على الرغم من ان الأزمة بين اسرائيل و الولايات المتحدة حول الاتفاق المزمع توقيعه بين الولايات المتحدة وإيران حول الملف النووي الايراني لا تزال في أوجها، إلا أنه بدأت تتعالى بعض الاصوات في اسرائيل لوضع حد للخلاف العلني بين الدولتين الصديقتين، وان التوتر والخلاف بين الاصدقاء يجب ان لا يكون بهذا الشكل العلني، والأخذ بالاعتبار التغيير و الحساسية في العلاقة والمصالح الامريكية الاسرائيلية على الرغم السياسة التي ينتهجها الرئيس الامريكي باراك أوباما.
في اسرائيل يظهر الكل موحد خلف رئيس حكومة اسرائيل بنيامين نتنياهو لوقف توقيع الاتفاق الامريكي الايراني المتوقع ابرامه حول الملف النووي الايراني بأي ثمن، وهم ينظرون الى ذلك بخطورة كبيرة جدا، ومع ذلك انتقد بعض السياسيين والأمنيين الاسرائيليين الحملة التي تشنها اسرائيل ضد الادارة الامريكية.
وتداعيات ذلك على العلاقات الثنائية بين إسرائيل والولايات المتحدة في ظل ما وصفه مسؤولون إسرائيليون كبار بأنه "فقدان للبوصلة" لدى إدارة أوباما في كل ما يتعلق بالرغبة الجامحة لديه للتوصل إلى اتفاق مع إيران مهما كان الثمن.
ففي حديث للإذاعة العبرية صباح اليوم الجمعة 15/11/2013، قال وزير الامن الاسرائيلي السابق بنيامين بن العيزر انه يختلف مع نتنياهو في طريقة ادارة الازمة والتصريحات العلنية التي يقوم بها بعض المسؤولين في الحكومة، وان العلاقات بين الاصدقاء يجب ان تكون بالحوار وممارسة الضغط بطرق مختلفة وليست علنية.
كما انتقد رئيس امان السابق الجنرال احتياط زئيف فركش الحملة الاعلامية التي تشنها الحكومة الاسرائيلية وقال يجب ان تأخذ اسرائيل بالاعتبار حساسية العلاقة بين البلدين وانه بالحوار واستخدام ادوات اخرى للضغط على الادارة الامريكية الذي عليها ان تدرك الخطر الذي تمثله ايران النووية والتي تمتلك قدرات عسكرية كبيرة على اسرائيل. والتركيز على هدف اسرائيل هو منع الولايات المتحدة من التوقيع على اتفاق امريكي ايراني و منع ايران نووية بأي ثمن، ومهما امتلكت اسرائيل من قدرات عسكرية فإنها لن تستطيع ضرب ايران وحدها فهي من دون الولايات المتحدة الامريكية لن تسطع وضع حد لقدرات ايران النووية.
ومع كل ذلك الخلاف إلا ان الامور لم تصل حد القطيعة على الرغم من الحملة التحريضية التي شنتها اسرائيل ضد الادارة الامريكية على اثر قرب التوصل لاتفاق امريكي ايراني حول الملف النووي الايراني.
التوتر العلني بين الادارة الامريكية بدأ في مطار اللد بإلغاء اللقاء "الخاطف" الجمعة الماضية الذي جمع بين وزير الخارجية الأمريكي جون كيري، ورئيس حكومة إسرائيل بنيامين وانتهى بإلغاء التقاط صورة مشتركة للاثنين، بعد أن أعلن نتنياهو قبيل بدء اللقاء أن أي اتفاق مع إيران لن يكون ملزما لإسرائيل.
ووفقا لما ذكرته صحيفة يديعوت أحرونوت في عددها الصادر صباح الاحد الموافق 10/11/2013، إن إسرائيل أدارت في نهاية الأسبوع، حربا يائسة لوقف ومنع التوصل لاتفاق بين إيران ودول الغرب، عبر اتصالات ماراثونية مع وزراء خارجية الدول الأوروبية في جنيف لحثهم على رفض شروط الاتفاق كما رشحت من جلسات الحوار بين إيران والدول الغربية.
وبحسب يديعوت أحرونوت فإن الدراما الدبلوماسية التي وصلت أوجها في اللقاء بين كيري و نتنياهو الجمعة، واصلت صعودها عندما وصلت لإسرائيل تفاصيل الاتفاق المزمع التوقيع عليه مع إيران مما خلف مشاعر "سيئة للغاية" عند المسئولين الإسرائيليين بأن الولايات المتحدة قد تخلت عن مصالح إسرائيل، بعد أن وعدت بتقديم تسهيلات خفيفة لإيران لكنها وافقت في جنيف على تقديم تسهيلات جوهرية من شأنها أن تقضي كلها على منظومة العقوبات المفروضة على إيران.
نتنياهو يدير العملية السياسية و ينطلق من عملية مركبة في إدارة الصراع فهو يستخدم موضوع الفلسطيني كستار لمواجهة الضغط الدولي، وهو يقوم بعدة مناورات مثل موافقته على الدخول في المفاوضات مع الفلسطينيين التي ستكون مدتها تسعة اشهر، وهو يدرك انها تسير في طريق مسدود في ظل البناء الاستيطاني، كما انه يناور كذلك في الملف الايراني سواء كان تهديد جدي للأمن في المنطقة، أو تهديد وجودي لإسرائيل كما يدعي نتيناهو وإدخال حساباته الدينية والإيديولوجية في الموضوع الايراني.
وهو يحاول أيضاً كما قال احد المعلقين الاسرائيليين انه يدافع عن العالم السني في مواجهة الخطر النووي الايراني الشيعي، فالخطر النووي الايراني لا يهدد اسرائيل وحدها فقط فهو يهدد كل المنطقة العربية، لذا فان السعودية متفقة ولو ضمنيا في الموقف مع اسرائيل وتحارب من اجل منع الاتفاق الامريكي الايراني.
نتنياهو تلقى عدة ضربات على اثر الانتخابات الايرانية وصعود قيادة معتدلة والتوجه الايراني الجديد في التعامل مع امريكا والغرب، لذا وفي ظل اسقاط امريكا والدول الغربية الخيار العسكري، و عدم قدرة اسرائيل على توجيه ضربات عسكرية ضد ايران من دون مساعدة امريكية، لذا اختار التصعيد ضد الادارة الامريكية لكنه فشل في اثنائها عن التراجع على التوقيع على اتفاق، فهو يحاول ربما يستطيع تحقيق في تغيير بعض بنود الاتفاق لمصلحة اسرائيل ومنع التنازل عن العقوبات العسكرية والاقتصادية ضد ايران.