فاتورة الكهرباء،، فكرة وحكاية

كنت ومجموعة من الأصدقاء نتحدث عن الكهرباء وأزمتها، وبالرغم من انقطاعها لمدة 12ساعة مقابل 6 ساعات في اليوم، وما زالت فواتيرها كما هي دون نقصان بل بزيادة، فبدأنا نقاشنا حول الموضوع، وسألوني كوني عملت في شركة الكهرباء ماهي الآلية المتبعة في خطوات عمل الشركة لسحب الفواتير، هل هي سرقة علنياً أم هي "استهبال" للشعب..

فكان بدوري وعهداً على نفسي أن أقول حقيقة الأمر فهو كان واجب العمل في قسم العلاقات العامة للشركة ولكن للأسف ما كان يهمها..

فسبب ارتفاع قيمة فاتورة الكهرباء علماً بأنها تقطع يومياً والشهر عبارة عن عشرين يوماً وليس ثلاثون أو أقل من عشرين والدفع أكثر مما كانت عليه سابقاً.

ضحكت وسألت مجيبةً عن تساؤلات أحدهم،، هل جلست يوماً بجانب زوجتك وهي تخبز، فأجاب بنعم، فسألته هل عدد الأرغفة هو هو، قال نعم نحن معتادون على خبز 30 رغيفاً كل ثلاثة أيام وأنا كما تعلمين لا أمارس عملي حيث أنني موظف سلطة رام الله، ونتلقى الرواتب ونحن بالبيوت، سألته هل شعرت بشيء يختلف عن زمان، قال نعم كانت تخبز بنصف ساعة أما اليوم ساعة وأيام أكثر والعدد هو هو، ضحكت وقلت له أجبت على سؤالك بنفسك".

لم يفهم ما قلته وأراد التوضيح فقلت كما ساهم العرب في نكبتنا عام 1948 ساهموا أيضاً في انقسامنا البغيض عام 2007، وما ترتب عليه من حصار الأخ لأخيه، حيث كنا تحت حكومة واحدة وأصبحنا نحكم وندار بحكومتين مختلفتين مناكفتين، والضحية واحد ألا وهو المواطن.

نعم المواطن والكهرباء السلعة الوحيدة التي لعب عليها الطرفين لعبتهم القذرة على دم غزة المحتقن، وأصبحت من أساسيات الانقسام اللعين.

فكان هناك اتفاق مع الحكومة المصرية بإمداد قطاع غزة بالكامل من كهرباء مصر توقف بفعل الانقسام، وكانت كمية الكهرباء وقوتها الواردة من الجانب المصري لمدينة رفح أكثر وأقوي، ومع الانقسام ولعب الحكومة المصرية على وتر الكهرباء كعامل ضغط لإجبار الحكم بغزة بالقبول بأجندة المصالحة المصرية، ثم تخفيض قوة التيار، وبدأ القطاع بالحصار وكان حصار الأخ العربي والفلسطيني أخطر من الحصار الاسرائيلي، فأصاب عصب الحياة في مدينة رفح تحديداً الكهرباء الواردة للمدينة من الجانب المصري.

فجاء دور الانفاق لتحل بعضاً من مشكلة الحصار، لكنها أهلكت كاهل المواطن الغزي بحيث لا يدري، وكانت هناك طبقة من المنتفعين على جراح المواطن، فأغرق القطاع بالأدوات المصنعة من مصر من (ثلاجات وغسالات ومكاوي وسخانات وطناجر كهرباء) وكلها أدوات تستعمل في بيوتنا وكلها تدار بالكهرباء ومصممة على "فولت" معين.

وقد قامت إحدي الجهات برفح بإجراء تجربة لاختيار الصناعة المصرية على الكهرباء الواردة من اسرائيل، والأجهزة الاسرائيلية على كهرباء مصر، وكانت النتيجة التي توقعها الخبراء إذ أن الفرق كبير بين قوة التيارين والنتيجة لك الله يا غزي.

فكان العائد للشركة رهيب فالاستهلاك زاد على السحب الطبيعي، يعني إذا كانت كمية الاستهلاك الشهرية من الجانب المصري عبر خطوطه الثلاثة المغذية لرفح تقدر بمليون ك.واط، ويقوم قسم حسابات المشتركين بقراءة عدادات المواطنين، ويكون صافي سحب المواطنين مليون ونص كيلوا واط. فمثلا كيف ومن أين جاء النص مليون ك.واط الزائد.

أسرد لكم الواقع، فجاء من ضعف الجهد على الخطوط المصرية، وبالتالي يزيد السحب على عدادات المواطنين بكل الأدوات ما يقارب زيادة ثلث الكمية المعتادة سابقاً بنفس الأدوات، هذا يعني لوكان سحب مواطن مائة ك.واط اليوم معدل سحبه مائة وثلاثون ك.واط، علماً بأننا نتكلم عن شريحة بسيطة كمثال فقط، ولكن على أرض الواقع الكلام زيادة بكثير.

إذن أصبحت مشكلتنا سياسية أكثر منها عملية، فلا حل للمشكلة إلا بإنهاء الانقسام وحينها فقط نستطيع أن ننعم بكهرباء عادية وبدون منغصات للحياة.

المهم، نعود لموضوع الكهرباء وآلية سحب الكهرباء، فحسب معلوماتي أنه كلما ضعف الأمبير زاد الجهد على العداد، فكيف ذلك؟؟

نجيب نحن لكم وكان الأجدر على الشركة أن توضح كل هذا، فقوة الضغط العالي من الشركة الاسرائيلية هو 22000 ك فلط، أما قوة الضغط العالي من الجانب المصري ما بين 18500/19000 ك فلط.

هذا يعني على افتراض الثلاجة المصنوعة في اسرائيل تحتاج وقت أطول في التشغيل لكي تعطيك ما يلزم، وكما صممت الغسالة كذلك وطنجرة الكهرباء فتحتاج وقت أطول لكي تنتهي من نضج الخبز وكل هذا يزيد السحب على العداد.

والغريب في الأمر أن البضاعة المصرية نفس الشيء، حيث صنعت تحت أمبير مختلف عن الأمبير الموجود عندنا في غزة من الأصل.

وعلى ذلك أصبحت حسبة شهرنا ليس ثلاثون يوماً بل أنها أكثر رغم انقطاع الكهرباء يومياً، وفعلياً شهر الكهرباء أقل من عشرين يوم.

ولو حسبنا تشغيل الكهرباء بالمنازل إلا أن سحب الكهرباء عملياً يكون أكثر من شهر من حيث ساعات عمل العداد الطبيعي، وكثير من منازلنا لا تعمل الثلاجات بشكل طبيعي حيث تحتاج لترنس، وهذا الترنس يسحب كمية رهيبة من الكهرباء وبالطبع تمر على العداد.

نذكر سابقاً حين كان القطاع يدار من كهرباء اسرائيل كان شهرها ثلاثون يوم، وكانت الفواتير معتدلة. لماذا؟؟

فالإجابة لأن قوة التيار كانت تعادل أدواتنا المنزلية من حيث الصناعة على نفس الفلط ونفس الأمبير.

هذا هو ما زاد علينا الاستهلاك، فيقول المواطن العادي كيف لنا لا نري الكهرباء، والفواتير بازدياد، أجل من حقه أن يسأل فالعلاقات العامة بمقرات شركة الكهرباء لا تقوم بواجبها اتجاه جمهورها كباقي الشركات وافهام الناس ما لها وما عليها بل إنهم غارقون بتهاني وتعازي الموظفين فقط، هذا أن كانوا يفهمون أصلا الحكاية؟!!