قد تفشل المفاوضات لان إسرائيل تريد ذلك , وقد تفرض الإدارة الأمريكية خطة سلام لحظة الصفر وهنا يقول الجميع أن المفاوضات نجحت لكن دون سلام دائم وحل عادل يلبي طموحات الشعب الفلسطيني وهذا لن يدوم طويلا , وقد تتوقف المفاوضات دون نجاح أو فشل أي دون وصول الطرفين لنهاية الشهر التاسع من الحمل الكاذب وهذا المتوقع , وحينها يعرف العالم أن الحمل كان وهما ولا مولود اسمه الدولة الفلسطينية ولا سلام تعيش فيه هذه الدولة , وبين نجاح المفاوضات والرغبة الإسرائيلية في نجاحها مسافة طويلة تقدر بطول نصف قطر الكرة الأرضية عشرة مرات , لهذا يظهر كيري بين الفينة والأخرى إما لدفع عجلة المفاوضات إلى الأمام أو لإنقاذها من الانهيار, ومهما حاولت الولايات المتحدة تغطية الحقيقة بزيارات كيري للمنطقة وتصريحاته التي توحي للجميع أن المفاوضات في طريقها للنجاح تبقي الحقيقة أن الولايات المتحدة غير معنية حتى اللحظة بحل جدي للصراع العربي الإسرائيلي , وقد تكون الأسباب مجملها ضعف الجبهة العربية الضاغطة حتى الآن وتفرد الولايات المتحدة بورقة السلام بالشرق الأوسط دون مشاركة من قبل الرباعية الدولية والصين وروسيا.
جاء كيري إلى المنطقة لإنقاذ المفاوضات من الانهيار ,واجتمع مع الرئيس أبو مازن وصرح علانية أن المفاوضات تتعرض لمعوقات إلا انه أعطي الفلسطينيين دفعة جديدة من الأمل بأن المفاوضات في النهاية قد تنجح ليستمر الفلسطينيين في التفاوض دون تململ ولا ضامن لهذا النجاح , وحزر الاسرائيلين حسب تصريحاته بأن البديل عن نجاح المفاوضات هو العنف بالمنطقة والعنف هذا مقصود به انتفاض الفلسطينيين نتيجة للإحباط السياسي الذي قتل أمال مستقبلهم ,وقال أن إسرائيل قد تتعرض لعزلة دولية وسوف تشتد الحملة ضد شرعية إسرائيل وسوف تتناقص سياسات دعم إسرائيل بالعالم , لكنه في نفس الوقت ولم يشر إلى دور الولايات المتحدة إبان ذلك ,وهذا التحذير فقط ليبدي الاسرائيلين مرونة ما تجاه بعض ملفات المفاوضات , ويبدو أن الولايات المتحدة لوحت لإسرائيل بالتغاضي عن استخدام صلاحيات لها في الأمم المتحدة ومجلس الأمن إن خرج الصراع عن مستوي التفاوض إلى المستوي الدولي , ومن خلال هذه التصريحات الفاترة يبدو أن كيري فشل في إقناع نتنياهو بالكف عن سياسة نسف المفاوضات بواسطة الاستيطان الذي وصفه أمام الفلسطينيين في بيت لحم انه غير شرعي ,كما وفشل كيري في تقريب وجهات النظر وجسر الفجوات التي ظهرت في التفاوض بشكل تام ,وهذا يعني أن كيري انقد المفاوضات من الانهيار اليوم ,لكنه لم ينجح في عزل العوامل التي ستؤدي إلى انهيار المفاوضات في القريب .
الواضح أن الهوة اتسعت بين الفريقين المتفاوضين بشكل كبير للدرجة التي تشير إلى احتمال كبير بانهيار المفاوضات في أي وقت لهذا ظهر كيرى ظهر على مسرح المفاوضات ,ولعل سبب اتساع الهوة هو تراجع إسرائيل عن الإقرار بحدود العام 1967 واعتبار الجدار العازل هو حدود الدولة الفلسطينية التي ترتأى أنها منزوعة السلاح ومؤقتة , وإصرارها على بقاء الأغوار الفلسطينية ضمن حدود سيطرتها الكامل بالإضافة إلى عدم منح الفلسطينيين أي سيادة على المياه والحدود والمجال الجوي المغناطيسي , كما وان إعلان إسرائيل الأسبوع الماضي وقبل إطلاق سراح الدفعة الثانية من الأسرى القدامى ما قبل اوسلوا عن خطط لبناء 3500 منزل جديد للمستوطنين اليهود في الضفة الغربية والقدس الشرقية فجر أزمة المفاوضات الحالية لان إسرائيل تدعى أنها صفقة مع الفلسطينيين الاستيطان مقابل إطلاق سراح الأسري وهذه حيلة إسرائيلية لإحراج القيادة الفلسطينية أمام الشعب وإضعاف الدعم الشعبي للمفاوض الفلسطيني واللعب بتعاطف العالم مع الفلسطينيين ضد الاستيطان من ناحية أخري , لكنها بتقديري فاشلة لان المدرك لسياسة إسرائيل ما قبل التفاوض وأثنائه يلاحظ أن إسرائيل بالفعل تحاول بين الحين والأخر نسف المفاوضات والدفع نحو مغادرة الفلسطينيين طاولة المفاوضات احتجاجا على أفعالها الاحتلالية العنصرية البحتة.
إن الأزمة الحالية في المفاوضات كشفت الحاجة إلى متطلبات هامة لإنجاح التفاوض والذي ترعاه الولايات المتحدة دون قناعة الطرف الذي يتحكم بكل مصادر ومفاتيح السلام وهو (إسرائيل) بالكف عن ممارسة سياسة التدمير الممنهج لمشروع حل الدولتين , وهذه المتطلبات باتت اليوم محط اهتمام وقناعة فلسطينية عربية أوروبية لإدراك الجميع أن السلام لن يتحقق بترك إسرائيل على غيها و خروجها عن قاعدة القانون الدولي واحترام المعاهدات والمواثيق وتنفيذ قرارات الأمم المتحدة الصادرة بشأن الصراع العربي الإسرائيلي ,كما ولن يتحقق السلام دون إلزام إسرائيل بإنهاء حالة التطرف التي تنتهجها في التعامل مع متطلبات السلام الشامل وممارستها كل إجراءات الاحتلال التي تعرض المنطقة لحالة اعقد من الصراع وعدم الاستقرار المستمرين , وهذا يتطلب دعوة مجلس الأمن الدولي لعقد مؤتمر دولي عاجل للسلام لبحث السلام الذي تقتله إسرائيل والشروع في إجراءات تطبيق حل الدولتين دوليا على أساس قرارات الأمم المتحدة ومبادرة السلام العربية التي رفضتها إسرائيل .