لتكن ذكرى الرئيس الخالد ياسر عرفات مواصلة طريق الوحدة والنضال

بقلم: عباس الجمعة

تسعة اعوام مضت على غياب الرئيس الرمز ياسر عرفات ، تسعة اعوام مضت على اغتياله، نعم اغتيال لأن اركان وعناصر الجريمة باتت واضحة ولا ينقصها سوى اعتراف المتهم المعروف او العثور على الدليل القاطع، بعد ان اكدت التقارير وقوع الجريمة بدس السم .

 

اغتيال ياسر عرفات، لم يحقق الهدف فالقضية التي رفع لواءها قائد الثورة ياسر عرفات لا تزال حية في وجدان كل الشرفاء والاحرار ،حيث كرس ابو عمار الكيانية الفلسطينية من خلال حركة فتح ومنظمة التحرير الفلسطينية ،فكان يقود الثورة متنقلا بين العواصم والدول، وكانت شعلة الكفاح المسلح وحرب الشعب طويلة الأمد، و النضال الدبلوماسي والعمل السياسي والإعلامي طريق النضال الأساسية فخاطب العالم أجمع ورفع غصن الزيتون والبندقية على اعلى منبر في الامم المتحدة ، وتعرض للعديد من عمليات الاغتيال وحوصر في كامب ديفيد 2 وبقي وفياً للثوابت التي آمن بها، كقضايا القدس واللاجئين وإقامة الدولة المستقلة ذات السيادة بعاصمتها القدس فحوصر في مقر المقاطعة والتي هدمتها بلدوزرات الاحتلال كان يقول"عالقدس رايحين شهداء بالملايين حتى اغتياله .

 

مما لاشك فيه أن هناك قادة استثنائيين في تاريخ الشعب الفلسطيني،والشهيد الرئيس الراحل ياسر عرفات واحد من أولئك القادة الذين أنجبتهم الثورة الفلسطينية، كما القادة فارس فلسطين الامين العام لجبهة التحرير الفلسطينية ابو العباس وحكيم الثورة القائد الراحل جورج حبش وامير الشهداء أبو جهاد الوزير وامين عام الجبهة الشعبية فارس الانتفاضة أبو علي مصطفى وسنديانة فلسطين ابو عدنان قيس وفارس القدس امين عام جبهة النضال الدكتور سمير غوشه ورمز الكفاح المناضل الامين العام لحزب الشعب الفلسطيني بشير البرغوثي وشيخ المجاهدين احمد ياسين وشهيد اعلان الاستقلال الامين العام طلعت يعقوب وفارس المقاومة فتحي الشقاقي وغيرهم من قادة شعبنا العظام.

 

ولا بد من القول ان الشهيد ياسر عرفات سواء اتفقت معه أو اختلفت في النهج والسياسة أو غيرها، فهذا الرجل شكل حالة و"كريزما"قيادية فريدة فلسطينياً وعربياً ودولياً،فعلى الصعيد الفلسطيني كان القاسم المشترك والموحد لحركة فتح ، وكان يعرف كيف يحافظ عليها قوية ومتماسكة، وهو كذلك شكل عنواناً وبيتاً لوحدة كل ألوان الطيف السياسي الفلسطيني،وأنا أجزم أن القادة التاريخيين للثورة الفلسطينية، كان الهم الوطني عندهم له الألوية على الاعتبارات الحزبية والتنظيمية الضيقة، وأبو عمار لو لم تكن له "كريزما" خاصة لما كان قادراً على قيادة وتوحيد كل ألوان الطيف السياسي الفلسطيني من مختلف القوى الفكرية والانتماءات السياسية خلف عنوان واحد هو الوحدة الوطنية في إطار ائتلاف جبهوي عريض هو منظمة التحرير الفلسطينية، وأبو عمار في نهجه السياسي البراغماتي اختلف مع رفاق دربه من قادة الفصائل الأخرى حول التسوية والاعتراف بإسرائيل وبلغت تلك الخلافات ذروتها ولكن كان هناك وعي لدى القادة الفلسطينيين واذكر ان الشهيد الامين العام لجبهة التحرير الفلسطينية ابو العباس قال ان الرئيس ياسر عرفات لن يخرج أو يتجاوز الثوابت او الخطوط الحمراء كحرمة الدم

 

الفلسطيني،مؤكدا ان اي خلاف سياسي يجب ان يبقى تحت سقف منظمة التحرير الفلسطينية الكيان السياسي والممثل الشرعي للشعب الفلسطيني.

