الأردن ،،،وعضوية مجلس الأمن

بقلم: آمال أبو خديجة

:


أخيراً سمعنا عن عضوية دولة عربية بمقعد غير دائم في مجلس الأمن ، حيث أن مجلس الأمن في الأمم المتحدة يتشكل من 15 عضو خمسة منهم دائمين وهي الولايات المتحدة الأمريكية، الصين ، روسيا ، فرنسا، بريطانيا ، و عشرة أعضاء غير دائمين يتم إنتخابهم من قبل الجمعية العامة لمدة سنتين على ألا يعاد إنتخابهم مرة ثانية مباشرة .
عُهد إلى مجلس الأمن السعي لتحقيق الأمن والسلم العالمين حيث يسعى لحل النزاعات بالطرق السلمية والعلاقات الودية والتفاوض والحواروتحسين علاقات الجوار وحسن النية بين الأطراف، فهذا الهدف ليس يسيراً تحقيقة أمام مجلس الأمن في ظل ظروف عالمية تقوم على الصراع والتنافس لإمتلاك القوة بكل أنواعها .

هل عضوية المملكة الأردنية الهاشمية غير دائمة في مجلس الأمن ستحقق مصالح للمجتمع العربي والقضية الفلسطينية ؟ وما حجم النجاح الذي ستناله في عضويتها بمجلس الأمن مقابل عضوية الدول الدائمة ؟
لا بد أن مهمة المملكة الأردنية الهاشمية في عضويتها غير دائمة في مجلس الأمن لن تكون سهلة وميسرة بصورة تحقق فيها الكثير من الأهداف لصالح المجتمع العربي أو القضية الفلسطينية ، فمجلس الأمن يضم خمسة دول دائمة العضوية تتمتع بصلاحيات واسعة ومن أهم هذه الصلاحيات حق الإعتراض على أي قرار ( الفيتو ) في مجلس الأمن ، وكون هذه الدول تتشكل من الدول الكبرى في العالم ومن أهمها الولايات المتحدة الأمريكية صاحبة الهيمنة الكبرى على العالم في هذا الوقت فسوف تواجه الأردن بالفيتو الأمريكي الذي يقف بالمرصاد لأي قرار لمصلحة القضية الفلسطينية .
فالقرارات التي تصدر عن مجلس الأمن يجب أن تحصل على موافقة تسعة أصوات من عضوية الدول الخمسة عشر في المجلس أما القرارات الهامة وغير الإجرائية يجب أن تحصل على تسعة أصوات شريطة أن تكون الدول الخمسة الدائمة ضمن التسعة أصوات وإلا لا يصدر القرار .
فالدول غير دائمة العضوية كما الأردن حالياً لا يحق لها حق إستخدام الفيتو إلا إذا جمعت سبعة أصوات من الأعضاء في مجلس الأمن وفي الغالب أن دورها يقتصر فقط على المساندة في القرارات التي تصدر من قبل الدول الكبرى دائمة العضوية مما يجعل الأمر بالنسبة للقضية الفلسطينة صعبة المنال أمام هيمنة الولايات المتحدة الأمريكية ومساندتها المطلقة إلى الجانب الصهيوني .
الولايات المتحدة الحليف الأكبر للكيان الصهيوني مما ستحول كما هي دائماً من أن تسمح للأردن أن تمارس أي صلاحية أو إصدار قرار يتعلق بمصلحة القضية الفلسطينة وخاصة قرار الإعتراف بالدولة الفلسطينة في مجلس الأمن حيث يتوجب على الأردن أن تجمع تسعة أصوات ومن ضمنها الولايات المتحدة الأمريكية وهذا من الإستحالة حدوثة من قبلها لصالح القضية الفلسطينية كما أن أي قرار يتعلق بالإستيطان الإسرائيلي والمستوطنين أو يخص القدس أو انتهاكات للجيش الإسرائيلي أو قضية الأسرى لن تقف الولايات المتحدة في دعمها ومساندتها بل الفيتو هو الحل الوحيد لديها .
وحتى تستطيع الدول غير عضو في مجلس الامن إصدار قرار فيتو أو إبطال فيتو قائم يجب أن تجتمع سبعة دول غير دائمة العضوية لذلك وهذا من المتوقع صعوبة تحقيقه لمصلحة القضية الفلسطينية نتيجة للعلاقات بين الدول القائمة على المصالح المشتركة فيما بينها فلن تسارع بسهولة للوقوف إلى جانب القضية الفلسطينة أو مساندة ودعم الأردن في قراراتها المؤيدة للقضية الفلسطينية كما أن ممارسة الولايات المتحدة الأمريكية لسياسة التهديد للدول بالعقوبات وقطع العلاقات سيكون رادعا آخرللدول الأعضاء في مجلس الأمن .
لعل الأردن في عضويتها غير دائمة في مجلس الأمن تحقق بعض الأهداف للمجتمع العربي ولكن لا أتوقع أن تحقق الكثير للقضية الفلسطينة لكون سياسة مجلس الأمن لا تقوم على العدل والإنصاف بوجود حق الفيتو ضد أي قرار وضعف الدعم الغربي للدول العربية وقضايا المجتمع العربي .

حق الفيتو للدول دائمة العضوية يتناقض مع مبدأ المساواة
أهم المباديء التي قامت عليها الأمم المتحدة هو مبدأ المساواة بين الدول حيث تتمتع جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة بنفس الحقوق والواجبات مهما كان حجم الدولة أو مكانتها العالمية أو تطورها ، فالدولة التي أكتملت عناصر تشكيلها واعترفت بها منظمة الأمم المتحدة واكتسبت شخصية معنوية قائمة على حق السيادة وحرية إستخدامها ضمن إرادتها الذاتية سواء على المستوى الداخلي أو السيادة الخارجية .
وبما ان هذا المبدأ يعطي حق المساواة لجميع الدول فيجب على الأمم المتحدة أن تعيد النظر في مسألة توزيع العضوية داخل مجلس الأمن حيث أن العضوية الدائمة لدول محددة تحت ذريعة أنها دول كبرى في العالم لا يعد منصف، ماذا لو فقدت دولة من هذه الدول الكبرى مكانتها بين الدول وصعدت دولة أخرى مكانها لتكون في مقدمة الدول فهل ستبقى الدولة متمتعة بعضويتها الدائمة في مجلس الأمن وتُهمش الدول الكبرى الجديدة ، كما أن تحديد العضوية بعدد محدد من الدول غير منصف من ناحية حجم وعدد الدول في العالم ، و طبيعة إختيار الدول في عضويتها في مجلس الأمن لا تقوم على أساس التوزيع الجغرافي للقارات العالمية.
لذا يجب على الأمم المتحدة أن تعيد هيكلة أجهزتها الرئيسية والصلاحيات الممنوحة لها لتحقيق مبدأ المساواة بصورة حقيقية وليس تخصيص بعض الدول على حساب تهميش دول أخرى حيث أن حق الفيتو للدول الكبرى يجب أن يُلغي في مجلس الأمن ويجب أن تخفف صلاحيات الدول الدائمة وأن تكون العضوية بصورة دورية بين جميع الدول في العالم لتحظى كل دولة عضو في الأمم المتحدة بفرصة العضوية في مجلس الأمن دون تصنيفها لدول عضوية دائمة ودول عضوية غير دائمة .

آمال أبو خديجة