الجميع يشك كثيراً إلا فرنسا .....!

بقلم: هاني العقاد

قصف مقر الرئاسة الفلسطينية في رام الله بالدبابات والطائرات والمدافع ومنع الجيش الإسرائيلي أحداً من الدخول أو الخروج من المقر بعد أن نشر القناصة في كل مكان والهدف كان ياسر عرفات , فتشوا كل البيوت والطرقات المحاذية حاصروها ,راقبوا تحركات عرفات من الداخل والخارج بالطائرات , لم يبقي بين عرفات والموت تحت جنازير الدبابات إلا خمسة أمتار كعادته اندهش العالم وصدم الشعب الفلسطيني للاندهاش الصامت بعد أن قتل الجيش الإسرائيلي ما يقارب 200 عنصر من الحرس الرئاسي , انتشر خبر تفخيخ مبنى المقاطعة بسرعة كبيرة يومي 20 و 22 سبتمبر,انفجر الشارع الفلسطيني في كل مكان حتى السجون وخرجت المظاهرات في أوروبا وأمريكا والصين وكبري دول العالم تطالب بوقف تصفية عرفات ,وكان هناك من القادة الإسرائيليين من أيد ذلك لأنه اعتقد أن تصفية عرفات عسكريا سيجعل من عرفات قائد وزعيم أسطوري وسيؤلب الرأي العام الدولي ضد إسرائيل كثيرا حسب ما اعتقدوا ,لذا نصح مستشاري شارون بتصفية عرفات بطريقة صامتة أخري هنا أوعز للجيش بوقف دهم مقر عرفات و تصفيته عسكريا بعد أكثر من 30 يوم دون هوادة , واستبدلت الخطة العسكرية بالخطة (ب) وهي التي وصلت للاستخبارات العسكرية دون تفاصل وكان مكتب شارون قد اعتمد تلك الخطة وأعيد انتشار الجيش الإسرائيلي حول المقاطعة وبقي الحصار مفروضا مع بعض الليونة لمن يريد الدخول إلى مقر المقاطعة من الصحفيين والمتضامنين السياسيين وبعض الشخصيات السياسية الفلسطينية ,لكن التنفيذ يحتاج إلى وقت لهذا استمر حصار عرفات ثلاث سنوات للتمكن إسرائيل من تصفية عرفات بالطريقة التي يصمت معها العالم و يبدو موته طبيعيا .

هكذا تحركت إسرائيل وعلى دائرة قطرها ثلاث أشخاص شارون وزير الجيش وفريق تنفيذ المهمة وكان الإعلام الإسرائيلي يعمل في اتجاه أخر حينها حيث كان يبث التقارير التي تفيد بأن الجيش الإسرائيلي يهدف من وراء حصار عرفات وقف دعمه للانتفاضة الفلسطينية المسلحة والعمليات التي تنفذ في شوارع المدن الإسرائيلية الكبرى كتل أبيب والقدس و رمات غان والمجدل , ومنذ أن اعتمدت الخطة (ب) اعتمد رجال الاستخبارات الإسرائيلية أسلوبا سريا للغاية لإدخال البولونيون إلى جسد ياسر عرفات وأرجح هنا أن عرفات تناول البولونيوم عن طريق الفم لان تأثيره كان سريعا واعتقد أن البولونيوم المشع وصل جسد عرفات على اعتبار انه احد الأدوية التي يعتاد عرفات تناولها وكانت الاستخبارات الإسرائيلية قد استبدلتها أثناء تفتيش سيارات الإسعاف التي تنقل الدواء والطعام للمقاطعة المحاصرة , وقد يكون البولونيوم وصل بطريق أخر, لكن في النهاية وصل البولونيوم ولم يطول حصار عرفات في المقاطعة وخرج للعلاج بعد تدهور حالته الصحية ومعرفة إسرائيل أن البولونيوم 102 تمكن من جسد الرجل والنهاية حتمية , لذا سمحت إسرائيل بسفر عرفات إلى فرنسا ورفع الحصار عن المقاطعة .

 

هناك في فرنسا بدأت القصة وعرفت فرنسا كيف مات عرفات..! وما نوع السم الذي دخل جسد عرفات إلا أن الاستخبارات الإسرائيلية لاحقت عرفات حتى وهو على سرير العلاج,وداخل مستشفي بيرسي لتتنكر فرنسا للحقائق وتنكر أنها تعرف سبب موت ياسر عرفات وتركت هذا مجهولا , اليوم وبعد ظهور نتائج فحص العينات التي أخذت من رفات الرئيس الراحل ياسر عرفات جاءت التقارير السويسرية والروسية متقابلة حيث أقروا بوجود كميات كبيرة جدا من البولونيوم بما يفوق نسبته 83% أي أكثر 18 من المعدل الطبيعي في رفات أبو عمار وهذا النوع من البولونيوم 102 المشع قاتل جداً , الدهشة كانت عندما صدرت نتائج الفحص الفرنسي واقر بأن عرفات مات موت طبيعي ولا يوجد أي شك في تسميم عرفات بأي مادة مشعة أو غير مشعة "ولم يمت مسموما" لاحظوا لم يمت مسموما أنها عبارة الكذب...!, لا يعقل أن يكذب السويسريين والروس وليس لهم غرض في تزوير الحقائق ولا يمكن أن نشك ولو لبرهة أن تقاريرهم غير صحيحة وعلى أثرها اعتقد أن لجنة التحقيق بدأت تربط خيوط الجريمة , فرنسا لها ما لها من الصدق لكن ليس في هذا الملف فاعتقد أن الإسرائيليين وصلوا للفرنسيين وابرموا معهم صفقة ما لتأتي النتائج بما ترغب إسرائيل دون الاكتراث بنتائج فحص السويسريين والروس ,ويكون بهذا عنصر شك كبير يدخل إلى ملف التحقيق ليربك لجنة التحقيق الخاصة ويدخل فرضيات أخري.

حسب نظريات الاحتمالات فان تطابق نتائج الروس والسويسريين تؤكد أن نتائج الفرنسيين مزورة وما ظهر في تقريرهم ليس بالحقيقة وهذا بالتأكيد يعقد البحث والتحقيق قليلا ,واعتقد أن المقصود هو تشتيت التحقيق و إبعاده كثيرا عن حقيقة الجريمة وهذا أسلوب خطير تلجا له إسرائيل في الغالب , لكن من ناحية أخري فان نتائج فحص رفات عرفات بفرنسا لا تشكل أهمية مقابل نتائج الفحوص الروسية والسويسرية وعليه فان كذب فرنسا بات مفضوحا وبات حكاية تشير إلى أن باقي خيوط جريمة قتل ياسر عرفات استكملت في فرنسا , وما يدلل أن بصمات إسرائيلية وراء تقرير فرنسا هو سرعة تعليق المتحدث باسم وزارة الخارجية الإسرائيلية على التقرير الفرنسي بالقول أن النتائج لم تمثل مفاجأة لإسرائيل , وهذا يعني أن إسرائيل تعرف نتائج التقرير مسبقا .