واضح بأن السعودية وبالتحديد بعد ما يسمى بثورات الربيع العربي،لعبت دوراً مهماً في تلك "الثورات"وكانت أصابعها وبصماتها موجودة على اكثر من ملف في المنطقة،فهي من احتضنت زين العابدين بن علي بعد ما حصل من ثورة شعبية هناك جرى حرفها عن مساراتها والسطو عليها من قبل جماعة الإخوان المسلمين،والسعودية كانت لاعباً رئيسياً فيما حدث في ليبيا وسوريا،حيث لعبت دوراً مهما ليس في دعم قوى ما يسمى بالثورة في ليبيا،بل في إستقدام القوات الأجنبية الغربية من اجل إحتلال ليبيا وإسقاط حكم الديكتاتور الراحل معمر القذافي،والذي كان بينه وبين القيادة السعودية ثأر شخصي،حيث تتهمه بتدبير اكثر من محاولة قتل للملك السعودي،والسعودية ان كانت قد عملت كمقاول ثاني تحت مسؤولية قطر،فيما يخص الدعم والمسؤولية عن القوى الارهابية والتكفيرية والمسماة بالجهادية في سوريا،فهي انتقلت للدور القائد والمسؤول المباشر عن تلك العصابات والمجموعات،بعد تغيير امريكا لحاكم قطر بإبنه، وأصبحت تحت مسؤولية مسؤول امنها ومخابراتها بندر بن سلطان مباشرة من حيث الدعم والتسليح والتمويل وارسال المرتزقة لدعمهم،
ووصل الأمر بان اقامت السعودية غرفة عمليات لقيادة تلك العصابات مباشرة من على الأراضي الأردنية،وكان واضحاً بان بصمات السعودية موجودة على ما يسمى بكيماوي الغوطه،والذي هدفت السعودية من خلاله الى تأليب امريكا والغرب الإستعماري وتحديداً فرنسا،لشن حرب على سوريا من اجل اسقاط نظام الأسد،والذي تناصبه العداء وتريد الثأر منه لكرامتها،عندما وصف الرئيس الأسد زعماء مشيخات النفط والغاز ومن ضمنها ملك السعودية بعد الحرب العدوانية التي شنتها اسرائيل على حزب الله والمقاومة اللبنانية في تموز/2006 بانهم أشباه رجال،والفشل السعودي في إقناع واشنطن بشن عدوان على سوريا ينهي حكم الأسد،رفع وصاعد من حدة ووتيرة الخلاف الأمريكي- السعودي،وكذلك سعت السعودية لتفجير الساحة اللبنانية،من خلال دعمها لعصابات احمد الأسير والتفجيرات للسيارات المفخخة في الضاحية الجنوبية،كرد على تدخل حزب الله في الحرب لجانب النظام السوري،وحسم معركة القصير،ولكن الرهانات السعودية على سقوط النظام السوري وتفجير الساحة اللبنانية فشلت،ولكن كل هذا لم يمنع السعودية عن مواصلة دعمها وقيادتها للجماعات الارهابية من أجل مواصلة حربها على النظام السوري وعرقلة او منع ذهابها الى مؤتمر جنيف(2 )،وعدم شن امريكا لحربها العدوانية على سوريا،والطلب من قوى المعارضة الموافقة على الذهاب الى مؤتمر جنيف (2)،وحصول التقارب بينها وبين ايران دون موافقة او حتى علم السعودية،والتي كانت تريد من امريكا ان تواصل سياسة التشدد حيال ايران،وحتى توجيه ضربة عسكرية لها،دفع بالسعودية الى ممارسة الحرد وتوثيق تحالفاتها وعلاقاتها العلنية مع فرنسا والسرية مع اسرائيل،فالسعودية رفض وزير خارجيتها إلقاء كلمته في الدورة السادسة والستين لهيئة الأمم المتحدة،متذرعاً ومعللاً ذلك،بعدم قدرة هيئة الأمم المتحدة على ايجاد حل للقضية الفلسطينية،
