السؤال المطروح اين مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية

بقلم: عباس الجمعة

نحن نقف اليوم امام موضوع له أهميّة بالغة امام الواقع التي تعيشه مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية التي تعاني حالة الانهيار وهذا بكل تأكيد سيؤثر في حقيقته إلى انهيار الكيان المعنوي للشعب , وكل ذلك يعود الى عدم تعزيز الشراكة الوطنية الحقيقية اضافة الى حالة ترهل هذه المؤسسات وعدم تحسين أدائها في خدمة الشعب الفلسطيني، لما تمثله من موقع وطني جامع ، وهذا يتطلب تجديد واقع المؤسسات الفلسطينية التي يجب على القيادة الفلسطينية أن يحظى بأولوية اهتماماتها.
إن تطوير مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية على قاعدة الشراكة الوطنية اصبح مطلب هام وحيوي للشعب الفلسطيني ، وهذا يستدعي تطوير وتعزيز دور الاتحادات الشعبية الفلسطينية ، وخاصة الإتحاد العام للعمال الفلسطينيين ، والهلال الاحمر الفلسطيني ، والاتحاد العام لطلبة فلسطين ، الإتحاد العام للصحفيين والكتاب الفلسطينيين ، الإتحاد العام للمرأة الفلسطينية ، الإتحاد العام للمعلمين الفلسطينيين ، والإتحادات الرياضية والكشفية والشبيبة وغيرها من الإتحادات الفلسطينيه ، اضافة الى دائرة الشؤون الاجتماعية التي ترعى الخدمات الاجتماعية الواجب تقديمها لجماهير الشعب العربي الفلسطيني في جميع أماكن تجمعاته، والإشراف على رعاية أسر شهداء وجرحى الثورة الفلسطينية من خلال تخصيص الاعتمادات المالية من رواتب ومساعدات شهرية، اضافة الى دعم المشاريع التي تعنى بالشؤون الاجتماعية للمرأة الفلسطينية، والاعتناء بالتجمعات الفلسطينية المحتاجة
ان اللجان الشعبية الفلسطينية هي اللجان التي تهتم بالشأن الاجتماعي للمخيمات كان الهدف من وراء تشكيلها خلق جسم سياسي تمثيلي للاجئين باعتبار أن هذا الجسم موجود فعلاً ممثلاً بمنظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد لشعبنا الفلسطيني، بمقدار ما كان هدفها يتمحور بالمحافظة علي جوهر قضية اللاجئين بالدفاع عن حق العودة والتعويض ، يغيب اليوم عنها عقد المؤتمرات الشعبية التي من خلالها تبقي عيون اللاجئين مفتوحة باتجاه البوصله الحقيقية في نضالهم من اجل حق العودة إلي ديارهم وممتلكاتهم ، والتعويض أيضاً عما أصابهم من ضرر طوال فترة اللجوء والحرمان وهذا يتطلب التأكيد على الشراكة الوطنية في اللجان الشعبية بشكل جدي وحقيقي وانتخاب مممثليها من قبل الشعب ، وبذل كل ما هو ممكن لتنسيق عملها وتطوير دورها .وحتى تتمكن من مواصلة دورها في صيانة وتحصين واقع المخيمات وتتطلع الى دورها ايضا على مستوى الخدمات والحقوق الاجتماعية والاقتصادية التي يجب أن يتمتع بها اللاجئون الفلسطينيون .
ان الخدمات الطبية والصحية التي يعاني غالبية اللاجئين منها بسبب عدم تأمين المال اللازم مما يضطرهم إلى طلب العون من الجمعيات الأهلية وحتى إلى التسول في بعض الأحيان من اجل الحصول على العناية الطبية بسبب عدم توفر الامكانيات في الهلال الاحمر الفلسطيني من جهة، وجهة اخرى تقليص الاونروا لخدماتها أصبحت الخدمات والرعاية الصحية في أدنى مستوياتها.

