أزمة المشاركة التنظيمية في حركة فتح

بقلم: رمزي النجار

تركت أزمة المشاركة التنظيمية في حركة فتح أثاراً سلبية على أرض الواقع لا تخطئها عين الناظر، فباستقراء واستقصاء واقع القاعدة الفتحاوية نجد أن الأزمة تبدو واضحة على صعيد العمل التنظيمي كما أنها تبدو بصورة أوضح على صعيد حقوق العضو وواجباته.
حيث أفرزت أزمة المشاركة التنظيمية الكثير من السلبيات على صعيد العمل التنظيمي والتي يمكن رصد أهم مظاهرها في الاختلال في شرائح القاعدة الفتحاوية، فإذا نظرنا إلى أي قاعدة حزبية وحاولنا تحديد شرائحها من حيث المشاركة في اتخاذ القرار، فإنه يمكن التمييز بين شرائح متعددة، فهناك شريحة المشاركين النشطين هم الذين يمارسون حقوقهم لما يتصفون بالنشاط والاهتمام ويتسمون بالتفاعل والتجاوب ويملكون القدرة على التأثير في القاعدة الحزبية، لأنهم في الغالب لهم حضور فعلي ولديهم الشعور الثقة بالذات، كما أنه يوجد شريحة المهتمين أو المتابعين وهم من المشاركين الذين تأخذ مشاركتهم معنى ضيقاً، إذ يقتصر دورهم على التصويت حين الانتخابات الحزبية كل فترة وأخرى، والاهتمام بالأحداث الجارية داخل الحزب، وهناك شريحة ثالثة يطلق عليهم السلبيين أو غير المهتمين، وهم أولئك الأعضاء الذين لا وعى لهم ولا اهتمام لديهم بما يجرى حولهم، وتنصب همومهم على واقع الحياة المعيشية العادية، وبالتالي يسقطون في هاوية الشعور بالاغتراب عن الواقع الحزبي، أما الشريحة الرابعة يطلق عليها الحركيين المشاغبين الذين يقومون بالاحتجاج على هذا الواقع من خلال أعمال فردية يعبرون منها عن عدم رضائهم عن أداء قيادتهم الحزبية.
ولو استقرأنا واقع حركة فتح وفي أذهاننا ذلك التمييز بين الشرائح فسوف نجد أن النزعة الفردية في التنظيم الفتحاوى قد أوجدت خللاً في شرائح القاعدة الفتحاوية، ويبدو هذا الخلل في اتساع دائرة أعضاء الشريحة المعبرة عن عدم الاهتمام والحركيين المشاغبين وضيق وتقلص دائرة أعضاء الشرائح المعبرة عن الاهتمام بالمشاركة .
ولما المشاركة الشكلية والموسمية في الحياة التنظيمية داخل حركة فتح هى الصفة السائدة نظراً لوجود النزعة الفردية في الأغلب، فالقرارات التنظيمية تتخذ بالفعل من قبل القيادات العليا، ثم تكون دعوة القاعدة الفتحاوية للمشاركة دون خضوع تلك القرارات للتصويت أو النقاش العام، وغالباً ما يجد العضو نفسه خاضعا لقرارات وتوجهات وسياسات مختلفة لم يسهم حقيقة في وضعها، ولم تعبر عن آماله وتطلعاته ومطالبه.
وفي إطار هذا النهج الفردي تأتي ظاهرة القائد الواحد لتؤكد بدورها مدى شكلية وعدم فعالية المشاركة التنظيمية في حركة فتح، وإذا كانت الفردية في التنظيم قد أفرزت مشاركة تنظيمية شكلية، فإنها قد أدت إلى جعل المشاركة التنظيمية مشاركة موسمية تقتصر على التصويت الموجة في الانتخابات للأطر القيادية في الحركة، وتخضع لصور مختلفة من التلاعب والتزوير، قصد من وراء إجرائها إضفاء الشرعية على تصرفات قيادة الحركة لمرحلة بحد ذاتها وفقا للمزاجية الشخصية.
وقد أخلت الفردية في التنظيم بمفهوم مبدأ تكافؤ الفرص في تولي موقع متقدم للقيادة داخل الحركة، وأصبحت المؤتمرات التنظيمية تفصل تفصيلا معينا لصالح قائد بعينه لأنه يطمح أن يكون في المراتب العليا على حساب الآخرين وانعدام فرصة التنافس، وهذا يمثل مظهراً من مظاهر الخوف وعدم الثقة بين القاعدة الفتحاوية والقيادة، ولم تقف التداعيات السلبية للإخلال بمبدأ تكافؤ الفرص عند ما ذكرناه سابقا، وإنما تعدتها إلى ممارسة أهل الثقة لكل أنواع التجاوزات التنظيمية والمالية دون حسيب أو رقيب.
بالإضافة إلى التباعد بين النظام الأساسي للحركة والواقع، الأصل أن النظام الأساسي وجد لكي ينفذ ويحترم، فأن من المهام الأساسية للنظام الأساسي للحركة إقامة التوازن بين القيادة والقاعدة الفتحاوية بحيث يتم استيعاب كافة قيادات الحركة في مواقعها التي تستحق في إطار مسايرة التطور والتقدم الديمقراطي، ويجب أن تقوم الحركة على مبدأ أساسي أن التنظيم في خدمة أعضائه، وتعمل أطر الحركة القيادية على حماية حقوق العضو الأساسية في التنظيم.
لذلك قد ترتب على هذا التباعد بين النظام الأساسي والواقع أن قيادة التنظيم لم تعد تأخذ بنصوص المواد الواردة في النظام مأخذ الجد، وغالباً ما تتخذ القرارات التنظيمية بروح النظام، وأحيانا أصبح العضو يأخذها كما تؤخذ الشعارات البراقة.
وأخيرا أن الخلط بين السلطة وقيادة التنظيم قد أدى إلى خلق الكثير من التداعيات السلبية على صعيد العمل التنظيمي، وبالتالي أصبح التنظيم يتحمل تبعيات أخطاء السلطة مما يخلق حالة من النفور وإثارة مخاوف الناس، لذلك يتطلب أن تكون شخصية السلطة الوطنية وذمتها المالية مستقلة عن التنظيم للقيام بدورة الريادي في قيادة الشعب وتكوين الرأي العام على مجريات الأحداث بمختلف أنواعها .
بقلم/ رمزي النجار
[email protected]