 

أما على الصعيد العربي فأبو عمار كان يجيد الإبحار في البحر العربي المتلاطم الأمواج وينجح في قيادة السفينة الفلسطينية الى شط الأمان رغم حدة وشدة التجاذبات والخلافات العربية وتدخلاتها ومحاولة استخدامها للورقة الفلسطينية في خلافاتها وتناقضاتها،وكان يقف على مسافة من تلك الخلافات،ويرى أن مصلحة الشعب الفلسطيني تتطلب منه حنكة وحكمة في القيادة وتسيير أمور الشعب الفلسطيني وتحديداً في دول الطوق ،وكان قادراً على جعل القضية الفلسطينية حاضرة على طاولة القمم العربية،بل وكانت القيادة الفلسطينية تلعب دوراً مهماً في رسم وتحديد المواقف العربية من القضية الفلسطينية،وتوفير الدعم والإسناد لها سياسيا وماليا وتسليحيا وغير ذلك.

 

أما على الصعيد العالمي فالرئيس الشهيد كان بمثابة رمز لكل الشعوب وحركات التحرر والقوى الثورية العالمية، وكان في كل جولاته يستقبل استقبال الأبطال والقادة الكبار ، متمسكا بحقوق الشعب الفلسطيني .

 

واليوم نقول نحن أحوج ما نكون فيه الى الثبات على مواقف الرئيس الشهيد ياسر عرفات ، وأن أي خلاف مهما كانت شدته أو درجته،لا تبرر الانقسام او التهرب منها من قبل البعض ،نحن بحاجة الى وحدة وطنية حقيقية في إطار البيت الفلسطيني الجامع منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني تتمثل فيها كل ألوان الطيف السياسي الفلسطيني على أسس ديمقراطية باعتبارها العنوان والهوية والاطار الجبهوي مع ضرورة تطوير وتفعيل مؤسسات المنظمة، وكل ذلك بحاجة الى الإرادة السياسية الحقيقية من أجل إنهاء الانقسام المدمر الذي يعصف بحقوق وثوابت ومنجزات ومكتسبات شعبنا.

 

ان الكيان الصهيوني المجرم الذي يتمادى في جرائمه بدعم من حليفته الولايات المتحدة و قوى الاستعمار التي تتحالف معه استراتيجيا، والتي أعطته صك القيام بتهجير الشعب الفلسطيني والاستيلاء على ارضه واستيطانها والقيام بالاغتيالات عبر ممارسة كافة الاعمال العدوانية من قتل واعتقال تعسفي، وحصار وانتهاكات ضد الإنسانية وجرائم الحرب مع شعب أعزل.

 

إن التضحيات الكبيرة التي قدمها ولا يزال يقدمها الشعب الفلسطيني بقياداته الوطنية والتي أثارت كثيرا من التعاطف مع الحق الفلسطيني، يراد لها أن تطمس وتمحى من الذاكرة الفلسطينية والعربية، ومقدمة هذا المحو كان وما زال التخلص من القيادات الوطنية والقيادية التي تحمل على عاتقها روح النضال والعطاء ومسؤولية الأمانة، ولعل تصفية الرئيس الرمز ياسر عرفات كانت إحدى العلامات على العد التنازلي لتصفية القضية الفلسطينية، بتخاذل عربي وتواطؤ امريكي استعماري.

 

من هنا نقول يجب التعامل بكل جدية مع اغتيال الرئيس ابو عمار والعمل من اجل ملاحقة دولة الاحتلال من خلال محكمة الجنايات الدولية ومطالبة المجتمع الدولي ومؤسساته متابعة هذه القضية بكل جدية مع الجريمة التي مست برئيس شرعي للشعب الفلسطيني وتجاوزت في ذلك كل الخطوط والاتفاقيات الدولية التي تنظم العلاقات الدولية.

 

ختاما : لا بد من القول نحن بحاجة إلى مواصلة طريق الكفاح والنضال من أجل تجسيد حلم الرئيس الشهيد و الدلالات الرمزية النضالية للمستقبل من أجل فلسطين .