تقبل يدي الصغيرتان يداه كم تمنيت أن اصرخ احبك يا وطن افتقدناه ، كم نحن الآن بحاجة إلى الالتفاف حول حلمه فلسطين و القضية و القدس العاصمة الأبدية .