الاسرى هم شعلة النضال ، هم رموز الحرية ، وكل التقدير والاعتزاز لدور اللجنة الوطنية للدفاع عن الاسرى والمعتقلين في سجون الاحتلال الصهيوني في لبنان ، هذه اللجنة ومعها الحملة الاهلية لم تأل جهدا في سبيل دعم قضية الاسرى ، ولكن السؤال المضحك والمبكي في آن ، اين نحن من قضية الاسرى ، اين الفصائل والقوى ، اين الجمعيات والمؤسسات الاهلية ، من التضامن مع هؤلاء المناضلين اسرى الحرية وشعلة النضال .
اتوقف امام هذا الموضوع لنسأل هذه القيادات التي تفتخر بنفسها انها شيء عظيم وتمثل الشعب الفلسطيني المناضل ، وبعض المؤسسات والجمعيات التي تحرض على الفصائل ودورها ، اين انتم من الاسرى فعلا وقولا ، ممن تقدموا الصفوف وحملوا أرواحهم وسنوات عمرهم على أكفهم وساروا بها نحو عتمة الزنازين، على ماذا تراهنون على مفاوضات عقيمة من اجل إطلاق سراح الأسرى، صحيح أن لكل لغته تجاه قضية الأسرى، ولكن يمكن القول، في هذا الزمن العربي الرسمي الصامتْ المحكوم بأفكار الظلام والتخلّف والخضوع وأوهام الربيع ان صمود احمد سعدات ومروان البرغوثي وفؤاد الشوبكي في مجابهة السجان الصهيوني تظل نبراسا مضيئا تتحدى ظلام المرحلة وهبوطها بمثل ما نتحدى بشاعة الانقسام والصراع على السلطة والمناصب.
ان حياة الاسرى والاسيرات رغم معاناة الاعتقال وقسوة العدو وجغرافيا الزنزانة لم ولن تَصغُر أحلام الأحرار و أحلام الثّوار التي ستظل كبيرة ، التي تستلهم من صمودهم مزيدا من القوة والنضال من أجل استعادة روح الشعب الفلسطيني واستنهاض مسيرته الثورية حتى تحقيق الأهداف التي استشهد من أجلها الآلاف .. واعتقل من اجلها الاسرى والاسيرات ، رغم الغياب الواضح لحد العجز عن التحرك لإظهار قضية الأسرى كأولوية وطنية وإنسانية كانت ولا تزال الأكثر إيلاماً على مدار التاريخ الوطني، فهل اصبنا بحالة من الخمول الوطني التي تدعو للتشاؤم، ولكن نقول الأسرى يصنعون تاريخهم وامجادهم .
أن المعاناة المتفاقمة للأسرى في ظل الأوضاع المتوترة والتطورات الخطيرة التي تشهدها المعتقلات والسجون الصهيونية والإجراءات والممارسات العقابية الغير إنسانية التي تنتهجها إدارة مصلحة سجون الاحتلال بحق الآسري بشكل يتعارض مع مبادئ حقوق الإنسان ويتنافى تماما مع الاتفاقات الدولية المتعلقة بحقوق الأسرى المحتجزين في قبضة الاحتلال إنما تهدف إلى قتل الإنسان الفلسطيني والنيل من صموده
وأنا هنا لا أضع نفسي موضع المتابع والمقيم والمحاسب ، وإنما الألم الذي اعتصر قلبي هو ما دفعني للكتابة، لعل كلماتي تصل للمعنيين ، فالأسرى بحاجة إلى مشاركة قوية ، وحضور دائم ، وفعل متواصل ، وعناء وشقاء بلا حدود ، بل يحتاجون منا لأكثر من ذلك ،وعلى الفصائل والقوى والجمعيات والمؤسسات أن تقدم نماذج ايجابية لابناء شعبهم ، في ظل ضعف الحضور والمشاركة العامة في الفعاليات التضامنية مع الأسرى.
أن وحدة الأسرى في مثل هذه الظروف التي يعايشها الشعب الفلسطيني هي وحدة تعكس روح المقاومة والحياة وتعزز الإيمان المطلق لشعب فلسطين بعدالة قضيته وبحريته ونضاله وحقه في العودة وتقرير المصير وإقامة الدولة المستقلة بعاصمتها القدس.
ان الانتصار لقضية الأسرى يكون بالمقام الأول بإعادة الاعتبار لخيار المقاومة ، وأن تكون المقاومة هي المدخل لتحريرهم ( وثانياً ) بوضع قضيتهم بشكل مستمر على جدول أعمال المنظمات الدولية ذات الصلة وبإثارة قضيتهم إعلامياً، وفضح ممارسات الاحتلال ،وأخيراً بنبذ خيار الانقسام والالتزام بمتطلبات الوحدة الوطنية.
أن أسرى الحرية يصنعون الملحمة الحقيقة بصمودهم وإرادتهم وان الاستجابة لصرخات الأسرى المدوية والمنبعثة من خلف قضبان سجون الاحتلال والتضامن مع الحركة الأسيرة والأسرى المرضى، وخاصة الأسرى القدامى وذوي الأحكام العالية والمرضى،هو واجب كل فلسطيني وعربي وما يتطلبه من عمل وطني فاعل وهام لفضح جرائم الاحتلال وكشفها والتصدي لها بشكل يومي ، فالمعركة هي معركة الأسرى الآبطال .
فالتضامن مع الأسرى يجب ان لا يقتصر على الحضور العابر، أو الظهور الإعلامي والتصريحات عبر الفضائيات وابواق الإذاعات او القاء الكلمات ، انما يجب أن تقترن الأقوال بالأفعال على أرض الواقع من خلال المشاركة العملية والفعلية في الاعتصامات واللقاءات التضامنية.
ختاما نقول : ان على كافة الفصائل والقوى الوقوف صفا واحدا خلف قضية الأسرى والمطلوب من كافة الفعاليات والمؤسسات الأهلية نصرة الحركة الأسيرة التي تتعرض لشتى أنواع التعذيب النفسي والجسدي والعزل والحرمان وسياسة العقاب التعسفي.
كاتب سياسي