مطالباتٌ بضرورة إجراء مراجعة للتجربة الفلسطينيّة وإعادة تعريف المشروع الوطني

أكدت مجموعة من الشخصيات الفلسطينيّة المقيمة في الأردن على ضرورة إجراء مراجعة شاملة للتجربة الفلسطينيّة، وتبيان أين أصبنا وأين أخطأنا، وعلى أهميّة بناء مؤسسات منظمة التحرير في سياق إعادة تعريف المشروع الوطني الفلسطيني الذي من دونه لا يمكن للمنظمة حتى بعد إعادة بنائها تحقيق النتائج المرجوة، والقدرة على تحقيق الأهداف الوطنيّة الفلسطينيّة المتمثلة بحق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير وإقامة الدولة والاستقلال الوطني وحق العودة للاجئين. وتساءلت: لماذا لم ينتصر الفلسطينيون ولم يحققوا الاستقلال الوطني أسوة بالأقطار العربيّة الأخرى بالرغم من التضحيات الغالية التي بذلوها طوال عشرات السنين؟

جاء ذلك خلال ندوة نظّمها المركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدراسات الإستراتيجيّة "مسارات" في العاصمة الأردنيّة عمًان، لنقاش وثيقة "إعادة بناء مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينيّة". وأدار الندوة سعد عبد الهادي، عضو مجلس أمناء مركز مسارات، حيث أكد على أهميّة هذه الوثيقة في بلورة رؤيا واضحة لإعادة بناء مؤسسات منظمة التحرير تسير في سياق توحيد الشعب الفلسطيني بمختلف تجمعاته وفصائله وأطره تحت مظلة وشرعيّة واحدة.

واستعرض كل من خليل شاهين ومعين رباني عن مجموعة دعم وتطوير مسار المصالحة الوطنية كيفية انبثاق هذه المجموعة، حيث أنها تضم مختلف ألوان الطيف الفلسطيني، وتقوم بحوار غير رسمي هدفه تذليل العقبات التي تحول دون إنهاء الانقسام واستعادة الوحدة الوطنية، وتقديم توصيات لسد الثغرات التي من شأنها المساعدة على تحقيق هذا الهدف.

وقدم هاني المصري، مدير عام مركز مسارات، عرضًا مقتضبًا للوثيقة، بدأه بتساؤل: هل الفلسطينيون بحاجة إلى منظمة تحرير جديدة أم بديلة، أم أن المنظمة بحاجة إلى إصلاح وتفعيل أم إعادة بناء لمؤسساتها؟، حيث أوضح أنّ تراجع دور المنظمة في فترة ما بعد "أوسلو" وشبه الشلل الذي اعترى مؤسساتها، وتزايد دور السلطة على حساب المنظمة؛ يستوجب إعادة بناء مؤسسات المنظمة والحفاظ عليها، لا سيما وأنها هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، وفي ظل أن الفصائل الفلسطينيّة داخل المنظمة وخارجها لا تزال تمثل قطاعات واسعة من الشعب الفلسطيني.

وأضاف المصري: إن الوثيقة تنطلق من أن عمليّة إنهاء الانقسام واستعادة الوحدة ينبغي أن تندرج في سياق إعادة القضيّة الفلسطينيّة إلى مكانتها، وإعادة تعريف المشروع الوطني، بحيث لا يقتصر على إقامة الدولة الفلسطينيّة على حدود 1967، وإنما يتضمن إنهاء الاحتلال والعودة وتقرير المصير والاستقلال الوطني والدفاع عن الحقوق الفرديّة والوطنيّة للشعب الفلسطيني في الداخل والشتات، وفتح الباب أمام البدائل والخيارات الأخرى، خصوصاً مع الانسداد المتزايد لإمكانيّة قيام دولة فلسطينيّة والتوصل إلى حل وطني للقضيّة الفلسطينيّة؛ ما يعطي الأولويّة لإعادة بناء مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينيّة، بحيث تضم الجميع وتكون قادرة على تحقيق الأهداف الوطنيّة.

وثمن المشاركون في الورشة الجهود التي بذلت في بلورة الوثيقة بشكلها النهائي، مؤكدين على أهميّة الاستفادة من الخبرات والتجارب في إعادة تعريف المشروع الوطني، لأن المأزق الذي تعيشه الحركة الوطنيّة الفلسطينيّة منذ أكثر من قرن ناجم في الأساس عن تواصل الإخفاق الفلسطيني في بلورة مشروع نهضوي حضاري تحرري إنساني نقيض للمشروع الاستعماري الاستيطاني، إضافة إلى العمل على مراجعة مماثلة ومتوازية لتجربة الحركة الصهيونيّة للوقوف على الأسباب الذاتيّة والموضوعيّة لنجاحاتها المتواصلة في تحقيق وتقدم المشروع الصهيوني، لأن مثل تلك المراجعة النقديّة الشاملة والمتعمقة، تشكل ضرورة - لا غنى عنها – قبل أيِّ طرح ٍ جادٍّ لتجديد الحركة الوطنيّة الفلسطينيّة.

وأولى الحضور أهميّة بالغة لمسألة إعادة بناء المنظمة وتطوير أجهزتها والقضاء على ترهلها وتحسين أدائها في خدمة الشعب الفلسطيني، لما تمثله من صرح وطني جامع قادر على حماية المنجزات التي تحققت خلال مراحل النضال الفلسطيني، والعبور الآمن خلال المرحلة الانتقاليّة إلى أن يتم تهيئة الظروف لتطور الحركة الوطنيّة القادرة على إنجاز المشروع التحرري؛ ذلك لأن الحفاظ على تواصل المراحل النضاليّة الفلسطينيّة ومنع انقطاعها أثناء السير نحو تجديد الحركة الوطنيّة الفلسطينيّة وتغيير مسارها يفترض به أن يحظى بأولويّة قصوى.

وفي سياق متصل، بين الحضور أهميّة إشراك الشباب في الحوار وإنجاز الوثائق لحيوية دورهم، وأهمية إنهاء الانقسام في سياق إعادة بناء المؤسسة الوطنيّة الجامعة، لأن الوحدة ضرورة لحشد القوى الوطنيّة لإنهاء الاحتلال، ولأنها تعزز الصمود الوطني الفلسطيني، وتحمي الكيانيّة الفلسطينيّة، وتحفظ الوحدة الوطنيّة، وتُفعِّل التضامن العربي، وتُطوِّر الدعم الدولي.

المصدر: عمان - وكالة قدس نت للأنباء -