غزة في ظلام دامس

بقلم: سامح فارس

تظهر تأثيرات انقطاع التيار الكهربائي لفترات طويلة بشكل يومي على قطاع غزة، بشكل بارز على حياة المواطنين، وطالت كافة القطاعات الإنشائية والصحية والتعليمية والمصانع والبلديات والبيوت، وانعكست سلبياً على مصالح المواطنين باختلاف شرائحهم وطبقاتهم المجتمعية.

إن الوضع لا يقتصر على نقص كميات التيار الكهربائي الناجمة عن توقف محطة التوليد عن العمل، بل يزيد من سوء الأوضاع الإنسانية وسرعة ترديها النقص الحاد في كميات الوقود بأنواعه المختلفة الأمر الذي يحول دون قدرة المواطنين والمؤسسات على تعويض النقص بتشغيل مولدات الطاقة الكهربائية الخاصة.

وفي الوقت نفسه ، يسهم ذلك في شل الحركة في القطاع ويحول دون قدرة السكان على الوصول إلى أماكن عملهم أو جامعاتهم ومدارسهم أو حتى إلى المستشفيات، التي اضطرت لطلب مساعدات طارئة من اللجنة الدولية للصليب الأحمر.

كما يتسبب انقطاع التيار والنقص الحاد في الوقود والمحروقات بآثار كارثية على خدمات أساسية لا يتوقف أثرها عند جودة الحياة، بل يتجاوزه إلى تهديد الحق في الحياة خاصة فيما يتعلق بالخدمات الطبية بما فيها عمل المستشفيات والمراكز والعيادات الطبية والاحتفاظ بالعينات في المختبرات وبنوك الدم، وحتى ثلاجات حفظ الموتى، وكذلك بخدمات تزويد المنازل بمياه الاستخدام المنزلي ومحطات معالجة مياه الصرف الصحي، وقدرة المواطنين سكان البنايات العالية على الحركة، سيما منهم المرضى وكبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة.

بالإضافة إلى ذلك هناك آثار اقتصادية كارثية ولاسيما وأن الأوضاع الاقتصادية متدهورة أصلاً في قطاع غزة، حيث يتسبب انقطاع التيار والوقود بتوقف تام في المنشآت الصناعية المختلفة، وارتفاع كلفة الإنتاج وبالتالي أسعار المنتجات الصناعية والزراعية والداجنة، إضافةً إلى خطر تلف اللحوم والمجمدات الأخرى، ما يلقي بأعباء مادية كبيرة على كاهل التجار والمستهلكين، الذين يعاني القسم الأكبر منهم من الفقر المدقع في قطاع غزة .

وتأثرت كافة القطاعات الاقتصادية بفعل أزمة الكهرباء , القطاع التجاري و الصناعي و الزراعي هذا بالإضافة إلى كافة قطاعات الخدمات , وتأثر القطاع التجاري بقلة الحركة التجارية وضعف القوة الشرائية لدي المواطنين نتيجة لارتفاع معدلات البطالة والفقر , إضافة إلى الأعباء المالية التي يتحملها أصحاب المحال التجارية نتيجة شراء السولار والبنزين و صيانة المولدات.

أما على صعيد القطاع الصناعي أدي انقطاع التيار الكهربائي لزيادة تكلفة الإنتاج و انخفاض الطاقة الإنتاجية للمصانع و اتجه العديد من أصحاب المصانع إلى تشغيل العملية الإنتاجية في مصانعهم حسب جدول الكهرباء , حيث أنهم لا يستطيعون استخدام السولار الإسرائيلي لارتفاع تكاليفه مما سوف يساهم في ارتفاع تكلفة المنتج , وتكبدهم خسائر فادحة نتيجة تلف العديد من المنتجات خاصة في الصناعات الغذائية هذا بالإضافة إلى تكاليف صيانة الماكينات و الآلات و الأجهزة الالكترونية نتيجة تكرار الأعطال و عدم انتظام التيار الكهربائي.

ولم يكن حال القطاع الزراعي بالأحسن حيث أدي انقطاع التيار الكهربائي إلى توقف المئات من آبار المياه عن العمل , وعدم توفر المياه اللازمة لري المزروعات المختلفة وتعرض العديد من المحاصيل الزراعية للتلف، بسبب توقف الآلات التشغيلية كما تأثرت مصانع التعليب والفرز والتي تعتمد على التبريد بشكل كبير.

كما أثر انقطاع الكهرباء على عمل مزارع الدواجن وعمليات الإنتاج والتفريخ ، ومطاحن القمح و مصانع الأعلاف ومصانع منتجات الألبان ، وأدى انقطاع التيار الكهربائي إلى تلف العديد من الأدوية البيطرية واللقاحات التي تحفظ في مستودعات الأدوية في ظروف تبريد خاصة.

أما على الصعيد الاجتماعي فالعديد من المواطنين لقوا حتفهم بسبب مولدات الكهرباء إما نتيجة لسوء الاستخدام أو لعدم جودة تلك المولدات وعدم وجود أنظمة الحماية الكافية فيها و نتيجة للتخزين الخاطئ للسولار و البنزين , كما أن العديد من المواطنين أصيبوا بحالات اختناق , حتى وصلنا إلى تحديد الزيارات العائلية و الاجتماعية بناء على جدول الكهرباء .