وكذلك منع الأسد من "قتل"شعبه،ومنع ايران من إمتلاك السلاح النووي،وليس هذا فقط،بل اعتذرت السعودية عن شغور مقعدها غير الدائم في مجلس الأمن الدولي الذي انتخبت له مع بداية عام /2014،وهذا الحرد الصبياني يعكس عمق الأزمة السعودية،والتي تريد ان توحي بأنها بهذه الممارسات،ستخرج عن عصا الطاعة الأمريكي.....وهنا يجب ان نشير الى قضية هامة جداً بان السعودية،قد يعتقد البعض بانها بوقوفها الى جانب النظام المصري الجديد ودعمها له،هناك تناقض في موقفها،تدعم الإخوان في سوريا وتقف ضدهم في مصر،وهذا ليس بالدقيق فالسعودية،عندما أصبحت المسؤول المباشر عن ما يسمى بالمعارضة في سوريا،دعمت جبهة النصرة بشكل اساسي،ودعمها للنظام المصري نابع من اكثر من قضية،في اولها نكاية بقطر وثانيها الخلاف العقائدي والمذهبي ما بين الوهابية والإخوان المسلمين،وثالثهما هي تريد إحتواء وتطويع النظام المصري،وعدم دفعه لمواصلة استكمال الثورة،واخذ خيارات مستقلة،بعيدة عن العباءة والسيطرة الأمريكية.
واضح بأن النظام المصري،يخطو خطوات حثيثة نحو التخلص من التبعية لأمريكا،من خلال رسم علاقات جديدة مع روسيا.
وواضح كذلك بان السعودية تتجه نحو تصعيد الأمور في المنطقة،فهي تكثف من دعمها وتسليحها للعصابات وقوى الإرهاب في سوريا وبالذات جبهة النصرة،والهدف هنا واضح هو الضغط على تلك القوى من اجل عدم حضور جنيف(2)،وهي كذلك تتدخل بشكل قوي في لبنان،وتحاول خلط الأوراق هناك وتفجير الوضع،فبصماتها واضحة في عملية الاغتيال الأخيرة لرجل الدين السني سعد الدين غيه في طرابلس الداعم للأسد وحزب الله،فهي لا تريد اي إجتهاد او صوت غير الصوت الوهابي لرجال الدين،وكذلك في القمة السعودية- اللبنانية التي عقدت في السعودية مؤخراً فرضت على الرئيس اللبناني سعد الحريري رئيس تيار المستقبل،رغم انه ليس عضواً في الوفد الرئاسي،وهذا تدخل فظ في الشأن السيادي اللبناني واهانة لكرامته.
واضح بان السعودية تبحث لها عن دور إقليمي،بعد الفشل في سوريا ومصر وايران،فقطار التفاهمات الأمريكية- الروسية بشان اغلاق الملفات السورية والإيرانية يسير بخطا حثيثة،وروسيا وامريكا معنيتان بحالة من الإستقرار في المنطقة،وخصوصاً بعد الإنسحاب الأمريكي من افغانستان،وروسيا التي تسير نحو التربع على عرش هذا العالم تريد ان تكون الضامن لهذا الإستقرار،ولمنع المشاغبات السعودية،هناك اتفاق روسي- امريكي لإعطاء السعودية دور العراب في التسوية على الجبهة الفلسطينية- الإسرائيلية،تعويضاً لها عن الخسارة في ملفي سوريا وايران.،فقد جرى اتصال مطول بين بوتين والملك السعودي،وكذلك الزيارة الروسية لمصر تندرج في سياق دعم مصر على إستعادة دورها والضغط على اسرائيل،من اجل الإنسحاب إلى حدود الخامس من حزيران.
السعودية تخشى من ان سير قطار التفاهمات الروسية – الأمريكية الى نهاياته في الملفين السوري والإيراني،قد يكون له مردودات سلبية خطيرة على وضعها الداخلي،وذلك هي تختار التصعيد والعرقلة،ولكن في النهاية ستعود لبيت الطاعة الأمريكي،وتقبل بالدور المسند لها كعراب للتسوية على الجبهة الفلسطينية – الإسرائيلية.
القدس- فلسطين
16/11/2013
0524533879
Quds.452gmail.com