روان طفلة ينهشها السرطان وتصارع المرض لتعيش لحظات الطفولة

لعلها غزة بطبيعتها  التي تختلف عن كل العالم في ظروف حياتها ، تنسج يوميا قصصا  من الالم  لتعكس واقع مرير يعيشه المواطنين في قطاع غزة.

السرطان من احدى الامراض التي يتوجب على مرضاها العلاج خارج القطاع وبموافقة الجهات المختصة في السلطة الفلسطينية ، والتي قد يتطلب الانسان  جهودا حثيثة تمتد لأشهر وتوصيل مناشدات والتودد لفلان وفلان ليحصل على موافقة  بالعلاج.

تقشعر الابدان حين ترى الرجال ودموعهم تنساب  بكاء على فلذات اكبادهم ، وعدم قدرتهم على تقديم ادنى متطلبات الحياة لأبنائهم المرضى.

روان جمال صافى ابنة الخمسة اعوام استيقظت اسرتها مطلع عام 2007  على الطامة الكبرى التي خبأها القدر لهم ، حيث ظهر ورم في رقبة روان بشكل غير طبيعي  ، فاصطحبها والديها الى المستشفى الأوروبي جنوب قطاع غزة  لإجراء الفحوصات ، واخبرهم الطبيب المعالج انها تعانى تقلص في العضلات وبعد شهرين  تم تصوير الطفلة صورة في احدى المستشفيات خارج قطاع غزة ، واخبرهم الطبيب المختص بانها تعانى من مرض السرطان وفى منطقة خطيرة في جسدها وهى اسفل الرأس ، ومن هنا بدأت  فصول المعاناة التي لم تنتهى  بعد.

بقهر شديد يصرخ جمال صافى (47 عاما )  والد الطفلة ثم تنهمر الدموع من عينيه حزنا على طفلته ثم تمالك نفسه وقال  "تتكون اسرتى من ثمانية افراد اكبرهم في الخامسة عشر من عمره واصغرهم لم يتجاوز الثلاث سنوات  وتتوسطهم الطفلة روان التي اصيبت بسرطان اسفل الرأس ".

ويتابع " منعني الطبيب عن العمل بشكل نهائي بسبب إصابتي بالتهابات شديدة في المفاصل وكذلك خشونة زائدة وحرارة في العيون ، وانا غير موظف ، واحتاج مبالغ طائلة شهريا لتوفير بعض الادوية والعلاج لابنتي  روان ".

وتعيش الاسرة في بيت قديم  ورثه الاب عن والده قبل وفاته في احدى مخيمات خان يونس جنوب قطاع غزة ويتكون من غرفتين ومطبخ  وحمام صغير لا يليق لان يكون حماما داخل منزل للبشر ، ويقصر من عمر هذا المنزل مرور الزمان عليه ، فلا يقيهم حرارة الصيف ولا برودة الشتاء بل يطرق اوجاعهم في كل موجهة برد نتيجة البرودة القارصة ومن شدة الحر نتيجة السطح الذى ينقل الحرارة بشكل  مضاعف داخل المنزل المتهالك والايل للسقوط .

وبنبرات الحسرة على ما الت اليه الظروف واجبرته على الحديث  يقول الاب " الظروف صعبة ولا استطيع توفير العلاج لابنتي فانا مريض وزوجتي مريضة  وابنتي مريضة بالسرطان وبإمكاننا ان نأكل يوميا خبز وملح انا وأطفالي ولكن روان يتوجب علينا توفير طعام خاص لها  مراعاة لمرضها ، وليس بمقدوري توفير جزء من هذه الطلبات ".

ويسرح بعيد في خياله محاولا تخطى الحواجز التي تمنعه من السفر لعلاجها ثم يسرد تفاصيل رحلة علاجها في اسرائيل قائلا " رحلة العلاج في اسرائيل لابنتي روان تحتاج ما يقارب الفى شيكل اسرائيلي، وبحمد الله اتلقى بعض المساعدات من الجيران والاقارب ولكن تلك المساعدات لا تكفى بان ارافق ابنتي لرحلة العلاج ولا حتى توفير علاجها في المنزل ".

ويتابع " لا استطيع العمل ولا امتلك المال وليس لدى ما اقدمه لابنتي  والسلطة لا تتحمل عبئ مصاريف مرافق المريض ، وانا اتحمل مصاريف ابنتي ومرافقتي لها وأبنائي المتواجدين في المنزل ".

 وبكلمات تحمل البراءة وتجعل الانسان ضعيفا امام هذه الكلمات تقول الطفلة روان " انا نفسى اطلع دكتورة عشان اعالج المرضى كلهم ".

كلمات قالتها بعد ان شعرت بمدى التعب الذى تعيش فيه هي واسرتها ونتيجة المعاناة المستمرة التي طرقت كل ابواب  الخير ، ولكن دون جدوى  ولعلها ترى  في الدعاء لله اوسع الابواب في نجدتها في محنتها.

وهذا مشهد من الاف المشاهد القاسية التي يعيشها ابناء الشعب الفلسطيني في قطاع غزة  وذويهم الذين يعانون من الحصار المفروض على غزة وغياب العلاج والمتابعة داخل غزة وقلة الامكانيات والكوادر اللازمة للقيام بهذه العمليات على ارض غزة وداخل مستشفياتها ليتم تحوليهم للخارج ،  ليعيش المواطن معاناة المرض ومعاناة التنقل ومعاناة المصاريف التي يتكبدها .

ويناشد الاب اصحاب الضمائر الحياة بالنظر الى طفلته بعين الرحمة ومساعدتها على التخلص من المرض  ، لأن المرض ينهشها يوم بعد يوم ويخطف ابنته منه امام ناظريه ،  وظروفه حتمت عليه الصراخ في وجه الجميع ليسمع مناشدته.

تقرير/اسامة الكحلوت

المصدر: خان يونس - وكالة قدس نت للأنباء -