مع خالص تقديري ، لكل من سبقونا تاريخيا في العطاء والنضال ، إلا اننى اعتبر أن ذلك حق وواجب ، بل ودين على الجميع أن يفنى حياته من اجل وطنه الذي أعطاه ، أكثر بكثير مما أعطي إليه ، إن هذه المعطيات تربينا عليها ضمن نسقنا الديني والقيمى والاجتماعي ..
وان يصل الأمر إلى تحويل بعض من البشر إلى آلهة تعبد وتزين جدران الشوارع والبيوت ودور العبادة بصورهم، لينحني الكثير أمامها ، هذا النهج مرفوض ، في عالم التكنولوجيا وازدياد عالم المعرفة .
ما راعني وشد اهتمامي هو حالات الفقر والبؤس الذي يعانى منها الشباب ، والعزوف عن الزواج لقلة الحال والإمكانيات والبطالة المنتشرة والمتوغلة في صفوف شبابنا وخاصة الخريجين
في الوقت الذي نجد فيه أن فصائلنا الوطنية والإسلامية المحلية منها والعربية وغيرها ، تنفق ملايين الدولارات لإحياء ذكرى انطلاقاتها ، أو ذكري موت زعيمها - مع أنى لست ضد أحياء ذكرى العظماء - ولكن هنا أتحدث عن تلك المبالغ المالية الطائلة التي تهدر ، واليافطات القماشية والصور الملونة التي تنتشر في كافة أرجاء الأراضي الفلسطينية .. كل هذا لإحياء الأموات ، مع أن الأحياء يموتون فقرا وجوعا !
لو فكرنا بالأمر قليلا ، وعملنا حسبة بسيطة لمجموع الأموال التي تهدر وتنفق على المهرجانات والصور وغيرها ، وسخرنا تلك الأموال لعمل مشاريع تشغيلية لشبابنا الضائع ، ألا نجد العلاج ؟ ، أم مصلحة أصنامنا الحزبية ، وأمواتنا أفضل بكثير من مصلحة شبابنا المضيعين بشكل مقصود ممن ارتضوا لقب الزعيم ، ولو قدر للزعماء الميتين أن ينهضوا ووجدوا تأليههم والأموال التي تهدر ، لفضلوا الموت عشرات المرات عن هذا الحال المزري والضياع المخزي ..
فالقارئ لتلبك المعطيات والبيانات الإحصائية يصدم بواقعنا الفلسطيني المرير حيث
أكثر من ثلث الشباب في الأراضي الفلسطينية يعانون من البطالة خلال الربع الأول من عام 2012 –حتى أوائل 2013
وتشير بيانات الربع الأول لعام 2012 إلى أن 36.6% من الشباب (15-29) سنة نشيطون اقتصادياً في الأراضي الفلسطينية بواقع 38.7% في الضفة الغربية و33.2% في قطاع غزة، كما بلغ معدل البطالة في الأراضي الفلسطينية بين الشباب لنفس الفترة 35.7%، وُسجل أعلى معدل للبطالة بين الأفراد في الفئة العمرية (20-24 سنة) بواقع 41.2% مقابل 38.6% بين الأفراد (15-19 سنة)، و29.3% بين الأفراد (25-29 سنة). من جهة أخرى، تركزت معدلات البطالة بين الشباب (15-29 سنة) الذين أنهوا 13 سنة دراسية فأكثر بواقع 43.7%.
والمذهل إحصائيا أن أكثر من ربع الشباب فقراء بدءا من عام 2010م ، وفقا ً للمفهوم الوطني للفقر ،فقد قدر معدل الفقر بين السكان وفقا لأنماط الاستهلاك الحقيقية 25.7% خلال عام 2010 (بواقع 18.3% في الضفة الغربية و38.0% في قطاع غزة).
كما تبين أن 14.1% من الأفراد في الأراضي الفلسطينية يعانون من الفقر المدقع (بواقع 8.8% في الضفة الغربية و23.0% في قطاع غزة).
هذا مع العلم أن خط الفقر للأسرة المرجعية قد بلغ 2,237 شيكل إسرائيلي ، وخط الفقر المدقع قد بلغ 1,783 شيكل، وبلغت نسبة الفقر بين الشباب (15-29 سنة) 26.1% وفقا لأنماط الاستهلاك الشهري (بواقع 18.4% في الضفة الغربية و38.7% في قطاع غزة).
مع كل هذا وتذكيرنا لمن يعرف وتنبيهنا لمن لا يعرف إلا أننا لازلنا نضع نظارات سوداء ، رغم أننا نرفع رايات بكل ألوان الطيف ،رغبة من البعض في قرصنة علمنا وتراثنا الفلسطيني الرافض للتجزأه والانقسام.