القانون الدولي يصف الاستيطان بأنه باطل غير قانوني، وحتى الإدارة الأمريكية ومنذ النكسة 1967 وصفته بأنه "غير شرعي" ولكنه بقي في أدراج الخارجية الأمريكية والبيت الأبيض، وهذا الوصف موجود منذ عام 1967 حيث تنظر واشنطن والعديد من الدول أن الاستيطان هو ما تبنيه “إسرائيل” في الأراضي التي احتلت في ذلك العام، لكنه وعلى مضى السنوات الماضية ومن اتفاق أوسلو قبل عشرين عاما دأبت الولايات المتحدة الأمريكية على استخدام عبارة “الاستيطان عقبة في طريق السلام”، وكانت تستخدمها كبديل فضفاض للمصطلح الدولي وبالتالي لم يشكل أي مرجعية قانونية .
اليوم و بعد أن مضت نصف المدة المقررة للمفاوضات التي استأنفت في يوليو/تموز الماضي 2013 ولفترة محددة " تسعة شهور" ظهر العائق القديم الجديد ومعه أيضا عوائق أخرى تعجيزية، انه الاستيطان والمطالبة بالاعتراف بالدولة اليهودية وعدم المطالبة بحق عودة اللاجئين، وفي هذا نسف كامل لاتفاق أوسلو حيث لم يورد فيه مطلب " الدولة اليهودية" وفي المقابل كان هناك إقرار واضح بـ" حق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم" .
وزير الخارجية الأمريكي "جون كيري" في مهمته شبه المستحيلة، ظهر الاختلاف الواضح بينه وبين نتنياهو ، فالأخير نفذ عدة خطوات استباقية لإفشال زيارة كيري، واستخدم " الاستيطان " كوسيلة إفشال، فلقد قررت إسرائيل بناء سياج امني في الأغوار على الحدود مع الأردن، ووافقت على خطط لبناء حوالي 1200 مسكن جديد، وكما طرحت عطاءات لبناء 1859 وحدة سكنية استيطانية جديدة في الضفة الغربية والقدس، هذا إذا علمنا أن حوالي نصف مليون يهودي يعيشون في أكثر من 200 مستوطنة ووحدة سكنية بالضفة الغربية والقدس الشرقية.
وعقب كيري على هذه الخطوات بقوله : "كان متوقعا إلى حد ما"، ووصف الاستيطان بقوله : ( نعتبر ولطالما اعتبرنا الاستيطان غير شرعي، وإن واشنطن تعتبر كل المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 غير شرعية، وضرورة الحد منها لإنجاح عملية المفاوضات، و حل مسالة المستوطنات وإنهاء الوجود الدائم للجنود الإسرائيليين في الضفة الغربية ".
وكان رد نتنياهو على كيري بإتهامه الفلسطينيين بخلق "أزمات مصطنعة". والابتعاد عن اتخاذ قرارات قوية تحتاجها إسرائيل للوصول إلى سلام حقيقي (..؟! )، والقرارات القوية التي يقصدها تتمثل في نسيان حق العودة وعدم المطالبة به والاعتراف العربي والفلسطيني بالدولة اليهودية وان القدس عاصمة أبدية للشعب اليهودي ..؟؟!! ".
وكان في ذلك إشارة إسرائيلية واضحة أنه Game over " " وقد فهم كيري الإشارة، وظهر ذلك في تصريحاته حين خاطب الجمهور الإسرائيلي بقوله : (إن البديل عن العودة إلى المفاوضات هو الفوضى، وتوقع عزلة دولية متزايدة لإسرائيل في حال فشلت هذه المفاوضات التي وصفها أيضا بأنها طريقة لصنع السلام. )
سياسة الاستيطان التي تنتهجها حكومة الاحتلال تقوض كل الآمال بالسلام، حيث تضرب إسرائيل عرض الحائط بكافة مكونات المجتمع الدولي وتواصل سياستها العنجهية ضد الحجر والشجر والإنسان الفلسطيني وترفض السلام، وهذا ما اختصره كيري بقوله ( بدون شك فان المستوطنات هزت رؤية الناس، وجعلتهم يتساءلون عما إذا كان المتفاوضون “جادين أم لا”.)
وكان واضحا الموقف الفلسطيني من الاستيطان وفي إشارة واضحة إلى تأثير ذلك سلبيا على المفاوضات والجهود الأمريكية وهذا ما أعلنه بوضوح الرئيس الفلسطيني محمود عباس حين قال " إن الاستيطان باطل .. باطل .. باطل" .
على المجتمع الدولي والإدارة الأمريكية أن "تجبر" إسرائيل على الوقف التام للاستيطان، وأن يتم تطبيق القرارات الدولية ومنها القرار الدولي 194، و حق العودة للاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم، و إنهاء الاحتلال، و إطلاق سراح كل الأسرى من المعتقلات الإسرائيلية وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس، ودون ذلك فالنتيجة ستكون صفر أكبر من حجم مشروع الشرق الأوسط الجديد "