ان الفلسطينيين الذين قدموا التضحيات من الشهداء والأسرى عبر عمر الثورة الثورة الفلسطينية يقفون بارتباك حقيقي ودهشة ما بعدها دهشة، وهم يرون ان البعض من القيادات يذخر الاموال ويعالج في افخم المستشفيات ويشتري ما يحلو له ، اضافة انه يحمل جنسية اخرى وهو ليس بحاجة الى شيئ ، بينما المناضلين الذين قدموا اغلى ما يملكون لا يحصلون على رتبة ولا مساعدة ، بل يأتي تقيمهم بدرجات متفاوتة من قبل الادارة المركزية ، وحتى ان اعتمادهم ليس بالتاريخ الذي انتموا اليه بالثورة ، فاين العدالة، واين مكافحة الفساد ، ولماذا لم يسأل البعض عن ارصدته المالية ، ومن اين لك هذا.
ان الفلسطيني الذي يراقب عن بعد من انضموا فجأة الى صفوف الثورة ، وتحولوا بين يوم وليلة الى رجل له من الأكتاف العريضة وارتداء أرقى الأزياء وشراء افخم الشقق والفيلات والتبجح بانه شيئ ، بينما يقف المناضل الفلسطيني والعربي الذي قدم الغالي والنفيس لهذه الثورة امام حسرة تخنقه وهو يسأل لماذا وصلت الثورة الى هذا الحد .
ان منظمة التحرير الفلسطينية ، باعتبارها حركة تحرر وطني، تضع استراتيجيات مواجهة ونضال، تشترك فيه أوسع الفئات الاجتماعية، من اجل حماية المشروع الوطني الفلسطيني، من حيث كونه مشروعا تحرريا، يهدف إلى إنهاء الاحتلال، ويتضمن حق العودة، وتقرير المصير، بالإضافة إلى الدفاع عن الحقوق الفردية والجماعية للشعب الفلسطيني في فلسطين وفي الشتات.
أما التحدي الكبير الذي لا يمكن إعادة البناء سوى بتحقيقه، كما أرى، فهو إيجاد الأدوات القادرة على إعادة البناء، والتركيز على جوهر العمل الديمقراطي، وتوفير الفرص والخدمات، بما يضمن حرية التعبير، وحرية وسائل الإعلام، وحرية التجمع والتنظيم، بالإضافة إلى حقوق الأفراد.
ان غياب الشباب الفلسطيني عن الحضور، واقتصار المشاركة، على ممثلي الفصائل وممثلي الجمعيات الأهلية العاملة في الوسط الفلسطيني، يؤكد ان البعض يتجاهل غياب الصوت الثالث المستقل، الذي يحمل موقفا مغايرا القوى الفلسطينية .
ان عدم معرفة رأي الشباب فيه، والبناء عليه، تبقى هناك ثغرة يجب الالتفات إليها بوعي وبعناية، (ليس من قبل المراكز البحثية فحسب؛ بل من قبل السياسيين، وصانعي السياسات) حول ضرورة إشراك الشباب، ليس لمناقشة الأوضاع السياسية الفلسطينية فحسب، بل للاستماع الواعي إلى الأسباب التي تمنعهم من المشاركة، ثم لتحديد مسؤولية القوى الفلسطينية المختلفة، في تهميشهم، وبالتالي غيابهم، والبحث في الوسائل التي تضمن المشاركة، إذا اردنا أن نبني مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية حقا وان لا يكون اللون الواحد المسيطر عليها ، أو نرمم ما يجب تغييره، ونصنع مستقبلا أفضل لفلسطين، وللفلسطينيين، أينما وجدوا.
ان منظمة التحرير الفلسطينية عبرت عن الهوية الوطنية الفلسطينية التي كانت معرضة للتبديد، و أخرجت الشعب الفلسطيني من حالة اللجوء والوصاية واليأس والإحباط وجعلت القضية الفلسطينية قضية شعب يناضل من اجل الحرية والاستقلال والعودة .
ان الحفاظ على المنجزات الوطنية وأبراز دور منظمة التحرير الفلسطينية، دون المحسوبيات الذي يسعى البعض اليه بهدف الوصول إلى المراكز القيادية ، يهدد بتدمير طموحات ومصالح الشعب الفلسطيني ، فتطوير المنظمة يكون عبر تفعيل وتطوير عمل مؤسساتها وليس عبر هدمها ، حتى تستمر في دورها الحقيقي في تمثيل الشعب الفلسطيني .